شكرا إريكسون.. شكرا ليفربول - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الإثنين 16 سبتمبر 2024 12:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شكرا إريكسون.. شكرا ليفربول

نشر فى : الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 6:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 6:40 م

** رحل سفين جوران إريكسون المدرب السويدى الذى قاد منتخب إنجلترا، وكان أول أجنبى تسند إليه هذه المهمة. رحل إريكسون ضحية مرض السرطان المروع. وخيم الحزن النبيل على الملاعب الأوروبية  تكريما له، بينما كان هو من تحدث قبل أيام من رحيله موجها شكره إلى أسرة كرة القدم الأوروبية التى منحته الكثير من الغنائم وأولها الحب. فى شهر مارس الماضى كان أنفيلد ملعب ليفربول ممتلئًا بالجماهير، وهو يستقبل إريكسون كمدرب للفريق بناء على رغبة أو حلم قديم ظل يراوده حتى الأيام الأخيرة فى حياته.

** استمع إريكسون إلى نشيد ليفربول أغنية «لن تمشى وحيدًا أبدًا»، مما أسعده للغاية. ربما كان يريد فرصة اللعب فى الدورى الإنجليزى الممتاز مع ليفربول، لكن 90 دقيقة فى يوم بارد من شهر مارس كانت أكثر من كافية للمدرب السويدى السابق الذى لم يتبقَ له سوى عام واحد على الحياة بعد تشخيص إصابته بسرطان البنكرياس كما حدد له الأطباء.

** كانت قيادته لفريق ليفربول، فى المباراة الخيرية، بناء على طلبه، وفى أنفيلد استمتع بمشاعر الحب والتقدير والبهجة والتصفيق الحار والهتاف له وكانت الدموع تملأ عيون الكثيرين وأولهم إريكسون. الذى قال يومها: «ستكون هذه ذكرى عظيمة فى حياتى، ذكرى جميلة للغاية. لقد بكيت، لقد كان الأمر جميلاً. كان الجلوس على مقاعد البدلاء مع ليفربول حلمًا طوال حياتى والآن حدث ذلك. لقد كان يومًا جميلًا بكل معنى الكلمة».

** رحل  إريكسون وهو يبلغ من العمر 76 عامًا وعلى الرغم من مسيرته الإدارية الناجحة التى استمرت 40 عامًا والتى أكسبته ألقابًا فى إيطاليا والبرتغال، وإدارة منتخب إنجلترا (2001 / 2006) إلا أنه بدا فى تلك المباراة الحلم فى ملعب أنفيلد وكأنه مدرب شاب  متحمس، وكان يبتسم طوال الوقت، باستثناء لحظات ارتسمت على وجهه مشاعر الحزن  فى يوم أثبت بأن كرة القدم يمكن أن تكون قوة من أجل الخير والأمل والعطاء والحب.

** فى خريف عام 1980  كان إريكسون (32 عاما) يقود فريق جوتنبرج السويدى، وقد خرج  من الدور الأول لكأس الاتحاد الأوروبى على يد تفينتى. وعندها سأل مجلس الإدارة مديرهم الشاب عما هو مطلوب لإحراز تقدم فى أوروبا. فقال سفين جوران إريكسون البالغ من العمر 32 عامًا: «أحتاج إلى ثلاثة لاعبين جدد. حارس مرمى وظهير أيسر ومهاجم». لم يكن النادى قادرًا على تحمل تكاليف التعاقدات ولكن كان الإيمان بإريكسون كبيرًا لدرجة أن العديد من أعضاء مجلس الإدارة أعادوا رهن منازلهم لتحرير الأموال. وكانت تلك مخاطرة كبيرة. لكنها مخاطرة منحت إريكسون قوة معنوية هائلة، وحبا مطلقا لكرة القدم.

** كان أسلوب لعب إريكسون منظمًا للغاية. كان حارس المرمى يمرر الكرة إلى الظهير، الذى كان لديه خياران: تمريرها قصيرة إلى المهاجم الذى جاء نحوه أو تمريرها طويلة إلى المهاجم الذى ركض خلف دفاع الخصم. كان خط الوسط موجودًا بشكل أساسى للفوز بالكرة إذا فقدها الفريق. وقد نجح الأمر أحيانا وفشل فى أحيان أخرى وفى موسم وفى عام 1981 بدأ بشكل سيئ حيث منى بثلاث هزائم متتالية، مما دفع بعض المشجعين إلى الهتاف المدرجات «أعيدوا ذلك الوغد إلى الغابة»، وعرض الاستقالة. أولاً على مجلس الإدارة ثم على اللاعبين ولم يقبل أى منهما فكرة الاستقالة. 

** أسرع إريكسون  فى تنفيذ أفكاره. وكانت هذه الأفكار جديدة فى السويد بما فى ذلك طريقة لعب  4-4-2 مع الضغط العالى والدفاع عن المنطقة وكان شيئًا جديدًا تمامًا فى كرة القدم واستعان إريكسون  بطبيب نفسى نرويجى، فأطلق أحد لاعبى الفريق تعليقا رافضا وساخرا: «ما هذا بحق الجحيم؟» ومع ذلك استمر إريكسون فى استخدام أساليب الطبيب النرويجى طوال حياته المهنية.

** فى نهاية موسم 1981 ــ حيث كان الدورى السويدى الممتاز يلعب من الربيع إلى الخريف ــ بدأ جوتنبرج حملته التالية فى أوروبا، وفى الجولات الثلاث الأولى حقق الفوز على ثلاث فرق، وقاد هذا الفوز فريق جوتنبرج إلى دور الثمانية ضد فالنسيا الإسبانى فى مارس 1982، قبل شهرين من بدء الموسم السويدى. وفاز الفريق بنتيجة 4-2 فى مجموع المباراتين، قبل أن يحسم ستيج فريدريكسون، أحد اللاعبين الذين تم شراؤهم بأموال جمعها أعضاء مجلس الإدارة فى العام السابق، مباراة نصف النهائى ضد كايزرسلاوترن الألمانى بركلة جزاء فى الوقت الإضافى من مباراة الإياب.

** كان إنجازًا غير عادى. كان جميع لاعبى جوتنبرج ــ باستثناء واحد، شبه محترفين، يعملون «كسباكين وكهربائيين». وفى المباراة النهائية، واجهوا هامبورج الألمانى، بلاعبيه المحترفين الدوليين  مثل فيليكس ماجات، ومانى كالتز، وهورست هروبيش، وأولى شتاين. ولأن إريكسون غرس جذور  الإيمان فى فريقه بأنهم أقوياء فشعروا بأنهم لا يقهرون. وقال إريكسون فيما بعد: «لم يعتقد أحد أننا سنفوز بالنهائى ــ باستثنائنا». وفازوا بالفعل: 1/ صفر  و3/صفر،  لإكمال النجاح الأكثر تميزًا للأندية السويدية على الإطلاق.

** تلك مجرد محطات من بدايات إريكسون لكنها تعكس قدراته وكيف كان هادئا، يستمع للاعبيه، ويحفزهم، وأذكر أنه فى كأس العالم 2006 طالب مشجعى منتخب إنجلترا بالتوقف عن غناء أغنية: «10 دبابات ألمانية». وهى واحدة من الأغنيات التى كانت تسخر من الألمان أيام الحرب العالمية الثانية.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.