● قدم علماء الآثار تفسيرات كثيرة لسقوط أنف أبي الهول، وقدم أمل دنقل تفسيرا فنيا رائعا ومقنعا عندما قال «أبو الهول ذلك الذي كسرت أنفه لعنة الإنتظار الطويل»، أما أنا فلدي التفسير الأكثر إقناعا ومصداقية وهو أن أنف «أبو الهول» سقط من فرط إستخدامه ضد الحكام والمحكومين على مر العصور.
● حتى الآن لم أقابل مواطنا يدافع عن حرية الرأي بإستماتة وإخلاص دون أن تكون من لزماته في الكلام عبارة « ياريت بقى اللي زيك يخرس خالص».
● ثمة أشياء كثيرة في حياتنا نأخذها كمسلمات فنقلل من أهمية وجودها في حياتنا، من ذلك مثلا إستهانتنا بأهمية فكرة الأسماء التي نطلقها على أفعالنا البشرية مع أنها توفر علينا شرح تفاصيل أفعالنا بشكل مزعج، تخيل مثلا لو لم يكن الإنسان قد عرف مُسمّى (الزواج)، هل كان يمكن أن يطلب الرجل من المرأة أن تكون شريكة لحياته بإستخدام تعبيرات غير «ممكن نتجوز»، أو «ممكن تكوني شريكة حياتي»، أو «أنا هاطلب إيدك من أهلك»؟، تخيل لو كان مطلوبا منك أن تسمي الأشياء بمسمياتها التفصيلية فتطلب يد الفتاة التي تحبها قائلا لها « لو سمحتي هل يمكن أن نقوم بتبادل في المنافع الجنسية والمادية والإنجابية في إطار شرعي معترف به قد تحيطه المودة والرحمة لو كنا محظوظين وقد يحيطه النكد لو كنا طبيعيين». دعني أوضح لك فكرتي بشكل آخر أكثر إلتصاقا بحياتك اليومية، لتتخيل معي كيف كان سيكون الحال لو لم تكن الحضارة الإنسانية قد اخترعت فكرة إطلاق أسماء مختصرة مهذبة على الأفعال الإنسانية الصادمة، ربما لا يبدو لك الآن عبقريا أن يقول الواحد منا الآن أنه ذاهب لقضاء الحاجة أو إلى الحمام أو إلى دورة الميّة أو لفك زنقة أو لكي يعمل زي الناس، لكنك تنسى أن البعض ينزعج منك إذا قررت أن تكون دقيقا وبسيطا وقلت «أنا ذاهب لأتبول»، أو «بعد إذنك أريد أن أتبرز»، طيب تخيل لو كنا مطالبين بأن نقوم بوصف ما سنفعله بإسهاب، هل كنا سنتقبل فكرة أن يقول أحدنا للآخر «بعد إذنك سأذهب إلى المبولة لكي أخرج سائلا أصفر كريه الرائحة من موضع ذكورتي»، فيرد عليه الآخر « خذ وقتك فأنا منذ نصف ساعة أخرجت من نهاية جهازي الإخراجي ست قطع مخروطية بنية اللون من فضلاتي الصلبة». لا تستهينوا بمنجزات الحضارة الإنسانية مهما بدت لكم سهلة المنال يا سادة.
● في ظل التقدم الرهيب لتقنيات المونتاج، كن حذرا في اختيار ألفاظك إذا تم إجراء أي مقابلة تلفزيونية معك، لا تقل مثلا عبارات من نوعية «بعد ما سمعت الكلام ده أنا لقيت نفسي عاجز عن الشكر» أو «كنت باجوع جدا وأنا صغير ولذلك شنطة المدرسة كنت باخد فيها دايما سندوتشات» أو «من عاداتي السيئة إن دايما الموبايل يقع مني وأنا ماشي وأصحابي متعودين يحطهولي في جيبي». إذا استهنت بهذه النصيحة فلا تلومن إلا نفسك ساعتها تذكر أنني نصحتك وإنت ماخدتش.. بالنصيحة.
● من علامات إنحطاطنا الحضاري إن نجاح الإنسان الشخصي دائما مرتبط بفكرة إنك «تقعّد» حد تاني في بيتهم. مشتاق لمعرفة هل يوجد لدى باقي شعوب الأرض كما لدينا أم تدعو لإبنها حلو الصوت «يارب يابني بكره تنجح وتقعد محمد منير في بيتهم»، أو أب يراقب بفخر من بلكونة بيته ترقيصة يقوم بها إبنه في الشارع ثم يقول لأمه «بكره ياصفية إبنك يكبر ويقعّد أحمد الكاس في بيتهم». عن نفسي لم أسمع كلاما مثل هذا من أمي طيلة طفولتي وصباي، ليس لأنها كانت مقصرة في حقي كإبن تعلم عشقه المبكر للكتابة، بل لأنها كانت قارئة كلاسيكية الذوق كل كتابها المفضلين من الأموات، ولذلك لم يكن منطقيا أن تدعو لإبنها «يارب ياحبيبي تقوٍّم ابراهيم عبد القادر المازني من قبره وتقعد مكانه». طيب، مضطر لأن أستأذنك الآن في الإنصراف فقد خطر ببالي أن أصلي ركعتين لقضاء الحاجة أدعو أن يوفق الله كلتا إبنتيّ عندما تكبران في أي مجال وأن يوفقهما لكي «يقعّدوا إتنين ناجحين في بيتهم».