حال العرب فى 2014 - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 8:25 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حال العرب فى 2014

نشر فى : الإثنين 29 ديسمبر 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 ديسمبر 2014 - 8:00 ص

لم تحمل الملامح الكبرى لعام 2014 لبلاد العرب إلا استمرارية لانحسار مسارات التحول الديمقراطى، ولكارثة تفتت الدولة الوطنية وتمزق مؤسساتها فى العراق وسوريا وليبيا واليمن إلى أشلاء، ولمعاناة المواطن بين وحشية تنظيمات إرهابية وانتهاكات للحقوق وللحريات من قبل منظومات الحكم / السلطة وعمليات تهجير قسرى إن على خلفية دينية أو مذهبية أو عرقية أو بفعل إجرام إسرائيل الاستيطانى.

لا أنكر أن خطوات للأمام قد قطعت أو فى الحدود الدنيا لم تحدث تراجعات وارتدادات قاسية فى بعض البلدان. حافظت تونس على مسار تحول ديمقراطى، وربطت بينه وبين بناء مؤسساتها التشريعية والتنفيذية المنتخبة بعد إقرار الدستور، وتبدلت أوزان القوى السياسية والحزبية لتنتقل الغلبة من اليمين الدينى إلى خليط من اليمين واليسار العلمانيين تحضر به مجموعات قديمة (نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن على) وجديدة (القوى المتبلورة تنظيميا وسياسيا بعد الثورة التونسية) دون أن يرتب ذلك خروجا على مسار التحول الديمقراطى أو ارتدادا إلى الممارسات السلطوية والقمعية القديمة.

أما المغرب فلم تغادر موقعها المتميز فى المحيط العربى كملكية تتواجد بها مكونات الملكية الدستورية من برلمان تعددى وحكومات ائتلافية وشىء من سيادة القانون والكثير من فاعلية التنظيمات الوسيطة والجمعيات الأهلية والكثير من الحريات الإعلامية، وتختلط بالمركزية التقليدية وذات السمات شبه السلطوية للمؤسسة الملكية (المخزن بالتعبير التاريخى والمتداول إلى اليوم) ولدورها فى «إدارة» الحياة السياسية والتأثير فى مخرجات العمليات الانتخابية والحرص على تواصل ثنائيات اليمين الدينى فى مواجهة القوى العلمانية والتقليدية وثنائية الحضر فى مقابل الريف وبالقطع فى الحسم المستمر والمتمتع بشرعية الرضاء الشعبى (من قبل أغلبية مستقرة) وشىء من الشرعية الدينية (المركبة عبر عقود طويلة) لسؤال تداول السلطة بالإبقاء عليه داخل المؤسسة الملكية وأسرتها.

وحين ننظر بين تونس والمغرب، سنجد الجمهورية الجزائرية التى لم تتغير من ستينيات القرن الماضى هيمنة المكون العسكرى ــ الأمنى على منظومة الحكم / السلطة بها وعلى مؤسسات وأجهزة الدولة، ولم تختلف طبيعة حياتها السياسية شبه السلطوية وذات التعددية المقيدة ولا طبيعة مجتمعها المدنى بتنوعاته والضغوط القمعية الممارسة عليه دوما من قبل السلطات عن السنوات الماضية، ولم ترتفع بها أسقف حرية التعبير عن الرأى والحريات الإعلامية لتضاهى جارتيها إلى الشرق والغرب وكأنها غير قابلة للتأثر بمناخات الانفتاح من حولها، ولم تتحسن أحوال مواطنيها المعيشية أو تراجعت معدلات الفساد المرتفعة وغياب الشفافية عن الأدوار الاقتصادية والمالية للمكون العسكرى ــ الأمنى والتداخل العضوى بين مصالحه ومصالح النخب صاحبة الثروة والنفوذ فى القطاعين العام والخاص.

وحين ننظر إلى الشرق من تونس، فتظهر المأساة العربية بعناصرها الأساسية جلية واضحة. وفى تحليل العناصر هذه وأسبابها وسبل تجاوزها الممكنة، أواصل بالغد.

غدًا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات