نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، يقول فيه إن العالم على أعتاب عصر طاقة جديد مع ازدياد استخدام السيارات الكهربائية خاصة فى عام 2020، متسائلا عن مدى استعداد الولايات المتحدة لتصنيع وترويج هذه السيارة بعد أن تفوقت عليها الصين وأصبحت أكبر دولة منتجة ومستهلكة للسيارة الكهربائية فى العالم... جاء فيه ما يلى.
يعمل خلال الفترة الحالية نحو عشرة ملايين سيارة كهربائية على طرقات العالم. لكن رغم هذه الملايين من السيارات، يبقى عددها هامشيا بالنسبة لمجمل عدد السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلى (المستعملة للوقود البترولى) التى تقدر أعدادها بنحو 1.2 مليار سيارة.
ورغم العدد الضئيل نسبيا لمبيعات السيارة الكهربائية لحد الآن، فقد ارتفع بشكل واسع عدد المبيعات خلال عام 2020، بحسب شركة «بريتش بتروليوم». وتؤكد وكالة الطاقة الدولية أن عدد مبيعات «الكهربائية» ارتفع 41 فى المائة خلال عام 2020 عن العام السابق.
يأخذ تطوير «الكهربائية» أبعادا مهمة فى مرحلة تقليص الانبعاثات الكربونية تحت مظلة اتفاق باريس المناخى، نظرا إلى الحجم الضخم لهذه الانبعاثات من سيارات محرك الاحتراق الداخلى التى سيتقلص عددها تدريجيا خلال العقود الثلاثة المقبلة، خصوصا خلال النصف الثانى من هذا القرن. من ثم، فالعالم فى طريقه لعصر طاقة جديد. هذا العصر الذى سيتطلب ليس فقط تغيير السيارة القديمة واستبدال السيارة الجديدة بها، بل وبحسب وكالة الطاقة الدولية، «كهربة» المواصلات الأرضية التى تتطلب أن 75 ــ 80 فى المائة من الكيلومترات التى تعبرها السيارات بحلول عام 2050 يتوجب أن تكون من قبل السيارة «الكهربائية»، هذا ناهيك عن تشييد مئات الآلاف من محطات الوقود والخدمة والشحن لـ«الكهربائية». إلا أنه، وعلى ضوء القوانين والتشريعات التى تم تبنيها عالميا، فإن الاتجاه هو بمنع بيع سيارة محرك الاحتراق الداخلى بدءا من 2025 فى بريطانيا وأواخر عقد الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات فى دول الاتحاد الأوروبى و2060 فى الصين. هذا يعنى أنه رغم منع بيع سيارة محرك الاحتراق الداخلى، فإنه يبقى من الممكن والمسموح به استعمالها على الطرقات. هذا معناه، أن العالم سيكون فى مرحلة ولوج عصر هجين، حيث ستُستعمل فيه السيارتان، مع انخفاض أعداد «التقليدية» وازدياد «الكهربائية» تدريجيا على مدى العقود الثلاثة المقبلة وحتى بعد عام 2050.
إن السؤال الكبير فى هذا التصور، هو ما مدى استعداد الولايات المتحدة لتصنيع وترويج «الكهربائية» فى سوقها الضخم للسيارات وفى بقية الأسواق العالمية؟ هذا السؤال له أبعاد جيواستراتيجية عدة: فقد تمكنت الصين من التفوق فى المرحلة الأولى من هذه المنافسة. إذ أصبحت الصين أكبر دولة منتجة ومستهلكة لـ«الكهربائية» فى العالم. لكن تحاول إدارة جو بايدن تغيير النهج الأمريكى فى هذا السباق. فاقترح الرئيس بايدن رزمة إصلاحات بتريليونات الدولارات على الكونجرس لتحسين البيئة والتغير المناخى، تشمل إعطاء الأولوية لتصنيع «الكهربائية». تتنوع أهداف هذا المطلب، حسب تصريحات المسئولين فى الحزب الديمقراطى ووسائل الإعلام الأميركية، منها: إعادة الدور الأمريكى الرائد فى صناعة السيارات وتشغيل الآلاف من العمال الأمريكيين، واسترجاع الولايات المتحدة كدولة رئيسة فى صناعة السيارات، بعد أن نزحت هذه الصناعة إلى دول أقل كلفة. أخيرا، وليس آخرا، منافسة الصين فى إنتاج «الكهربائية» كجزء من التنافس الاقتصادى بين الدولتين الكبريين.