الحبس الاحتياطى.. نقاشات فى الجوهر - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحبس الاحتياطى.. نقاشات فى الجوهر

نشر فى : الجمعة 26 يوليه 2024 - 7:45 م | آخر تحديث : الجمعة 26 يوليه 2024 - 7:56 م

«الحبس الاحتياطى» قضية كانت مثار اهتمام غالبية وسائل الإعلام المصرية، وأحيانًا العربية طوال الأيام الماضية، والسبب أن الحوار الوطنى بدأ مناقشتها بصورة موسعة على مدى جلستين طويلتين استمرتا حوالى ١٢ ساعة يوم الثلاثاء الماضى.

هذه القضية كانت أشبه بالمحرمات الممنوع مناقشتها أو الاقتراب منها فى الفترة الماضية، وبالتالى حينما تتم مناقشتها، وبحضور كل أطراف وأطياف العمل السياسى فى مصر، فالمعنى الواضح أن هناك تطورًا فى هذا الملف، ولا ينقصنا إلا أن نرى التوصيات محل تطبيق على أرض الواقع.

مناقشات يوم الثلاثاء الماضى تذكرنا بالمشهد السياسى الطبيعى الذى يفترض أن يكون موجودًا ويطرح فيه كل طرف رؤاه وحججه ومطالبه، ثم تجلس كل الأطراف لتنفق على المقترحات التوافقية التى تحقق أكبر قدر ممكن من مطالب كل الأطراف.

شخصيًا كنت أعتقد أن مسألة الحبس الاحتياطى سهلة وبسيطة، ويمكن أن تحل بقرار أو قانون إدارى أو حكومى أو تشريعى عاجل، لكن من الواضح أن الأمر متداخل، وليس بسيطًا، لكن أيضًا الأهم من القوانين والتشريعات، هو المناخ والأجواء.

مثلًا هناك كثيرون يعتقدون أن الحبس الاحتياطى مسألة لا تهم إلا مجموعة صغيرة من السياسيين المقبوض عليهم فى تهم سياسية تتعلق بآرائهم أو أفعالهم أو أنشطتهم، لكن ذلك غير دقيق، فالموضوع يهم الكثير من المقبوض عليهم فى قضايا جنائية، ليس لها صلة من قريب أو بعيد بالسياسة وخلافاتها.

أكثر من متحدث أشار إلى مثال أن البوليس يمكن أن يذهب للقبض على متهم فى منزله بتهمة الرشوة، وحينما يدخل بيته ويجد أدلة الجريمة، فإنه يكتشف أيضًا وجود مخدرات، وبالتالى فالمتهم يتم حبسه احتياطيًا على ذمة قضية الرشوة، وحينما تنتهى وقائع هذه القضية يبدأ حبسه على ذمة قضية المخدرات، وهناك احتمال مثلًا أن يقوم المتهم من داخل السجن باستئجار شخص لقتل الشخص الذى أرشد عن وقائع رشوته أو اتجاره فى المخدرات، وبالتالى سيتم سجنه احتياطيًا أيضًا بسبب هذه التهمة، وهذا المثال جرى بحثه بصورة معمقة فى الجلستين، تحت عنوان «تعدد الجرائم وتعاصرها».

شخصيًا ليس لدىّ خبرة قانونية كافية، لكى أدلى بدلوى بصورة كافية فى هذه القضية، لكننى استفدت كثيرًا من مناقشات يوم الثلاثاء الماضى، وأول ما استفدته أن هناك مشكلة تؤرق الجميع، وهى الحبس الاحتياطى، وأنه ينبغى أن نجد حلولًا معقولة وصحيحة لها، حتى لا تصبح مثل جرح يؤلم الكثيرين، ويمنع تعافى المجتمع سياسيًا.

ثانيًا: إن هناك توافقًا كبيرًا بين مختلف القوى السياسية على ضرورة معالجة هذه القضية، لكن الخلاف حول طريقة العلاج ومدة الحبس الاحتياطى، لكن غالبية من تحدثوا طالبوا بتخفيض هذه المدة سواء فى الجنح أو الجنايات.

فى جلستى يوم الثلاثاء الماضى، كانت هناك نقاشات معمقة لمدة الحبس الاحتياطى وبدائله، وكذلك، تعدد الجرائم وتعاصرها، والتعويض عن الحبس الاحتياطى فى حالة ثبوت البراءة، وأخيرًا التدابير المصاحبة للحبس.

فى الجلسة الأولى لفت نظرى كثيرًا كلام المستشار محمود فوزى، ليس فقط بصفته رئيس الأمانة الفنية للحوار، لكن - وهذا هو الأهم - باعتباره وزير المجالس النيابية والتواصل السياسى، وبالتالى فإن ما يقوله يكتسب أهمية مضاعفة، لأنه سيمثل رأى الحكومة وتوجهها فى هذه القضية. فوزى قال إن هناك ضرورة لتحقيق التوازن الدقيق بين التزام الدولة فى حفظ الأمن وتوفير الحياة الآمنة للمواطنين، ومواجهة الجرائم، والتزامها بضمان أصل البراءة المفترض فى كل إنسان.

كثيرًا ممن تحدثوا سواء كانوا مؤيدين أو معارضين قالوا إن المناقشات لا بد أن تقود إلى توصيات تعطى بدائل لعقوبة الحبس الاحتياطى حتى لا يتحول إلى أداة تعسف أو عقوبة فى حد ذاتها، أو يحد من حرية المواطن. النقاشات التى استمعت إليها يوم الثلاثاء الماضى، كانت مهمة جدًا حتى لو كان بعضها مكررًا.

وينبغى أن نحلل كل ما قيل باهتمام بالغ حتى نصل إلى أفضل حل يحظى بموافقة غالبية ممثلى المجتمع. مرة أخرى الكلمات السابقة ليست رأيًا نهائيًا فى القضية، لكنها مجرد رءوس أقلام، تحتاج إلى شرح مفصل حتى نعرض كل الآراء والأفكار، وبالتالى يمكننا الوصول إلى توصيات توافقية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي