** مائدة الألعاب الأولمبية عامرة بكل أنواع المتعة، وما لذ وطاب من الرياضات والمنافسات. إلا أن المتعة مقيدة بدرجة فهمك للألعاب الأولمبية، ولهذا الصراع القديم بين القدرة البشرية وبين الززمن والمسافة والثقل. ثم تزداد متعتك بفهمك أكثر لمعنى البطولة، ومشاق التدريب، ومهارة الرياضى. ويكفى أن ترى العلاقة بين الفارس وبين الفرس فى مسابقة الترويض، بحركات بسيطة بالساقين تكاد لا ترى، يترجمها الجواد إلى خطوات راقصة مبهرة. كذلك كانت هناك متعة مشاهدة مسابقات السباحة لا سيما 400 متر رجال وسيدات وتتابعات 4×100 متر حرة. وهذا الصراع بين إستراليا والولايات والصين فى حوض السباحة.

** كنت أشرت فى مقال الأمس إلى أن هناك سؤالًا حول تأثير عمق حوض السباحة على سرعات السباحين. لكن قبل الإجابة عن هذا السؤال، تابعت مباريات بطل إفريقيا فى السلام سيف المبارزة زياد السيسى على أعصابى. خاصة فى الدور قبل النهائى عندما واجه التونسى فارس فرجانى الذى تفوق تمامًا على زياد ولعب المباراة بمنتهى الهدوء، بينما كان زياد مندفعًا وفاقدًا للتركيز والهدوء فخسر، ثم كرر الأمر أمام الإيطالى لنخسر ميدالية كانت فى الحسابات، سواء ذهبية أو برونزية، ولو أننى أرى أن الكورى الفائز بالذهبية أفضل المتنافسين، وهو يستحقها.

** بالنسبة لكرة القدم، حسنًا أن المنتخب فاز على أوزباكستان واحتل المركز الثانى فى المجموعة، وتألق للمرة الثانية محمد الننى دفاعًا وهجومًا، وتمريرًا وتسديدًا وتوجيهًا. وهو نجم المباراة والمنتخب، ومعه حارس المرمى حمزة علاء وكوكا. وعلى الرغم من بعض الفرص السهلة جدًا التى أهدرها الفريق لا سيما إبراهيم عادل فإن المنتخب لا يجيد الدفاع الحديث، وليس له أسلوب لعب واضح أو جديد، وهنا أسأل أين دور ميكالى؟

** نعود إلى الرياضة.. وإلى السؤال عن تأثير عمق حوض السباحة على سرعات السباحين؟

** ** السباحة فى ملعب الرجبى.. نعم هذا حقيقى تُقام العديد من المسابقات فى ساحات مخصصة لرياضات أخرى، وذلك بشكل أساسى لزيادة عدد المتفرجين، وكان قرار القيام بذلك لباريس 2024 إيجابيًا إلى حد كبير مع وجود أكثر من 15 ألف مقعد مدرجات السباحة. وقالت التى ستشارك فى ألعابها الرابعة: «أحب فكرة مشاهدة المزيد والمزيد من الأشخاص حول حوض السباحة». «فكلما زاد عدد الجمهور، كان ذلك أفضل. ربما يصدرون ضوضاء كافية حتى نتمكن أخيرًا من سماعهم تحت الماء».

** وفى رياضة مثل السباحة حيث قد يكون الفارق بين الذهب والفضة ضئيلًا مثل جزء من مائة من الثانية، يمكن أن تكون ظروف المسبح حاسمة. والشركة التى قامت ببناء أحوض السباحة فى لا ديفانس هى نفسها التى فعلت ذلك فى الألعاب الأولمبية الست الماضية. وتحكم لوائح الألعاب المائية العالمية الصارمة الكثير من الجوانب الفنية، مثل عمق المسبح وعرض حبل الممر، على سبيل المثال. حددت بكين 2008، عندما تم تحطيم 25 رقمًا قياسيًا عالميًا، المعيار الذى يجب التغلب عليه لحوض السباحة السريع.

 ** إذن ما الذى يجعل المسبح سريعًا أو بطيئًا؟

إنه قليل أو كثير من العلم.. ربما سمعت عن الفارق الذى يمكن أن يحدثه مضمار ألعاب القوى فى الأداء، حيث يقال إن المضمار الأورجوايانى الجديد فى باريس أسرع بنسبة 2% من المضمار الذى كان فى طوكيو 2020، كما يمكن أن يؤثر تكوين حوض السباحة أيضًا على السرعة، سواء من الناحية النفسية أو العلمية. وهناك أربعة عوامل رئيسية يمكن أن تحدد سرعة حوض السباحة وأولها عمق المياه، الذى يجب أن يكون عميقًا بما يكفى لتقليل تأثير الأمواج التى تضرب قاع المسبح، لأن هذا يسبب اضطرابًا، لكنه قليلًا بما يكفى ليتمكن السباحون من رؤية الأرضية واستخدام البلاط كنقطة وكعلامات مرجعية لسرعتهم.

** تاريخيًا، يُنظر إلى المعيار الأولمبى للعمق بثلاثة أمتار على أنه العمق الأمثل. ويجب أن تكون درجة حرارة الماء ضمن بين 25 درجة مئوية و28 درجة مئوية، حتى يتمكن السباحون من الإحماء بشكل صحيح. بعد ذلك، يجب أن تكون االفتحات الجانبية فى أطراف الحوض كبيرة بما يكفى لامتصاص تأثير الأمواج التى تضرب جوانب المسبح. لأن الفتحات الصغيرة جدًا تجعل السباحين فى الحارات الخارجية فى وضع غير جيد، حيث سيتأثرون أكثر بالاضطرابات.

وفى الألعاب الأوليمبية، لا يتم استخدام الحارتين الخارجيتين لخلق مجال لعب أكثر مساواة. وأخيرًا، تسمح منصات البداية غير القابلة للانزلاق للسباحين بالانطلاق بقوة.

** فهل سيكون حوض السباحة فى باريس سريعًا؟

المسبح أقل عمقًا من المعيار 3 أمتار، فهو عند 2.30 متر، وقد أثيرت بعض الأسئلة حول التأثير الذى سيحدثه ذلك. تحتوى منصات البداية على ما يشبه الزعانف التى تسمح للسباحين بالدفع بقوة عند الانطلاق. وبسبب العمق الموجود فى حوض السباحة الأوليمبى يشعر السباحون بالسرعة فى المسبح فى لا ديفانس، فقد نرى بعض الأرقام القياسية العالمية الجديدة.

** وحتى مضمار العاب القوى له قصة هو الآخر، تقترن بالابتكار وباللون وبالعلم والتكنولوجيا. لكنها حكاية أخرى.