«لازم نفكر بره الصندوق ياجماعة، ما فيش حل لمشاكلنا غير التفكير بره الصندوق». يا سلام، من زمان وأنا أحلم بفرصة تسنح أستخدم فيها هذه العبارة كإفتتاحية لشيئ ما أكتبه، لأنني لاحظت أنها تجذب إنتباهي كقارئ كلما وجدتها في مطلع مقال ما، وكمشاهد كلما وجدت أحدا يستخدمها في حوار تلفزيوني، لذلك قررت أن أستخدمها لكي ألفت إنتباهك إذا كنت من الذين يحبون الجمل الطنانة زي حالاتي. أما وقد لفتت الجملة إنتباهك وتورطت في القراءة لحد هنا، فدعني أطمئنك أنني لم أجذب إنتباهك عبثا دون أن يكون لدي حل من خارج الصندوق، فقد ألهمني الله ووجدت تفكيرا غير تقليدي من خارج الصندوق يليق على الجملة الإفتتاحية يمكن أن نواجه به غشومية جماعة الإخوان المسلمين بعد أن زهق الناس من المظاهرات والمسيرات والوقفات الإحتجاجية، وبدون أن نخرج على السلمية التي سأظل أؤمن بها مع أنها نفسها كفرت بنفسها.
كان لعمنا الأديب الكبير محمد المخزنجي قصة جميلة نشرت في صحيفة (الدستور) عام 2006 كان عنوانها (زوموا) وكانت تحكي عن حل عبقري لجأ إليه شعب مقهور للتخلص من إستبداد حاكمه، حيث تجمع الشعب كله في الطرقات في يوم واحد وأخذ كل فرد يزوم غاضبا، ومن أصوات الزوم المتراكمة المتحدة تجمع صوت هادر أجبر نظام الحكم على السقوط. لا ياسيدي، ليس هذا هو الحل الذي أدعو إليه الآن، صبرك بالله، أعرف أن بعد كل ما حدث من هتافات في الثورة بمراحلها المختلفة، ومع الضجيج الذي يحيط بكل مدننا ومع الحر والخنقة، لن يكون لأحد نفس أن يخرج منه صوت زوم أصلا، وبالتالي لن تكون هذه الفكرة قابلة للتطبيق أصلا.
لماذا إذا تذكرت قصة المخزنجي؟، تذكرتها لأنني أحتاج منها فقط فكرة التجمع، أما الزوم فأدعو لإستبداله بسلاح آخر هو سلاح الغازات التي تخرج من جسد الإنسان، والتي لا أدري لماذا يجد البعض حرجا في تداول التسميات التي تطلق عليها في كتب التراث وخصوصا كتب الفقه، لعلك سمعت عن قول الشاعر العربي في وصف نفاق الناس لأحد أصحاب السلطة «وعَدّ الناس ضرطته غناءا.. وقالوا إن فساد قد فاح طيبُ»، لن أغضبك طبعا بذكر التسميات الشعبية التي تطلق عليها لأن هذا قد يؤذي أخلاقك البورجوازية التي تتصور أن عدم تسمية الأمور بمسمياتها يمكن أن تخفيها من الوجود، ولذلك لن أنشغل بالمسميات، بل سأبقى مع جوهر الفكرة الذي يدعو لإنشاء حركة شعبية تقوم بإستخدام الغازات الخارجة من الجسد في مواجهة السلطة الإخوانية المستبدة، فيتم إعلان حالة الفساء العام في مواجهة النفير العام الذي يطلقه الإخوان، تخيل مليون مواطن على الأقل وهم يقفون في مواجهة مكتب الإرشاد باعتباره أُسّ البلاء في هذه البلاد، حاملين علما أخضر بلون ورق الكرنب وعليه قطعتي محشي كرنب متقاطعتين كأنهما سيفان يحيطهما عدد من البيضات المسلوقات كتب على كل منها شعار الحركة «إدّيها»، يقف هؤلاء جميعا في إنتظار إشارة البدء وهم مسلحون بحب الوطن وبالغازات المتراكمة في بطونهم على مدى أيام، ثم يستديرون في لحظة واحدة ليواجهوا المكتب وقد وضع كل منهم كمامته على أنفه ثم يطلق كل منهم غازه الحبيس منفلتا «كإنه سحبة قوس في أوتار كمان»، شريطة أن يراعى في ترتيب الصفوف وضع أصحاب الغازات الأخطر فتكا في المقدمة، لي صديق لو أطلق غازاته على شعب لأحرقه، ومثل هذا لو لم يتم وضعه في مقدمة الصفوف يمكن أن يطلق غازات صديقة توقع خسائر غير مرغوب بها.
أعترف أنني ترددت كثيرا في إعلان هذه الفكرة برغم ما وجدته من تشجيع عندما عرضتها على بعض الأصدقاء في الفيس بوك، ولم يشجعني على «إطلاقها» بين يديك سوى ما حدث لي قبل أيام وأنا أحيي ذكرى عمنا الساخر الأعظم محمود السعدني بقراءة كتبه كما تعودت، فوجدته في كتابه البديع (حمار من الشرق) يشرح للخواجاية الباريسية التي تحاوره كيف أن حال أمتنا تدهور إلى حد جعل فقهاءها يوما ما ينشغلون بمناقشة قضية فكرية مثل «هل ينقض وضوء من يحمل على كتفه قربة فساء ويدور بها بين الناس في الأسواق؟»، وعندها قالت له الخواجاية «ولكن ما هو الفساء، فأنا لم أسمع به بعد؟»، فرد عليها السعدني «الفساء يا حلوة هي مادة كيماوية بفعل تفاعل البصل مع الثوم مع الفول مع الكرات مع السمك البلطي مع الشاي الأسود المخروط، ومن خلال هذا التفاعل تحدث قذائف أقوى مفعولا من القنبلة الذرية، وتشيع روائح في الجو محرمة دوليا شأنها شأن الغازات السامة وقنابل النابالم. قالت: آه أتقصد غازات. قلت: هي غازات بالضبط، ولكن غازاتنا تختلف عن غازاتكم، غازاتكم هي نتيجة لأكل الشيكولاتة والجاتوه، ولكن غازاتنا أعوذ بالله. يقال أن بهانة الحجاوي جدة العبقري زكريا الحجاوي وزوجها برعي السعدني جد العبد لله، استطاعا وحدهما صد الغزو الصليبي على دمياط في العصر الوسيط. قالت: إذن فأنت من أسرة محاربة ومن طبقة عسكرية لها تاريخ. قلت: الحقيقة أن جدي برعي لم يكن عسكريا ولكنه كان فلاحا، وجدة الحجاوي لم تكن مجاهدة ولكنها كانت تصطاد السمك من بحيرة المنزلة، وذات صباح كانا يتريضان على الشاطئ عندما لمحا قطع الأسطول الفرنسي تقترب من البر، وفي الحال قاما بتشليح بعض ملابسهما وأطلقا بعض الغازات في الجو فمات كل العساكر الفرنساوية وارتدت الغزوة الصليبية، ونجت مصر بفضل هذا الإختراع الجهنمي الغريب».
لا أقول لا سمح الله أن الإخوان محتلون كالفرنسيس لكي نضربهم بهذا السلاح الشعبي، لكني فكرت أنه إذا كان البعض يستعجل إسقاطهم بالصندوق، والبعض ليس لديه وقت لإنتظار ثورة شعبية ضدهم، وإذا كان المولوتوف قد وجد من يقوم بشرعنة إستخدامه، فلماذا لا نشرع إستخدام الغازات الآدمية ضدهم، جت عليها هي يعني؟، على الأقل هي أقل فتكا من التصريحات التي تنطلق من أفواه أغلب المتحدثين على الساحة السياسية، هذه فكرتي المتواضعة، إن أعجبتك فادرس كيفية تنفيذها، وإن لم تعجبك فلن تكلفك شيئا سوى فتح الشباك وإعتبارها «فكرة» وعدت.