عن تفتيت الأصوات فى الانتخابات وواجب المشاركة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن تفتيت الأصوات فى الانتخابات وواجب المشاركة

نشر فى : الأربعاء 26 أكتوبر 2011 - 9:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 أكتوبر 2011 - 9:55 ص

قبل أن يدخل الاستعداد للانتخابات فى مرحلته الحاسمة الراهنة بتقديم الأحزاب لقوائمها والمرشحين على المقاعد الفردية لأوراقهم، سعيت مع البعض من الناشطين فى الحياة السياسية إلى إقناع القوى الوطنية على اختلاف أطيافها بضرورة التوصل لقائمة موحدة فى الانتخابات يكون هدفها تبنى مطالب الدولة المدنية والتحول الديمقراطى والعدالة الاجتماعية وتواجه بقايا النظام القديم انتخابيا دون تفتيت لأصوات المتعاطفين مع الثورة بين تحالف ديمقراطى وكتلة مصرية وتحالف الثورة مستمرة وغيرهم.

 

فشلنا فى هذه المهمة وغابت القائمة الموحدة، بل إن انقسامات التحالفات والكتل والتنافس بين مرشحين على المقاعد الفردية تتشابه منطلقاتهم السياسية بلغوا حدا لم يعد معه الحديث عن تفتيت الأصوات مجرد توقع إنما حقيقة مقبلة. برلمان ٢٠١١ سيكون برلمانا منقسما ومفتتا بخليط من بقايا النظام القديم وجديد متنوع به أطياف إسلامية وليبرالية ويسار ومستقلة.

 

إزاء هذه الحقيقة المزدوجة، تفتيت أصوات وبرلمان منقسم، يصبح أمامنا فى مصر ثلاثة أهداف رئيسية ينبغى أن نسعى جميعا مواطن ومواطنين لتحقيقها. الهدف الأول هو العمل بكل الطاقات الممكنة لضمان نسبة مشاركة شعبية مرتفعة فى الانتخابات. انتخابات مصر قبل الثورة كان بطلها الرئيسى هو التزوير والأدوار الأخرى للتحايل على إرادتنا لعبتها خلطة العنف والمال والشعارات الدينية والخدمية بمعناها الردىء (لمجموعات صغيرة وبصورة صنعت الفساد والمحسوبية)، الذى ارتبط بنواب الوطنى المنحل. التزوير والخلطة هذه هبطا بنسب المشاركة فى الانتخاب إلى ما دون ٢٠ بالمائة. وما لم ننجح فى إشراك ما يفوق ٥٠ بالمئة من الناخبات والناخبين فى ٢٠١١ سنتيح الفرصة للشريحة المحدودة التى دوما ما خرجت للانتخابات ومارست التزوير والعنف أو حفزها المال أو الشعارات على المشاركة للسيطرة على تشكيل البرلمان القادم.

 

الهدف الثانى هو تمكين المواطن من الاختيار بوعى بين قوائم مختلفة ومرشحين متنوعين ودون خوف. أعلم أن هذا الهدف شديد المثالية وبعيد عن الواقع المصرى، كما أن الاختيار الواعى لا يتحقق إلا بعد جولات من الممارسة المستمرة. إلا أن المسئولية الوطنية وحقوق المواطن يحتمان علينا الاجتهاد فى حملات للتوعية وللتثقيف ببرامج الأحزاب والمرشحين على امتداد مصر. والإسهام الحقيقى هنا لن يأتى إلا من منظمات المجتمع المدنى والنشطاء. أما الأحزاب والمرشحون على المقاعد الفردية فلابد من أن ينفتحوا على المنافسة بحملات حقيقية توعى المواطنة والمواطن ولا تمتهنهما بشراء الأصوات أو بشوادر اللحوم والخدمات العينية.

 

الهدف الثالث هو إدارة حملات انتخابية نزيهة تبتعد عن العنف والتجريح اللفظى وغياب الموضوعية وترتكز إلى البرامج والأفكار. هذه مسئولية الأحزاب والمرشحين غير الحزبيين وعلى الجميع أن يدرك أن عيون الوطن عليهم وأن العودة للممارسات الانتخابية السيئة قبل الثورة سيكون لطمة قوية لثقة المواطنات والمواطنين فى الأحزاب ونخب السياسة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات