الكلام الصعب في التفاصيل - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:54 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكلام الصعب في التفاصيل

نشر فى : الثلاثاء 26 سبتمبر 2023 - 10:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 سبتمبر 2023 - 10:40 م

أزمة السياسة فى مصر هى التفاصيل الفنية، والمعرفة المتخصصة، وبدائل السياسات المبنية على دراسات وتقييم بناء على معلومات. وقد انكشف هذا الوضع بعمق فى أعقاب 25 يناير 2011، حين انغمست النخبة فى أحاديث عامة، كثير منها سجالات حول قضايا جدلية مثل الدين والدولة، دون أن نرى مقترحات جادة حول تطوير أوجه النشاط الاقتصادى، والتعليم، والصحة، الخ، والتى ربما عرفت طريقها أخيرا فى جلسات الحوار الوطنى التى ضمت أطيافا من المتخصصين فى مجالات مختلفة. ويظل المصدر الأساسى للمقترحات الفنية هو جهاز الدولة، الذى يمتلك خبرات وإمكانات. ولا يعنى ذلك أنه لا توجد مقترحات حلول للمشكلات العديدة خارجه، لكن هذه المقترحات تحتاج إلى أن تقدم فى مسار سياسى، وتتطلب من يستمع إليها.

أقول هذا بمناسبة الانتخابات الرئاسية، التى حددت مراحلها، وبدأت مكاتب الشهر العقارى تستقبل الراغبين فى تحرير توكيلات للمرشحين. أتصور أن الانتخابات التى تستمر لأكثر من شهرين، تمثل فى ذاتها مناسبة للاطلاع على كلام جاد فى مختلف المجالات، نستمع إلى حلول ومقترحات وأفكار نشعر معها بحيوية المرشحين، ورغبتهم فى تقديم شىء جديد. ولا أرى الانتخابات منفصلة عما سبقها من أحداث، فهناك حوار وطنى فتحت فيه ملفات عديدة، ولم تناقش فيه قضايا أخرى، وهناك أيضا نشاط لأحزاب المعارضة فيما عرف بالحركة المدنية والتيار الحر، وغيرهما، طرحت فيه تصورات لمستقبل مصر. انطلاقا من ذلك، نريد أن نرى مرشحين يقدمون برامج انتخابية جادة للتعامل مع إشكاليات الحاضر، وتطلعات المستقبل. أسهل شىء أن تتحدث الكلام العام فى السياسة، وإذا ساد الكلام العريض الساحة، فما المانع أن يكون كل متابع لوسائل التواصل الاجتماعى مرشحا محتملا طالما أنه يلوك فى أمور عامة، شعارات أو أحاديث بلا سند علمى أو فهم، ولا يمتلك حلولا ورؤى متخصصة لمشكلات مركبة، يتداخل فيها ما هو محلى مع ما هو دولى.

أيا كان من سوف يفوز فى انتخابات الرئاسة، ولا نعرف حتى الآن من سيدخل السباق الانتخابى، فالجميع مرشحون محتملون، فما المانع أن نستمع من المتنافسين إلى كلام جاد متخصص فى قضايا العمل العام، يدفع نحو مزيد من الحوار فى المجتمع. فهذه الانتخابات تشكل مناسبة مهمة فى البناء السياسى الديمقراطى فى مصر، ليس فقط بالمشاركة، ولكن أيضا بالحوار الجاد حول قضايا حقيقية، وليس مجرد سجال حول عموميات الأمور.

ولا يعنى الكلام الجاد فى رأيى أن نرى مرشحين يسيرون عكس حركة المجتمع، فلا معنى لحديث يريد أن يعيد المجتمع خطوات إلى الوراء بدعوى أنه يريد أن يقدم حلولا مختلفة، أو يتحدث بلغة شعارات عفا عليها الزمن أكثر من حقائق الواقع.
بالتأكيد الكلام سهل، ولكن حقائق الواقع صعبة، والكل آذان صاغية لمعرفة الإجابة عن سؤال: كيف سنعبر تحديات الواقع؟

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات