“يارب أنا مستعد أواجه بشجاعة كل أسئلة ولادي السياسية والدينية والحياتية بس الأسئلة التشريحية بلاش، وحياة حبيبك النبي بلاش”. دعوت هذا الدعاء صادقا متضرعا إلى الله بعد محادثة قصيرة مع مريم ذات الست سنوات ونصف عندما جاءتني قادمة من الحمام وهي تقول بمنتهى الجدية:
● بابا أنا عندي سؤال
- اتفضلي ياحبيبتي
● هو ليه البيبي بينزل من قدام وما بينزلش من الأأيشة “الأأيشة هي المرادف المسموح به لكلمة المؤخرة لدى مريم وأخيها يوسف لأنه لا زال أمامهما عشر سنين على الأقل حتى يصبح مسموحا لهما استخدام المرادف الشعبي الذي كان أهلنا يستعملونه دون مواربة”.
بالطبع لم أجب على السؤال مباشرة، بل ظللت أحدق برهة من الوقت في “النو وير” على أمل أن تزهق مريم وتمشي، لكن فضول المعرفة لم يغادرها لأنه لا يغادر الإنسان منا إلا بعد أن يبلغ من العمر سنا كافيا لإدراك أن المعرفة عبء وليست مكسبا، ولذلك سألتني أو قل الحق أنها نهرتني:
● بابا هو أنا كل ما أسألك تسرح وتسيبني.. ممكن تجاوب على السؤال؟
- سؤال إيه ياحبيبتي؟
● ليه البيبي بينزل من قدام وما بينزلش من الأأيشة؟
- بتسألي ليه؟
● وليه ما أسألش؟
- يعني ممكن تسألي عن مواضيع تانية أهم.
● بس ده الموضوع اللي أنا عايز أعرفه دلوقتي.
- بصي يا حبيبتي أنا باقرا كتاب عن العالم سنة 2050 دلوقتي ساعتها إنتي هيبقى عندك خمسين سنة بإذن الله ما تحبيش تعرفي العالم هيبقى شكله إيه لما تبقي كبيرة؟
● لا أنا عايز أعرف ليه البيبي بينزل من قدام وما بينزلش من الأأيشة؟
- همم.. طيب بصي هو ربنا عايز كده
● ليه؟
- عشان ربنا أراد إن الحاجات الخفيفة تنزل من قدام والحاجات التقيلة تنزل من الأأيشة.
● أيوه ليه؟
- لإن كان هيبقى شكلنا وحش جدا لو الأأيشة بتاعتنا بقت قدام بدل ماهي ورا.
● طب ليه الأأيشة ما فضلتش ورا في مكانها بس تنزل منها الحاجات الخفيفة والتقيلة وقدام يفضل ما ينزلش منه حاجة خالص.
- هه.. عشان عشان.
● عشان إيه؟
- عشان ربنا عايز كده وماينفعش نعترض على إرادته.
● أيوه ليه ربنا عايز كده.. رايح فين يابابا
- رايح الحمام عشان في حاجات خفيفة لازم تنزل من قدام.
● طب مش هتجاوبني ليه ربنا عايز كده؟.
- اسألي ماما. ولما تجاوبك قولي لي عشان أخرج من الحمام.