القرار سياسى بامتياز - ماجدة خضر - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 2:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القرار سياسى بامتياز

نشر فى : السبت 28 أبريل 2012 - 9:20 ص | آخر تحديث : السبت 28 أبريل 2012 - 9:20 ص

على الرغم من أن قرار وقف تصدير الغاز لإسرائيل الذى جاء متأخرا قد استقبله الشارع المصرى بالترحاب والتأييد باعتباره مطلبا شعبيا ووطنيا، فإنه استدعى موقف الحكومة من منظمات المجتمع المدنى الأمريكى، وهى الأزمة التى حدثت منذ أشهر قليلة بمنع أعضاء هذه المنظمات من مغادرة البلاد واستحضرت معها الحس الوطنى لدى المصريين تجاه الأمريكان الذى غاب التعبير عنه على مدى 30 سنة، لكن فجأة هبطت حكومة الجنزورى بمشاعر الشارع من عنان السماء إلى أسفل القاع عندما قررت تهريب المتهمين فى تلك القضية وتأمين عودتهم إلى ديارهم فى تراجع مخزٍ عن موقفها.

 

للأسف فإن حالة التناقض فى التصريحات الرسمية حول قرار وقف تصدير الغاز تذهب بنا إلى مشهد مماثل، فالوزيرة فايزة أبوالنجا قالت إنه بالإمكان إعادة تصدير الغاز للعدو الصهيونى إذا تم الاتفاق على عقد وسعر جديدين، رامية الكرة فى ملعب التفاوض بين الشركتين لتسبب تصريحاتها حالة من الإحباط الشديد بعد أن أعتقد الشارع المصرى بأن القرار قد وضع أخيرا كلمة النهاية لتلك الصفقة الفاسدة.

 

لم يكن طبيعيا أن تستورد مصر المازوت الملوث للبيئة والأعلى سعرا والبوتاجاز الذى يسقط الفقراء شهداء دونه ثم نقوم بتصدير الغاز الطبيعى الأنظف بين جميع المنتجات البترولية وبأسعار متدنية، وربما بلا مقابل كما ذكر البعض منذ عام 2008 لننير منازل الإسرائيليين، بينما يعيش المصريون فى الظلام بسبب تكرار انقطاع الكهرباء.

 

تعلم الوزيرة أن مصر تخسر سنويا 10 مليارات دولار نتيجة الصفقة الفاسدة كفارق بين أسعار البيع لإسرائيل والسعر السوقى للغاز، وهو ما يمثل نصف الدعم المتوقع للطاقة بكاملها فى موازنة العام المالى الجديد 2012/2013 فى الوقت الذى تلهث فيه الحكومة وراء صندوق النقد الدولى كى يمنحها قرضا بـ3.2 مليار دولار ومازال الجنزورى يستجدى الدول الخليجية مرة بالاستعطاف ومرة بالتجريس لعلها تعطى مصر التى طالما أعطت قبل تكشف رمال الخليج عن ذهبها الأسود.

 

القرار يراه البعض تجاريا، ويراه البعض الآخر سياسىا بامتياز، بدليل أن مهندس الصفقة سامح فهمى، يُحاكم الآن فى واحدة من التهم الموجهة إليه على توريط مصر فى تلك الاتفاقية وإهدار ثرواتها وأن العقد بين الشركتين تم بناء على مذكرة تفاهم وقعت بين حكومتى مصر وإسرائيل لكن القرار فى النهاية يمثل خطوة مهمة على الطريق الصحيح ليس فقط لأنه سيوفر مصدرا للطاقة المحلية ولا لكونه سيحد من نضوب هذه الثروة ويجنبنا استيراد الغاز بأسعاره العالمية، لكن أهميته تكمن فى استعادة الإرادة المصرية بعد صفقة كان عقدها دربا من الخيانة الوطنية استمرت عقودا سلمت مصر خلالها مفاتيح خزائنها للسماسرة واللصوص.

ماجدة خضر  كاتبة صحفية
التعليقات