لجنة كهذه طالبت بها منذ ١٢ فبراير لبناء الشراكة الحقيقية بين المجلس الأعلى والحركات والتجمعات السياسية. أما الآن وبعد تراكم أخطاء كثيرة خلال الأشهر الماضية فإن تشكيل لجنة استشارية لا يزيد على أن يكون حلا تجميليا وتحليليا لا يقدم جديدا. مصر تحتاج لنقل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية لحكومة إنقاذ وطنى تتولى ملفات الأمن وإجراء الانتخابات والعدالة الانتقالية، على أن يظل المجلس الأعلى قائما بدوره فى حماية الوطن والدفاع عن تماسك مؤسسات الدولة.
مصر لا تحتاج لإدارة المرحلة الانتقالية بعد ١٠ أشهر من التعثر لاستشارات أو مستشارين. مصر لا تحتاج لتوليد أفكار وتصورات فى لجان استشارية. فقد تأخر الوقت كثيرا على هذه المحاولات. نحتاج فقط لإدارة جادة للمرحلة الانتقالية وصولا لبناء المؤسسات الطبيعية التى ستكون لها شرعية حكم البلاد بعد صندوق الانتخابات، أى البرلمان المنتخب والرئيس المنتخب. اليوم ومع أزمة شرعية العسكرى ليس أمامنا إلا نقل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية لحكومة إنقاذ وطنى ودون دفع العسكرى بعيدا عن مهام الدفاع والأمن القومى والحفاظ على الدولة.
مصر تحتاج بعد القتل العمدى للمواطنين فى ميادين التحرير وعنف الداخلية غير المبرر والمتكرر لحكومة إنقاذ وطنى تدير الملف الأمنى بهدف الإصلاح الفورى. مصر تحتاج للبدء فى أعمال العدالة الانتقالية بمحاسبة جميع المسئولين جنائيا وسياسيا عن قتل وإصابة المصريين. مصر تحتاج لإجراء الانتخابات البرلمانية على نحو يضمن نزاهتها ومشاركة المواطنات والمواطنين الواسعة بها، ويضمن أيضا تأمينها. لست مع تأجيل الانتخابات البرلمانية، فهيبة الدولة على المحك وميادين التحرير لا تطالب بتأجيل الانتخابات. فقط يمكن ترحيل المرحلة الأولى لتصبح بعد المرحلة الثالثة أو بدء الانتخابات الاثنين المقبل، وترحيل المحافظات المضطربة كالقاهرة والإسكندرية والفيوم للمرحلتين الثانية والثالثة. مصر تحتاج لحكومة إنقاذ وطنى تهيئ جيدا للانتخابات الرئاسية وتغادر موقع المسئولية ما إن تشكل حكومة لها أغلبية برلمانية بعد انتخاب البرلمان.
لم أكن أتمنى إضافة مستوى استثنائى آخر للسياسة فى مصر بعد الثورة بحكومة إنقاذ. إلا أن تراكم الأخطاء خلال الأشهر الماضية والغضب الشعبى المتصاعد لا يتركان لنا فى ظنى إلا هذا البديل. ليس هذا وقت اللجان الاستشارية.