محلل رئاسى لإنقاذ السمعة - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:18 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محلل رئاسى لإنقاذ السمعة

نشر فى : السبت 27 يناير 2018 - 11:55 م | آخر تحديث : السبت 27 يناير 2018 - 11:55 م
خوفا من تصاعد الانتقادات الغربية الخجولة التى تعرضت لها القاهرة عقب إزاحة الفريق سامى عنان رئيس الأركان الأسبق على النحو الذى جرى من السباق الرئاسى، قرر مهندسو العملية الانتخابية البحث عن محلل يلعب دور المنافس فى «مسرحية» الانتخابات الرئاسية، لـ«إنقاذ سمعة مصر».

وبالتوازى مع صدور بيانات لشخصيات ومؤسسات دولية ونشر عدد من التقارير فى الصحافة الغربية تنتقد إقصاء وحصار المنافسين المحتملين للرئيس السيسى بهدف إخلاء الساحة من أى مرشح جاد قد يربك الحسابات، حاولت جهات رسمية منتصف الثلاثاء الماضى إثناء المحامى الحقوقى خالد على المرشح المحتمل عن قرار وشيك بالانسحاب من المعركة الانتخابية احتجاجا على ما جرى مع الفريق عنان.

وما بين طرفة عين وانتباهتها، غيَّر الله من حال إلى حال، فتحول خالد من «ممول عميل» إلى «شاب وطنى، ومشروع سياسى يستحق الاحترام والتقدير»، ووصل الأمر إلى تشجيعه وإغرائه باستكمال نماذج التأييد، وبالفعل أرسلوا إلى حملته 1200 توكيل معظمها من محافظة المنوفية، وفقا لمصدر بحملته الانتخابية.

خالد وحملته رفضوا العرض «الرخيص» وأصروا على الانسحاب لأن «الأجواء التى تشهدها الانتخابات لن تسمح بمنافسة نزيهة»، وبعد دقائق من إعلانه الانسحاب عاد المحامى الحقوقى مرة أخرى إلى مربع «الممول العميل» على شاشات فضائيات إعلام السلطة.

وأغلب الظن ان ذات الجهة التى طالبت خالد بالاستمرار فى الانتخابات، استأنفت رحلة البحث عن بديل جاهز يمنع من وجهة نظرهم الفضيحة التى تنتظر مصر لو انتهت الأمور بمنافسة الرئيس لنفسه، واتجهت أنظارهم إلى المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى، وتم الاتصال به بالفعل وعرض عليه الترشح ووعدوه بتذليل أى عقبات، لكن صباحى رفض مناقشة الأمر من أساسه وقطع الطريق على الشخصية الرسمية التى هاتفته مساء الأربعاء الماضى.

لم تمض دقائق حتى تفتق ذهن مهندسى العملية عن حل سحرى للأزمة المستعصية، «حزب الوفد العريق الذى أعلن قبل أيام تأييده لترشح الرئيس السيسى لولاية جديدة لن يبخل على مصر بتقديم مرشح لينقذ سمعتها ويقطع ألسنة الأدعياء المتندرين على أم الدنيا».

وفيما دارت ماكينة بمدينة الانتاج الإعلامى لتوجه قيحها للمرشح المختفى سامى عنان والمنسحب خالد على، لفّت ماكينة أخرى لتنصح حزب الوفد بضرورة إثراء الحياة السياسية والمشاركة فى العملية الانتخابية وتقديم مرشح رئاسى ليخسر أمام الرئيس.

بعد رفض هانى سرى الدين عضو الهيئة العليا للحزب التطوع لـ«المهمة انتخابات»، رسى المزاد على الدكتور السيد البدوى رئيس الحزب للعب الدور، «خوض الرئيس السيسى الانتخابات منفردًا قد يشكل خطورة على موقف الدولة المصرية أمام العالم.. ولازم نفضل مصلحة الدولة على مصلحة الوفد»، بتعبير ياسر الهضيبى عضو الهيئة العليا للحزب.
ورغم تقدمه لإجراء الكشف الطبى اللازم للترشح وظهور اسمه فى نماذج تأييد المرشحين فى الشهر العقارى لم يصبح السيد البدوى شحاتة مرشحا رسميا حتى كتابة هذه السطور، فالرجل ملاحق بعشرات الأحكام فى قضايا شيكات بدون رصيد وتبديد، قد تكون تلك الأحكام غير نهائية لكنها تفتح باب الطعن عليه أمام الهيئة الوطنية للانتخابات لعدم توافر شرط حسن السمعة، لكن كل شىء وارد «فالورق ورقنا والدفاتر دفاترنا»، على حد ما صرح به قيادى وفدى كبير للزميلة رانيا ربيع المحررة البرلمانية بـ«الشروق».

لم يدرك من خططوا لما جرى الأسبوع الماضى، أن ما أقدموا عليه للحفاظ على سمعة مصر جعل صورتنا السياسية «نكتة كبيرة»، فالعالم يضحك على مساخرنا كما لم يضحك من قبل.

كان مبارك ورجاله حريفة فى إخراج تلك المشاهد، فالأمر لم يخل من حوارات وطنية مع رموز المعارضة، وانتخابات رئاسية تعددية شارك فيها أيمن نور ونعمان جمعة والحاج أحمد الصباحى ــ رحمة الله عليه، ومكلمات عن الديمقراطية والمنافسة على شاشات الفضائيات، والكل بيتراضى.. الله يرحم أيامك يا أبوعلاء.

يا سادة لن تكتمل شرعية الرئيس ولن تنقذوا سمعة مصر بتقديم دوبلير يخسر أمامه فى الانتخابات.. فلا شرعية كاملة بدون حياة ديمقراطية سليمة.. لا شرعية بدون تداول سلطة سلمى عبر صناديق اقتراع شفافة.. لا شرعية بدون شفافية ورقابة ومحاسبة.. لا شرعية بدون إطلاق للحريات العامة.. لا شرعية بدون إعلام حر مستقل.. لا شرعية بدون تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة للشعب المطحون.
التعليقات