المثقفون والأزهر - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المثقفون والأزهر

نشر فى : الثلاثاء 30 أغسطس 2016 - 9:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 أغسطس 2016 - 9:35 م
إذا ساد التطرف فى البر والبحر، وعلت أمواجه، من يتحمل المسئولية المثقفون أم الأزهر؟ ولماذا كل فترة يظهر تصريح من مسئول فى الثقافة ينتقد الأزهر، ويحمل التعليم بداخله وصمة التطرف؟

فى يونيو عام 2011م التقى المثقفون بدعوى من الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، للخروج بوثيقة فى مواجهة قوى الإسلام السياسى التى شكل خطابها آنذاك تهديدا للمواطنة، والدولة الحديثة، والفقه المصرى ذاته. وصف المثقفون الأزهر آنذاك بأنه المرجعية، والتفوا حوله، ولكن منذ عام 2013م أصبح فى مرمى النيران، وتتجدد كل حين التصريحات التى تنتقد أداءه فى تجديد الخطاب الدينى ومحاربة التطرف؟

اتهام التعليم الأزهرى بأنه سبب التطرف هو الشماعة التى يريد أن يعلق عليها الجميع تقصيره، وذلك ليس لأن التعليم فى الأزهر خاليا من أفكار تحض على التطرف أو يساء فهمها، وإلا لماذا يعلن الأزهر بين الحين والآخر مراجعة مناهجه، وقد وضع كتب جديدة توزع فى المعاهد الأزهرية، ولكن لأن مؤسسات المجتمع الأخرى إما صامتة أو متواطئة أو خاملة، وتكتفى بإدانة الأزهر، ملقية عبء المسئولية عن كاهلها؟

ماذا فعل المثقفون، ليس من اليوم، ولكن منذ عهد مبارك، اكتفوا بتداول الجوائز، وإطلاق خطابات نخبوية، وإصدار مطبوعات محدودة التوزيع، وتركوا المجتمع المصرى نهبا لأفكار التخلف والرجعية، خاصة فى قراه ونجوعه، التى هيمن عليها الفكر المتطرف، ولم تجد خدمات ثقافية أو متنفسا ثقافيا يقدم فكرا مغايرا؟

ماذا فعلت وزارة التربية والتعليم، ليس من اليوم، ولكن منذ عقود، فقد جف حلق المطالبين بتطبيق برامج التربية المدنية، ونشر أفكار المواطنة والتسامح والتنوع، ومواجهة التطرف والتعصب ليس فقط فى المنهج المدرسى، ولكن، وهذا هو الأهم، المنهج الخفى الذى يشكل مجمل الأنشطة المدرسية، والتفاعل بين الطلاب والمعلم، والبيئة التعليمية. إلى أى حد أخذ بهذه الأفكار؟ هل تستطيع مدرسة أن تقدم ثقافة مدنية حقيقية، بينما تغض الطرف عن أفكار التطرف والتشدد؟ ولماذا نغفل أن معظم العناصر الإرهابية والمتطرفة هى نتاج مؤسسات التعليم العام، وبعضهم حاصل على شهادات جامعية من كليات الهندسة والطب؟

ماذا فعلت المؤسسات الإعلامية لمحاربة التطرف، وبعضها ينشره عيانا جهارا، ويعيد إنتاج أفكاره، وينشر مواد مسيئة للمواطنة، ويحض صراحة على كراهية ونبذ المختلف فى المعتقد الدينى.

بالمناسبة هل نحن جادون فى مواجهة التمييز؟ هل مؤسسات الدولة تواجه التمييز؟ هل نحن واعون لأهمية تحقيق المواطنة، أظن أن فى الحوار الدائر حول قانون بناء الكنائس العبرة والموعظة.

إننى لا أعفى الأزهر من مسئولياته، وأظن أن عليه الكثير ليفعله خاصة فيما يتعلق بالخطاب الدينى، والتصدى بحزم لأفكار التطرف، لكنى أرى أن تحميله وحده المسئولية فى هذه المعركة هو هروب صريح من المواجهة، ولا يصح من باب تبرئة الذات أن نلصق به النقائص وحده، لأن غيره من المؤسسات لا تعمل ولا تقوم بدورها، تكتفى بالنقد، وتحميل الآخرين الأخطاء، بينما الخطأ شائع، والكل يتحمل مسئوليته.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات