لينين عميل و«بتاع» أجندات - سيد محمود - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:09 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لينين عميل و«بتاع» أجندات

نشر فى : الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 - 8:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 - 8:40 م
لم تجد الذكرى المئوية الأولى للثورة الروسية التى جرت فى أكتوبر 1917 فى وسائل أعلامنا الاهتمام الذى يلائم أهميتها كحدث تاريخى سبب زلزالا سياسيا غيّر من شكل القرن العشرين، فى حين اهتمت بالمناسبة عدة صحف عالمية وعالجتها بصيغ تجاوزت الوقوف بين «مع» أو «ضد» ورأت فيها فرصة لطرح التساؤلات أكثر من تقديم أجابات.
وأكثر من يثير الدهشة فيما تابعت أن روسيا وهو البلد الذى انطلق من تلك الثورة بشعاراتها الأممية المبشرة بالتغيير كان واحد من أكثر بلدان العالم ترددًا فى التعاطى مع فكرة الاحتفال.
وأول أمس بثت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرًا مثيرًا أشار إلى أن الكرملين أو مؤسسة الرئاسة الروسية تخشى «إعطاء صورة إيجابية لأى تغيير فى النظام باستخدام القوة»، وقال مدير الاستخبارات الخارجية ورئيس الجمعية الروسية للتاريخ سيرجى ناريشكين إن الثورة «تجلب دائما الدماء والموت والدمار والكوارث والروس يعرفون «قيمة الاستقرار».
وطبعا نحن فى مصر لا نزال نذكر بكل الخير دعاة الاستقرار ويبدو أنهم صاروا دعاة لأممية جديدة لها أنصار فى روسيا التى لم تشأ بدورها أن تذكر مواطنيها بالحركات الثورية التى أدت فى نهاية المطاف إلى سقوط آخر قيصر لروسيا نيكولاس الثانى فى (مارس) 1917، ثم بعد سبعة أشهر وصل البلاشفة بقيادة لينين إلى السلطة وأعلنوا بعد ذلك فى عام 1922 قيام الاتحاد السوفيتى على أنقاض الأمبراطورية الروسية.
وكما أشارت الأنباء سيقتصر الاحتفال فى روسيا على عدد من المعارض والندوات التى سيحضرها مؤرخون وخبراء يشددون (بنص الخبر) على أهمية الوحدة الوطنية والمصالح مع تجنب القضايا الحساسة».
وحسبما أوضح مدير الاستخبارات الخارجية فقد تم قبل عام تحديد الخط العام الذى يجب اتباعه، قائلا: إن هذه الذكرى «ليست لتنظيم مناسبات رسمية أو للاحتفال بها بل لاستخلاص الدروس».
وقبل أن تسأل نفسك: «أين ومتى قرأت أو سمعت مثل هذا الكلام»، عليك أن تعلم أيضًا أن بوتين طلب ألا تضم لجنة الاحتفال» أى عضو فى الحزب الشيوعى الحالى أو ممثل للتيار الملكى» منعا للمشاكل. 
أما «الدروس التى يجب استخلاصها» بالنسبة إلى الكرملين فهى واضحة ــ بتعبير وكالة الصحافة الفرنسية ــ وهدفها «الوقاية من أى محاولة احتجاج على السلطة فى الشارع وخصوصًا قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى (مارس) 2018، وبات من المؤكد أن بوتين سيترشح فيها لولاية رابعة.
وفى روسيا كما يذكر التقرير وعليك أن تصدق ذلك: «تقوم السلطات «بشيطنة» أى شكل من أشكال الاحتجاج، وترى فى أى احتجاج اجتماعى أو سياسى عمل قوى «غير وطنية» مرتبطة بدرجة ما بجهات خارجية.
والمثير أكثر من كل الفقرات التى قرأتها هنا: أن تقريرًا آخر بثته إحدى وكالات الصحافة الروسية منذ فترة نقل فقرات من كتاب جديد نشرته دار «ألبينا نون فيكشن» عنوانه «هل كانت حتمية تاريخية؟.. الأحداث المفصلية فى الثورة الروسية»، جمع فيه السفير البريطانى السابق فى روسيا السير، طونى برينتون، مجموعة من المقالات لعدد من المؤرخين الغربيين منها مقال للمؤرخ البريطانى، شون ماكميكين، شرح فيه كيف وصل لينين إلى صدارة مشهد الثورة الروسية. ورأى ببساطة أن لينين عاد إلى روسيا بإيعاز من الخارجية الألمانية، حيث أذن بذلك شخصيا المستشار الألمانى آنذاك تيوبالت فون باتمان ــ غولفيغ. بل إن برلين «وفرت خمس ملايين قطعة نقدية ذهبية من أجل انتقاله وبداية نشاطه فى روسيا».
يعنى بعد كل هذه السنوات مطلوب منا أن نصدق أن لينين بعقليته العملية المعملية الفذة «عميل وبتاع أجندات» بينما الأجدر أن يعيد المؤرخون والخبراء طرح سؤاله الأهم: ما العمل؟ أو التفكير مجددًا فى معنى الثورة واضعين فى الاعتبار ما شرحته الفيلسوفة «حنا أرندت» فى كتابها «رأى فى الثورات» حين أكدت أن الثورة لا تعنى إلا العودة إلى ما كان قائمًا فى السابق عندما كانت الأمور على ما يرام، لكن السؤال هل كانت الأمور فى أيامه وفى أيامنا حقا على ما يرام؟