باريس حفل نهر السين الغامض! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

باريس حفل نهر السين الغامض!

نشر فى : الخميس 25 يوليه 2024 - 6:40 م | آخر تحديث : الخميس 25 يوليه 2024 - 6:40 م

** حفلات افتتاح الألعاب الأوليمبية هى المباراة الأولى لكل مدينة تستضيف هذا الحدث الرياضى الضخم . وكل مدينة تعرض ثقافة وحضارة دولتها فى هذا الحفل، وتتحدى بعروضه ماسبق من افتتاحات وماهو قادم من افتتاحات. وحين ذهبت الألعاب إلى الشرق الاقصى بهرت كوريا الجنوبية والصين العالم بعروض عكست روح الشرق بينما أبهر السوفييت فى دورة موسكو 1980 الجماهير بدموع ميشا فى حفل الختام . وظلت عملية إضاءة الشعلة الأوليمبية وخفية ومبهرة .. فماذا أعدت باريس الليلة؟

** حفل افتتاح باريس سيكون فريدا فى كونه خارج الاستاد الاوليمبى وإنما فى نهر السين، وعلى ضفاف هذا النهر . ويوصف بأنه سيكون حفلا مبهجا وجريئا وجديدا . ويشارك به العديد من الفنانين والرياضيين عبر قوارب تحمل الوفود لمسافة ستة كيلومترات فى قلب النهر. الذى يعبر بمساره ومجراه وضفتيه عن شعار الدورة: «ألعاب مفتوحة». حيث يمضى بالنهر ما يقرب من سبعة آلاف رياضى من جسر أوسترليتز، شرق برج إيفل، إلى جسر يينا، على متن 200  عبّارة وقارب، ويتوقع أن يشاهد العرض نصف مليون متفرج ، من خلال مواقع على طول طريق الرحلة النهرية بتذاكر تصل قيمتها إلى 3 آلاف يورو تقريبا.

ومن المقرر أن يشاهد ما يصل إلى 500 ألف شخص العرض شخصيا من منصات بُنيت خصيصا، حيث تباع التذاكر بما يصل إلى 2700 يورو (2900 دولار)، بينما ستكون المشاهدة مجانية على ضفاف النهر ومن خلال المساكن المطلة عليه . وقال تونى استانجيه رئيس اللجنة المنظمة إنه سيكون احتفالا صعبا وقويا. عرض مفتوح تعلوه السماء، وأسفله الماء وضفاف جميلة وجسور ملهمة، وقوارب وربما غواصة أيضا. وسيكون ملهما للصحفيين فى وصفهم وللشعراء فى شعرهم؟!

**العرض من تصميم المخرج المسرحى توماس جولى، البالغ من العمر 42 عاما والمعروف بموسيقى «ستارمانيا». وهو يقود فريقا يضم كاتبة المسلسل التلفزيونى الفرنسى «اتصل بوكيلى»  فانى هيريرو، بالإضافة إلى المؤلفة الأكثر مبيعا ليلى سليمانى، والمؤرخ الشهير باتريك بوشرون.

وُزّع العرض على 12 قسما مختلفا، حيث يتمركز نحو 3 آلاف راقص ومغنٍ وفنان على ضفتِى النهر والجسور والمعالم القريبة مع تقديم 12 عرضا فنيا متنوعا خلال مسيرة الاحتفالية. وستُلقى تحية لـ كاتدرائية نوتردام التى يجرى تجديدها بعد حريق  فى عام 2019.

وسيبدأ الحفل الذى جرى التدريب عليه لمدة عامين نهارا حتى الغروب ثم ليل باريس الذى سيضاء بأضواء الليزر وذلك على أشكال متنوعة من الموسيقى والأغنيات الفرنسية القديمة والحديثة. ويتضمن الحفل إشارات  على مساهمة فرنسا التاريخية فى تطوير الديمقراطية، ومفهوم حقوق الإنسان العالمية، بفضل فلاسفة التنوير وثورتها عام  1789. وسيكون هناك ما يقرب من خمسين ألفا من قوات الأمن فى الخدمة.

** الساعات الأخيرة قبل الافتتاح عاش المنظمون لحظات القلق العظمى، فهم يقدمون حفلا يشاهده مليارات فى القارات، عبر شاشات التليفزيون وكل مدينة تنظم مثل تلك الاحتفالية تعيش هذه اللحظات العصيبة والتى باتت مصحوبة بحذر وحالة طوارئ أمنية ، وفى حفل افتتاح دورة أثينا على سبيل المثال أغرقت أرض الاستاد  بالمياه فى خدعة بصرية وبدا أن قاربا يبحر فيها بينما يسقط نيزك من السماء.. وكان شعار الدورة هو غصن زيتون لونه أبيض كان يقلد به الأبطال فى الألعاب الأوليمبية القديمة وهو يرمز إلى السلام . والخلفية الزرقاء كناية عن البحر والسماء فى أثينا . وأختير هذا الشعار ليعبر عن السلام ويوضح القيم الأخرى الموجودة فى الشجرة  المباركة لأثينا والتى تعنى الديموقراطية والثقافة وحركته الدائرية تمثل اتحاد العالم والاتصال بين القديم والجديد . أما التميمة فهى «فيفوس وأثينا» وهما طفل وطفلة على شكل دمية يونانية قديمة. وفيفوس هو إلهة النور والموسيقى وأثينا هى إلهة الحكمة والحماية لمدينة أثينا وهما يمثلان حلقة الوصل بين التاريخ اليونانى القديم والالعاب الأوليمبية الحديثة.

 ** ومثل كل مدينة تنظم الألعاب الأوليمبية يمتزج القلق بالسعادة والترحيب بالضيوف ورحبت أثينا بالضيوف  وبكلمتين فقط وهما: «مرحبا فى الوطن» .. أى وطنكم ووطن الألعاب الأوليمبية. وأذكر أن الكاتب اليونانى نيكوس ديمو قال عن دورة أثينا: «اليونان دولة صغيرة مغرورة بقدر كبير للغاية وشعبها مثقل بالتاريخ والأساطير!».

** نحن دائما أمام حفلة ضخمة يعيشها البشر وشعوب الكوكب فى بهجة وسعادة بمختلف أيديولوجياتهم ودياناتهم وألوانهم، وجنسياتهم ولغاتهم، إنها أكبر حركة سلام عرفتها الإنسانية..

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.