عقب انتهاء قمة دول البريكس، أدلى وزير هندى بتصريحات صحفية ذكر فيها أن التخفف من الدولار، أو عدم الاعتماد عليه فى المعاملات الدولية حلم بعيد المنال، ولاسيما أنه له قواعد راسخة فى النظام الاقتصادى العالمى، تشكلت عبر عقود من الهيمنة الاقتصادية الأمريكية. كلام المسئول الهندى مهم فى مواجهة التوقعات المتزايدة التى سادت الأيام الماضية منذ دعوة مصر إلى الانضمام إلى تكتل البريكس، وتشير إلى قرب التخلص من الدولار. صحيح أن البريكس يوفر إمكانية الاعتماد على العملات المحلية بين الدول فى مجال التجارة البينية، ولكن لا يعنى ذلك بأى حال من الأحوال التخلص من هيمنة الدولار فى مجال التجارة العالمية فى المدى المنظور.
ولم يكن التفكير فى العدول عن العملة الخضراء ملحا وضاغطا إلا عندما واجهت مصر تحديات فى الحصول عليها، وسد العجز بين العرض والطلب، والذى يبدو مستمرا لفترة قادمة. والحل فى مزيد من توفير الدولار، بحيث يزداد العرض، ويقل الطلب، أو على الأقل تتراجع الفجوة بينهما. وفى الفترة المقبلة لن يتسنى ذلك إلا من خلال تدابير مصرية فى المقام الأول، قد يكون من بينها تشجيع الاستثمار، أو بيع الأصول، وكلاهما من الإجراءات التى تستغرق وقتا بحكم طبيعتها، فى حين أن هناك إجراءات يمكن القيام بها، تساعد على توفير الدولار، أبرزها السياحة، وقد حققت مصر طفرات الشهور الماضية أكثر من ذى قبل، ويمكن المضى قدما فى هذا الاتجاه، من خلال تنويع المنتجات السياحية. يضاف إلى ذلك تشجيع الصادرات على نطاق أوسع، مثل المنتجات الزراعية والصناعية، خاصة التى تعتمد على مواد خام أولية ووسيطة منتجة محليا، دون حاجة إلى استيرادها، وفى حالة حتمية الاستيراد ينبغى أن نعطى أولوية لاستيراد المواد الوسيطة لتعزيز الصناعة الوطنية، ومن ثم اتاحة مجالات أوسع للصادرات المصرية، والحصول على العملة الصعبة، وقد تكون هناك فرص للمنتجات المصرية على نطاق أوسع سواء فى افريقيا، والدول الحدودية مثل ليبيا، من هنا جاء تطوير منفذ السلوم، بما حمله من فرص تجارية بين مصر وليبيا. يساند لك أمران، الأول التقليل من الواردات الخارجية، وتوفير بدائل محلية لها، وكذلك توفير حوافز حقيقية للإنتاج، والتصدير، بما فى ذلك خصم نسبة معينة من الضرائب المستحقة على الشركات التى تزيد صادراتها إلى الخارج، وتشجيع القطاع الخاص على تطوير الأداء من خلال الجودة، وخدمات بعد البيع. والدليل على ذلك أن المنتج المحلى له حضور، وقادر على المنافسة فى بعض المجالات، والسبب هو الجودة وخدمة العملاء، فمن الخطأ الربط دائما بين شراء المنتج المحلى والوطنية، لأن افتراض أن المستهلك مضح وباذل، يتعارض مع النظريات الاقتصادية التى تفترض فى المستهلك أنه عاقل ورشيد، يبحث عن أفضل الاختيارات، وفى أوقات الأزمات الاقتصادية يزداد ميل المستهلك إلى المصلحة المباشرة أكثر من أى اعتبارات أخلاقية أو قيمية. من هنا فإن المدخل الأساسى لتدعيم المنتج المحلى هو الكفاءة، والجودة، وحسن الخدمة.