غزة تدفع إلى الموت لأن حماس تتسلط على أهلها منذ سنوات وتحول بينهم وبين البحث عن بدائل لمقاومتها العبثية، لأن حماس ترهبهم وتوظفهم غير عابئة بدماء أو بدمار لمواصلة اشتباكها مع إسرائيل وللضغط على السلطة الفلسطينية فى رام الله وتفريغ حل الدولتين من المضمون، لأن حماس لا تعرف إلا الحرب الأبدية وتنفر من السلام والاستقرار والرخاء الموعود، ومن ثم يصبح القضاء على حماس هو الحل الوحيد لإنقاذ فلسطين – أنت هنا، عزيزى القارئ وبعد المقولتين المختزلتين المتعلقتين بمسئولية حماس والفصائل الأخرى عن العدوان الراهن وبتآمر القيادات المقيمة فى الفنادق القطرية على أهل غزة لحساب البقاء السياسى والأجندات الإقليمية المشبوهة واللتين تناولتهما بالتفنيد فى مقالة الأمس، أمام مقولة مختزلة ثالثة تتداول مصريا (وعربيا وعالميا بالمناسبة) وتنطوى على استخفاف بالغ بحقائق غزة وبحقائق فلسطين.
فى مواجهتها، تنفى أوضاع قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلى وإلى اليوم كون حماس توظف التسلط والإرهاب لحمل الفلسطينيين على التضحية بأرواحهم وبأجسادهم ضد إرادتهم، فالثابت هو أن مقاومة آلة القتل الإسرائيلية أوسع بكثير من حماس وسراياها وعناصرها وأن صمود غزة فى وجه الوحشية وجرائم الإبادة المتكررة هو نتاج تضامن مجتمعى شامل.
مجموعة من المراهقين سياسيا والباحثين عن أدوار وأضواء إعلامية يعلنون عن قوافل مساعدات غزة للمزايدة على الموقف الرسمى لمصر، ثم ينصرفون بعد تسجيل «المواقف العنترية» إلى حال سبيلهم وإلى حياتهم الهادئة، مقولة مختزلة رابعة تتصدر مشهد الرأى/ التعليق على الأحداث فى الصحافة التقليدية وفى مواقع التواصل الاجتماعى.
فى مواجهتها، تصرخ حقيقة أن المشاركين فى قوافل مساعدة غزة هم فى الأساس مجموعة من المصريات والمصريين الشباب من غير المعروفين للإعلام، مجموعة لا تملك إلا التبرع بالوقت والجهد والقليل من المال للتضامن الإنسانى مع الشعب الفلسطينى. فى مواجهتها، تصرخ حقيقة أن النشطاء /الشخصيات العامة/ السياسيين الذين شاركوا فى الفعاليات التضامنية كانوا يعلمون مسبقا أنهم يسبحون ضد التيار العام ولن يحصدوا إلا الهجوم /النقد/ السخرية، تصرخ حقيقة أن قوافل المساعدات ومؤتمرات التضامن مع فلسطين جاءت لكى لا يختزل الموقف الشعبى فى مصر فى من يروجون لخطاب كراهية فلسطين، وفى من يجترون عبارات اليمين المتطرف فى إسرائيل، وكأنها أصبحت من مقومات التفكير النقدى، وفى من يسفهون المقاومة الفلسطينية بقصرها على الفصائل والصواريخ ويتناسون أن كل فلسطين تقاوم. فى مواجهتها، تصرخ حقيقة أن إدانة الإرهاب وحربه على مصر لم يتخلف عنها أحد من المتعاطفين مع غزة تماما، كما لم يتخلفوا عن التضامن مع الجيش والشرطة وشهداء الوطن والواجب، وأن القضاء على الإرهاب والعنف يستدعى العمل الجماعى والسلم الأهلى وتقوية الجبهة الداخلية والاستماع إلى بعضنا البعض والامتناع عن إطلاق الاتهامات الجزافية. فى مواجهتها، تصرخ حقيقة أن أخلاقيا وفكريا وإنسانيا لا يوجد أردئ من الهجوم غير المبرر أو السخرية ممن يتضامنون بأدوات محدودة مع شعب يتعرض لعدوان وحشى ولجرائم إبادة ويفعلون ذلك سباحة ضد تيار الهيستيريا والفاشية العام وفى ظروف مجتمعية قاسية.
لكنه الاختزال الأسهل بكثير من البحث عن المعلومات والحقائق وإعمال النظر وممارسة الاختلاف دون تسفيه أو تشكيك، لكنه الاختزال.. عشان المقالة تطلع أحلى!