مشهد أول: مثقفون وحقوقيون وحزبيون لا يكفيهم التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان بمعايير مزدوجة حين تطال المختلفين معهم فى الرأى والموقف، بل يندفعون إلى تقمص أدوار العسكريين والخبراء الأمنيين والاستراتيجيين. فيقترحون خططا عملياتية «لفض الاعتصامات وتصفيتها» عوضا عن المطالبة بالالتزام بالقانون وإدانة تجاوزه والتفكير فى حلول سياسية والابتعاد عن التعويل الأحادى على الأداة الأمنية.
مشهد ثانٍ: مسئولون فى السلطة التنفيذية المؤقتة وقوى حزبية وشبابية تساندهم، كانوا جميعا قبل ٣٠ يونيو فى طليعة المطالبين بسيادة القانون وبحماية حقوق وحريات المواطنات والمواطنين وتطبيق العدالة الناجزة بمحاسبة المتورطين فى العنف والانتهاكات وباعتماد الشفافية الكاملة. اليوم يصمتون ولا يفكرون فى كون القيم الديمقراطية التى دافعوا عنها قبل ٣٠ يونيو تحتاج لمواصلة الدفاع عنها والانتصار لها بعده بعد أن أصبحوا هم فى «السلطة».
مشهد ثالث: كتاب وإعلاميون يتورطون فى عسكرة المخيلة الجماعية للمصريات وللمصريين بصناعة صورة «البطل المنقذ» للقائد العام للقوات المسلحة وبالتهليل «لتفويض شعبى» قد يقوض سلطات ومؤسسات الدولة. يفعلون هذا بدلا من طرح الرؤى والأفكار بشأن إعادة مصر إلى مصر ديمقراطية ووضع ضمانات كافية لإقامة الدولة الديمقراطية المدنية مضاد الدولة الدينية والدولة العسكرية، والتى تدير شئونها مؤسسات مدنية منتخبة فى إطار سيادة القانون ومواطنة الحقوق المتساوية.
مشهد رابع: قيادات وأعضاء بجماعة الإخوان وحلفائها فى اليمين الدينى يدينون انتهاكات حقوق الإنسان ضدهم ويطالبون الرأى العام المحلى والدولى بإدانتها. ثم يمتنعون هم عن الاعتذار وعن إدانة التحريض على العنف وممارسته وحمل السلاح والاعتداء على مواطنين وقطع الطرق حين يأتى من بين صفوفهم.
مشهد خامس: مواطنات ومواطنون حضروا فى كل ميادين الحرية منذ يناير ٢٠١١ ومازالوا يحلمون بمصر الديمقراطية المدنية. إلا أن قلقهم اليوم على الوطن بلغ مبلغا عظيما وحالة الرفض الكاسح للإخوان وحلفائهم بعد أخطاء هؤلاء الكارثية تسيطر عليهم والعاملان يرتبان معا بحثا مستمرا عن أى طوق للنجاة، حتى وإن كان باستساغة فاشية الإقصاء أو بالمساومة على مبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان.