بصورة سافرة تخلى المفاوض الأمريكى الذى تولى ملف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لسنوات طويلة «دنيس روس» عن أبسط ما كان يستر «حياديته» أو «نزاهته» كطرف ثالث، وأعلن بالفم الملآن أنه صهيونى بامتياز، وهاجم عبر خطاب ألقاه أمام تجمع مغلق فى نيويورك لليهود الأمريكيين الذين يؤيدون إنهاء الاحتلال الاسرائيلى وحل الدولتين قائلا «نحن لا نريد الدفاع عن الفلسطينيين، نحن نريد أن نكون حماة لإسرائيل».
وهاجم روس خلال هذا التجمع «النزعة الجديدة التى تجرى فى شريان اليهود الأمريكيين للدفاع عن الفلسطينيين» بحسب عبارات نسبت لحاخام الحفل الخطابى الذى نظم تحت شعار «إسرائيل على مفترق الطرق».
وقال روس الذى لقبه زملاؤه فى الفريق الأمريكى المفاوض بـ«محامى إسرائيل» عبر تسعينيات القرن الماضى، خاصة مفاوضات كامب ديفيد الشهيرة التى رعاها بيل كلينتون وشارك فيها الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل (آنذاك) إيهود باراك، قال فى الحفل الخطابى المذكور «هناك الكثيرون الذين يدافعون عن حق الفلسطينيين، ونحن لا نريد الدفاع عن الفلسطينيى.. نريد أن نكون حماة لإسرائيل» ــ بحسب تقرير لنشرة «موندو وايس» وكاتب التقرير فيليب وايس.
وقال روس الذى كان بصحبته رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود باراك، وشاركه فى الخطابة مع الحاخام آنجيلا بوكالدى «فى اللغة العربية الكلمة نعم هى نعم وكلمة لا هى لا وعندما كان يحين الوقت لاتفاقات سلام استخدم الفلسطينيون كلمة لا فقط» فى إشارة لرفض الطرف الفلسطينى القبول بحل سلمى.
***
يشار إلى أن مصدرا مطلعا على «التعيينات الوزارية المحتملة فى إدارة هيلارى كلينتون» أخبر «القدس دوت كوم» أن «دنيس روس يعتبر من بين الأسماء المدرجة على اللائحة القصيرة بين المتنافسين على موقع وزارة الخارجية الأمريكية خلفا لجون كيرى فى حال تم انتخاب كلينتون» فيما يعتقد آخرون أن تحقيق ذلك بالنسبة لروس «صعب المنال» رغم علاقته الطيبة مع الرئيس السابق بيل كلينتون، وعمله مستشارا رئاسيا فى دورة أوباما الأولى، حيث نسق عن كثب مع وزيرة الخارجية عندئذ هيلارى كلينتون.
ومن المتوقع أن يشهد التنافس على منصب وزير الخارجية تصعيدا بين قوى المحافظين الجدد الذى يدفعون بمساعد وزير الخارجية الحالى لشئون روسيا وأوكرانيا، فيكتوريا نولاند، (التى عملت ناطقة لهيلارى كلينتون) بزعامة زوج نولاند روبرت كيغان، ومجموعة المثقفين الدبلوماسيين الذين يحشدون قواهم للدفع بنيكولاس بيرنز، نائب وزيرة الخارجية السابقة (كونداليزا رايس 2005ــ2008)، أو ستروب تالبوت من معهد بروكينغز» ــ بحسب المصدر.
وهناك أيضا من يروج للمبعوث الأميركى للمفاوضات الأخيرة بين الفلسطينيين وإسرائيل التى جرت تحت رعاية جون كيرى بين أغسطس 2013 ونهاية مارس 2014، مارتن إنديك، خاصة وزيرة الخارجية السابقة (فى عهد كلينتون بدورته الثانية 1997ــ2001 ) مادلين أولبرايت، إلا أن «إسرائيل ــ أو على الأقل الحكومة الإسرائيلية الحالية تعارض ذلك بسبب انتقاداتها لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو» ــ بحسب المصدر.
وفى حديثه حث دنيس روس التجمع المذكور (لم يكن مفتوحا للنشر) على الضغط على الحكومة الأمريكية «للموافقة على فتح المجال أمام كل اليهود للوصول إلى حائط المبكى دون استثناء» وهو ما يفهمه البعض بأنه يشمل المسجد الأقصى الشريف.
وقال روس إن «مناقشة السياسات الإسرائيلية (من قبل اليهود الأمريكيين) ضرورة» وأعرب عن استيائه من أن الكثيرين فى الأوساط اليهودية الأمريكية أخذوا من ذلك (مناقشة السياسات الإسرائيلية) ذريعة لتوجيه اتهامات عدة لإسرائيل.
***
ويضغط «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» حيث يعمل دنيس روس كمستشار باتجاه تعيينه (روس) وزيرا للخارجية الأميركية علما أن معهد واشنطن هو مركز أبحاث انبثق عن اللوبى الإسرائيلى «إيباك» عام 1985 (وكذلك إيباك ذاتها) وآبراهام فوكسمان، زعيم منظمة «مكافحة التشهير» الذى قال «إن دنيس روس هو أقرب ما يكون لمحام عن إسرائيل» وعديد من القوى اليهودية الأمريكية العاملة فى الحقول المالية والسياسية.
وحقق دنيس روس من انخراطه فى المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل أرباحا طائلة عبر العديد من الكتب التى ألفها ونشرها عن المفاوضات، فضلا عن شبكات معقدة من التحليل والنشر والترويج لإسرائيل والدفاع عنها فى محافل متعددة مقابل رسوم ومكافآت مالية سخية.
يشار إلى أن روس كان يترأس «مؤسسة سياسة الشعب اليهودى» فى القدس عندما تسلم باراك أوباما البيت الأبيض عام 2009، وأصبحت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية وضغطت على أوباما «لتعيينه مستشارا من أجل ترطيب العلاقات مع إسرائيل» ــ بحسب مصادر موثقة.
وقال روس الأسبوع الماضى فى خطابه سالف الذكر، الذى ألقاه فى «معبد نيويورك المركزى» بحضور إيهود باراك «إن هيلارى كلينتون تفهّم إسرائيل أكثر بكثير من باراك أوباما».