أسماء ودلالات - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:56 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسماء ودلالات

نشر فى : الثلاثاء 26 نوفمبر 2019 - 11:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 نوفمبر 2019 - 11:10 م

لا تفهم أحيانا معانى أسماء القرى والنجوع والكفور وأحيانا الشوارع، وأظن أن كثيرا منها غير مفهوم بالنسبة للسكان المقيمين فى هذه الأماكن خاصة مع تعاقب الأجيال، لا نعرف مصدر هذه الأسماء المتوارثة، قد تعود إلى وقائع تاريخية غابرة، أو تحريف فى نطق بعض الأسماء، أو حكايات العوام، المهم نصل إلى نتيجة أن بعض الأسماء القائمة لا معنى لها، وبعضها ينافى الآداب العامة، وهو السبب الذى دعا إلى مطالبة محافظ الدقهلية بتغيير أسماء بعض القرى، التى لم يسمها هو بالطبع، ولا حملت هذه الأسماء فى عهده، مثل قرية «أبو عرصة» التى تغيرت إلى بلقاس أول، بعد الانتهاء من استيفاء الإجراءات الإدارية، ومنها ما يتصل بشهادات الميلاد وبطاقات الرقم القومى، إلخ.
وطالبت النيابة الإدارية بتغيير أسماء بعض القرى والنجوع، منها «كوم اليهود، العبيد، السود، واعر، الشلطيطة»، بعضها منافٍ للآداب، وبعضها له دلالات عنصرية، ومحافظة الدقهلية ليست الحالة الوحيدة، بل فى أماكن أخرى هناك اسماء تحتاج إلى مراجعة، ويطالب السكان المحليون بتغييرها فى محافظات الغربية والبحيرة والمنوفية والأقصر والشرقية وسوهاج والقليوبية وغيرها مثل قرى «البدنجانية» و«النمكية» و«الجربوعة» و«طاجن» و«كفر دبوس»، و«سلكا ودكما»، و«الأطارشة»، و«المنايل»، الخ. وبعد إثارة الموضوع فى محافظة الدقهلية حفلت المواقع الإخبارية، والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى ببيان أسماء قرى ونجوع تحتاج إلى تغيير لتلافى الحرج، ووصل الأمر إلى مجلس النواب.
ولكن السؤال كيف نعيد تسمية القرى؟
أغلب الظن أن الاقتراح سوف يذهب إلى إطلاق أسماء ذات دلالات إيجابية، أو ذات طبيعة عامة، مثلما حدث فى أعقاب بعض التوترات ذات الطبيعة الدينية فى أواخر التسعينيات فى قرية «الكشح»؛ حيث جرى تغيير اسمها إلى قرية «السلام»، وذلك فى محاولة لإزالة الدلالات السلبية للاسم فى الذاكرة، وهو أمر مطلوب، ولكن تسميتها إلى قرية «السلام»، وأخرى إلى «الأمل» وثالثة «كفر النور»، الخ، محاولة لتغيير الصورة الذهنية عن القرية، ولكن فى رأيى أن التسمية الصحيحة ينبغى أن تكون نابعة من البيئة المحلية، وتراعى خصوصية المكان، مثلما هو الحال فى المجتمعات المتقدمة، فإن التسميات العامة لا ترسخ فى الأذهان، وقد نجد السكان المحليين يستخدمون الاسم الجديد على الورق، أما فى تعاملاتهم اليومية يلجأون إلى الاسم القديم. من هنا نحتاج إلى بعض الإبداع فى إعادة تسمية بعض القرى، إما بالعودة إلى حدث تاريخى مهم حدث فيها، أو تجربة تنموية لها معنى، أو ملمح تجارى أو صناعى أو حرفى تشتهر به.. إلخ، وذلك حتى يكون للبعد المحلى دور فى إعادة تسمية القرى، ويفتح الباب أمام مزيد من التعرف على جغرافية، وتاريخ، وثقافة الجهات المحلية، واعتبارها مجالا لإثراء الثقافة المصرية العامة، وتعبيرا عن الاتجاه نحو تدعيم علاقة المواطن بمجتمعه المحلى، وهو ما نصبو إليه فى إطار البحث عن صيغ أفضل لتعظيم مشاركة المواطن فى الشأن العام.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات