ما حدث فى قضية العجول الاسترالية مهزلة بكل ما تعنيه الكلمة، لقد أسدل الستار على القضية التى شغلت الرأى العام وأقلقت منام المستهلكين على مدى 70 يوما ووضعت كلمة النهاية» كله تمام وسليم، «بإصدار قرار بذبح العجول المستوردة وكأنه لم تمض سبعون يوما  من متابعة صراع الديوك بين أطراف القضية على شاشات الفضائيات وعلى صفحات الجرائد يحذر طرف من خطورة العجول المحقونة بالهرمونات ويطمئن آخر من أنها خالية من كل ما يضر بصحة الإنسان..

لقد تفجرت الأزمة بعد اكتشاف مسئولى الطب البيطرى بالسويس وصول رسالتين من العجول الاسترالية المحقونة بهرمونات النمو المحظور استخدامها دوليا وتصيب الإنسان بالسرطان والتى يستخدمها الموردون لزيادة وزن العجول  وقد تزعم حملة التحذيرات الدكتور لطفى شاور مدير مجازر السويس الذى أكد وجود كبسولات بها هرمونات النمو خلف إذن بعض العجول وأصر على التحفظ على الشحنتين وأخذ عينات وتحليلها.

ومن هنا بدأت رحلة البحث عن الحقيقة لجان تعقد وعينات تؤخذ، ونتائج تؤكد، وأخرى تنفى لتكبر كرة الثلج فى طريقها للمنحدر  وسط ضغوط من المستوردين تحذر من «خراب بيوتهم بسبب» الانفاق على تغذية العجول المتحفظ عليها ولم يخل الأمر من استخدام الاستراليين فى الضغط  على الحكومة المصرية لسرعة الإفراج عن الرسالتين».

وحتى ذلك الوقت يبدو أن رئيس الحكومة لم ينتبه للحرب الدائرة منذ شهرين فى أروقة وزارة الزراعة وهيئاتها  فقرر فجاة تشكيل لجنة  للفصل فى تلك القضية وأخذ عينات جديدة  وإخضاعها للتحليل وتأجل الاعلان عن النتائج التى قدمتها اللجنة لقنديل عدة مرات ليفاجأ الرأى العام بأن عملية الذبح بدأت بالفعل يوم الأربعاء الماضى دون ان يصدر اى تصريح رسمى يشرح لنا ما حدث.

المفاجأة الأكبر التى تجعلنا نشعر أننا فى ملهاة حقيقية ان الدكتور شاور مفجر القضية ذهب فى حركة مسرحية هابطة قبل بدء الذبح بيوم واحد إلى رئيس الهيئة البيطرية وسط حشد إعلامى مقدما اعتذاره عن اتهاماته السابقة للهيئة بإخفاء حقيقة الهرمونات التى ملأ بها الدنيا صراخا وضجيجا ولمزيد من الاندماج  فى أدائه المسرحى أصر شاور على تقبيل رأس رئيس الهيئة مطالبا بنسيان الماضى وكأنها خناقة بين زوجين انتهت بالتصالح.

ورغم أنى لا أفهم موقف شاور حتى الآن إلا أن ما يبدو ان مسرحية الهرمونات كتبت بحرفية وماطلت فى حسمها جميع الأطراف حتى يمر الوقت الكافى المقدر بشهرين على الأقل  لتتخلص العجول من الهرمونات التى حقنت بها وفقا لما يؤكده الخبراء وتظهر نتائج العينات سليمة مائة بالمائة ويتم الافراج عن العجول وذبحها وتداولها بالأسواق ليربح كل من المورد والمستورد من الصفقة ويخسر فقط المستهلك الذى سيحمله المستورد فاتورة هذا العبث بشراء  كيلو اللحم الاسترالى بأزيد من السعر المقدر له.