● مساء الخير
ـ مساء النور
● لو سمحت عايز أشتري بآيات الله ثمنا قليلا.
ـ لا والله أنا آسف أنا راجل متدين وما باتاجرش بآيات الله.
● طيب ماتعرفش ألاقي فين؟
ـ شوف الإخواني اللي على ناصية الشارع أكيد هتلاقي طلبك عنده.
●●●
● «ياولاد الهرمة نفر نفر وأنا ماسكة نفسي عن الغلط فيكو بالعافية.. قدامكو أسبوع بالكتير وتخلصوا الليلة دي.. أي حد فيكو قرا عن تاريخي كتابين يعرف إني ما باحبش الثورة في الحر.. معروفة طول عمرها الصيف ده بتاع الإنقلابات العسكرية والشتاء بتاع الإنتفاضات الشعبية.. أنا أصلا ما باحبش التلزيق والعرق والفرهدة.. عشان كده عايزة هبات شعبية تنفجر وتخلص الليلة وتربك الحسابات.. آه وبالنسبة لولاد الصرمة اللي عمالين يقولوا معركة هوية.. هوية مين يا جزمة منك ليه.. هتضحكوا على الناس.. هو أنا حد يقدر يلبسني هوية بالعافية من يوم ما اتخلقت.. إنت هتشتغل نفسك وعايز تعمل لي فيها وكيل ربنا في الأرض وحامل ختم الهوية.. دي خناقة مع جماعة كدابة افتكرت نفسها تقدر تسرق ثورة شعب وتستبد بيه.. جماعة ينطبق عليها المثل بتاع زي اللي ماشافش سلطة شاف مجلس شعب إتهبل.. تخلصوا الخناقة دي معاها بالذوق بالعافية.. إنتو أحرار.. والمهم بعد ما تخلصوها يا تتعلموا تعيشوا سوا مع بعض كلكو لا إما تغوروا في داهية بعيد عني.. أحسن وحياة أمي الأرض أدخلكو في فترة ركود تاريخي شبه التلاتين سنة اللي فاتوا.. جتكم القرف فيكو وفي الأيام الغبرة اللي خلفتكو فيها»
ـ (مصر وهي تتحدث مع نفسها بعد أن أمضت ليلة كاملة تتنقل بين قنوات النايل سات)
●●●
● ابنتي الصغرى عشق ـ هذا هو اسمها الذي أشعر أحيانا أنني ابتليتها به ـ ذهبت إلى الكوافير هذا الأسبوع لأول مرة في حياتها.. كانت قد قالت لي في التليفون قبل أن آتي إليها «بابا أنا عاملالك مفاجأة».. عندما وصلت إلى البيت كنت غارقا في حزني على ما رأيته من مشاهد تدمي القلب للجثث التي تم سحلها في زاوية أبو مسلم لمجرد أن أصحابها يختلفون عن ما يؤمن به أهل الزاوية الذين مارسوا أبشع الأفعال بدعوى الدفاع عن دين لم يكلفوا أنفسهم عناء التقيد بأبسط تعاليمه وآدابه، عندما دخلت عشق البيت سعيدة بنفسها، بكيت عندما رأيتها وهي تختال بأنوثتها وتدير شعرها الجميل يمينا ويسارا كما ترى في الإعلانات.. قالت لي «بابا بتعيط ليه؟».. قلت لها «باعيط من الفرحة بيكي».. لكنني كنت أكذب فقد كنت أبكي لأنني قبل أن أراها كنت أفكر في جريمة أن تنجب أطفالا في هذه البقعة من العالم التي يتيتم فيها الأطفال لأن آباءهم شيعة أو مسيحيون أو يهود أو بهائيون أو سُنّة.
ـ الموقف أربكها ولذلك قالت «بابا انت لسه بتعيط برضه».. قلت «أبدا ياروحي أنا باضحك أهوه» وافتعلت ضحكة شديدة البلاهة فقالت «إيه الضحكة دي يابابا انت كده شكلك بتتريق على شعري؟».. أخذتها في حضني وأنا أقول لنفسي «لا لن أحزن.. سأبتهج برغم كل شيئ لأنني على الأقل لا أسكن في زاوية أبو مسلم.. سأظل أبحث عن البهجة وأوفرها لإبنتيّ اللتين أتحمل مسئولية مجيئهما إلى هذه البقعة من العالم.. وعندما يجيئ اليوم الذي يأتي فيه دوري في السحل والتمثيل بجثتي سأسأل الله أن تكون إبنتيّ إيمي وعشق مشغولتين بالفرجة على فيلم كوميدي سأبتهج كثيرا لو كان من تأليفي».
●●●
● «وفي عهده الذي اعتبره المصريون غُمّة دعوا الله بأن يعجل بإنزياحها شهدت مصر أحدث سبب للدعارة هو دعارة البنزين وقد بدأ ظهور ذلك النوع الغريب من الدعارة بعبارة يروي الثقات أنهم سمعوا رجلا وإمرأة يقولونها في مكانين مختلفين ولم نتحقق حتى الآن من صحة ذلك لكن الرواة يجمعون أنها قيلت بصيغة واحدة «ممكن تضاجعني بس الأول تِفَوِّل التانك»، فياليت أمي بركت عليا قبل أن أسمع بهذا في بر مصر ويشهد الله أنني منذ أن سمعت تلك الرواية لم أعد أركب السيارات مطلقا فلا خير في سيارة يركبك الناس لكي تركبها.
ـ (صفحة من يوميات هاني عبد الرحمن الجبرتي مؤرخ هذا الزمان)
●●●
ـ طهّر يا ريِّس.. طهّر يا ريِّس
● يا غبي منك ليه أنا مش حكيت لكو من شوية إن السياسة نجاسة.. أطهر إزاي وأنا غرقان في قلب النجاسة؟
ـ نَجِّس يا ريِّس.. نجِّس ياريِّس
● أيوه كده.. يخرب بيت غباءكو.. أنا مش عارف من غير السمع والطاعة الواحد كان هيسوقكو إزاي
●●●
ـ إيه الدوشة اللي عندكو دي؟
● مافيش سيادتك ده نزيل مصري اسمه عُمَر راسه وألف سيف يطلع شوية عشان يقول كلمة من السما السابعة لواحد مصري من أهل الأرض
ـ طب وانتو مانعينه ليه.. هو حد هيسمعه يعني في مصر.. ده الدوشة بتاعتها مش مخليانا نعرف ننام هنا.. خلوه يقول اللي هو عايزه وخلصونا عشان مش عايزين دوشة
● أيوه بس ده عايز يقول كلام ما يصحش
ـ هيقول إيه يعني
● ما أقدرش أكرر اللي بيقوله بالضبط.. أصل فيه شتايم كتير حرام أكررها
ـ ياسيدي قولي الحتة اللي ينفع تتقال
● عمال يصرخ ويقول «حرام عليك يا حسين هو أنا ناقصك»
ـ ماشي.. خلوه يقول اللي عايزه بس من غير شتايم.. مش عايزين مشاكل
●●●
● بعد أن أمضى ساعتين يتصفح الحسابات التي أتابعها على موقع تويتر من كل التوجهات والتيارات قال لي الصديق موسوليني «يانهار إسود ده إنتو طلعتوا فاشيين فشخ ياعم».
●●●
ـ إذا كنت تريد مني نصيحة عاجلة لما يمكن أن تفعله هذه الأيام، فنصيحتي لك لو كنت قارئا ذكرا أن تحاول زيارة طبيبك الخاص للأمراض التناسلية لإجراء كشف عاجل على منطقة الخصية ودعمها نفسيا وطبيا بالإسعافات اللازمة، لأن الأيام القادمة ستكون شديدة الصعوبة ويجب أن تعد نفسك فيها لأي شيئ، بما فيه إمكانية تشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة الدكتورة فايزة أبو النجا. شفت؟، هل أحسست بالتقلص الحاد المؤلم بمجرد قراءة الخبر كخيال، فما الذي سيحدث لك لو رأيته يحدث رأي العين، زر طبيبك فورا ولا تتأخر لكي تحافظ على ذكورتك فغالبا ستكون هي ما ستطلع به من هذه الدنيا. أما بالنسبة للقارئة الأنثى فليس لدي نصيحة لكِ سوى أن تصطحبي من يهمك أمره عاطفيا وإنجابيا إلى نفس الطبيب الذي سيكون أهم وأبرز الأطباء في هذه الظروف الفقيعة التي تمر بها البلاد، والله الموفق والمستعان.
●●●
ـ «كن جميلا تر الوجود جميلا».. أنت بالطبع تعلم أن إيليا أبو ماضي هو الذي قال ذلك البيت الشهير الذي ذكّرتني به من لحظات في معرض دعوتك لي للتفاؤل وأنت لا تعلم أنني متفائل لكنني حزين أيضا، والحزن لا ينفي التفاؤل، كما لا ينفي ألم المرض الأمل في الشفاء، ولعلك ستفهم فكرتي أفضل عندما أقول لك أن إيليا أبو ماضي الذي قال تلك الأبيات الجميلة التي صارت مضربا للمثل في التفاؤل والأمل والإقبال على الحياة هو نفسه الذي قال الأبيات التالية:
قيل اعشقوها، قلتُ: لم يبقَ لنا
معها قلوب كي نُحِبّ ونعشقا
وطنٌ أردناه على حبّ العُلى
فأبى سوى أن يستكين إلى الشقا
وطنٌ يضيق الحر ذرعا عندهُ
وتراه بالأحرار ذرعاً أضيقا
مشت الجهالةُ فيه تسحبُ ذيلها
تيهاً، وراح العلمُ يمشي مطرقا
شعبٌ كما شاء التخاذل والهوى
متفرقُ ويكاد أن يتمزقا
لا يرتضي دين الإله موفّقا
بين القلوب ويرتضيه مفرّقا
لم يعتقد بالعلم وهو حقائقٌ
لكنه اعتقد التمائم والرُّقى
وحكومةٍ ما إن تُزحزح أحمقاً
عن رأسها حتى تولّي أحمقا
يبقى فقط أن أضيف إليك معلومة أن إيليا أبو ماضي كتب هذه الأبيات قبل هجرته إلى الخارج، وهناك في المهجر كتب الأبيات التي تعجبك، تلك الأبيات التي تدعو إلى التفاؤل والأمل والإقبال على الحياة. لكن هذا لا ينفي أنني برغم كل هذا متفائل، وبرغم كل تفاؤلي فأنا أيضا حزين لأنني أعيش في بلاد مكتوب عليها أنها « ما إن تُزحزح أحمقاً.. عن رأسها حتى تولّي أحمقا».