يطرح اغتيال مازن فقها، وهو قيادى كبير فى الجناح العسكرى لحركة «حماس»، عدة أسئلة حول الاستراتيجية الضرورية فى الحرب على الإرهاب. لم ترد إسرائيل حتى الآن على اتهامات الحركة لها بأنها المسئولة عن موت فقها، وبالتالى سنركز على السياق الأوسع من دون التطرق إلى تورط إسرائيل المزعوم.
منذ خمسينيات القرن الماضى، عندما قاتلت إسرائيل الجماعات الإرهابية الفلسطينية التى كانت تتخذ قطاع غزة قاعدة لها، والمعروفة باسم الفدائيين، كان اغتيال أشخاص مستهدفين أداة ضرورية فى حربها ضد الإرهاب. واستخدمت هذه الاغتيالات على مر السنين لتدمير منظمات إرهابية متعددة على جميع المستويات، من القادة إلى المحترفين، مرورا بـ«المهندسين» الذين يصنعون قنابل وأحزمة ناسفة وصولا إلى النشطاء العملانيين الذين ينفذون الهجمات.
إن فوائد هذه الاغتيالات متعددة؛ فمن خلال تصفية عينية لإرهابيين منفردين يمكن منع تنفيذ هجمات مستقبلية، ويضطر الإرهابيون إلى تركيز جهودهم على البقاء الشخصى، مما يصعِّب قدرتهم على تنفيذ هجمات ضد إسرائيل، كما أن الاغتيالات العينية محبطة نفسيا للمجموعات الإرهابية وهذا الأسلوب يقلص الأضرار الجانبية غير المرغوبة.
منتقدو هذه الاغتيالات يميلون إلى قول إن كل إرهابى يُقتل له بديل، وإن قتل إرهابى يؤدى إلى تصعيد الأعمال العدائية وإلى هجمات انتقامية. والرد على هذه الحجج هو أن الجماعات الإرهابية بطبيعتها تحاول تنفيذ هجمات بمعزل عن أى رغبة فى الانتقام لمقتل أحد النشطاء.
من الصحيح القول إن كل إرهابى له بديل، لكن فى أغلب الأحيان سقوط إرهابى كبير يعطل الاستعدادات لتنفيذ هجوم، وتخسر منظمته كل المعرفة العملانية والخبرة القيمة التى راكمها.
تعلمنا الخبرة الإسرائيلية المتراكمة فى هذا الصدد أن استخداما مدروسا لأداة اغتيال أشخاص مستهدفين كجزء من مجموعة أوسع من الأدوات المستخدمة ضد العدو، يمكن أن يسهم إسهاما كبيرا فى الحرب ضد الإرهاب. ومن الأمثلة البارزة على ذلك سلسلة الاغتيالات التى نفذتها إسرائيل عام 2004، وأبرزها اغتيال الزعيم الروحى لحركة «حماس» الشيخ أحمد ياسين، حيث أجبرت وفاته الحركة على وقف تفجيراتها الانتحارية وقبولها «التهدئة» مع إسرائيل.
وفى الختام، أعتقد أن هذا الأسلوب هو إحدى الأدوات الأكثر فاعلية التى تملكها إسرائيل، وأن فوائده تفوق مخاطره إذا استُخدم بشكل مدروس.
شاؤول شاى
يسرائيل هيوم
نائب سابق لرئيس مجلس الأمن القومى
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية