● تسمع سيل البذاءات المنهمر تكفيرا وتخوينا وشتما وتهديدا بالقتل من ألسنة قيادات وقواعد الإخوان لكل من يبارك ثورة الشعب ضدهم، فتتذكر ما يجيئ في (الأخبار الطوال) أن الإمام علي بلغه أن حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران شتم معاوية ولعن أهل الشام، فأرسل إليهما أن كفّا عما يبلغني عنكما، فأتياه، فقالا: يا أمير المؤمنين، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟، قال: بلى ورب الكعبة المسدنة، قالا: فلم تمنعنا من شتمهم ولعنهم؟، قال: كرهت لكم أن تكونوا شتامين لعانين، ولكن قولوا: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغيّ من لجّج به».
● لكي يحمد أنصار جماعة الإخوان الله على عزل رئيسهم مرسي مع الحفاظ على حياته دون تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية بحذافيرها عليه، سأروي لهم ما نقله الإمام الطبري عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب «لن يعجز الناس إن يولوا رجلا منهم فإن استقام اتبعوه وإن جنف قتلوه. فاعترض طلحة قائلا: وما عليك لو قلت إن تعوج عزلوه؟، فأجاب عمر: لا القتل أنكل لمن بعده»، فكيف سيكون رد فعلهم إذن لو طالب أهالي الشهداء الذين قتلوا في عهده ويتحمل المسئولية السياسية عنهم بتطبيق نصيحة سيدنا عمر عليه، أم يرتضون بما رضي به أهالي الشهداء الذين قتلوا في عهد مبارك بمحاكمته أمام القضاء الطبيعي لكي يخرج براءة كما خرج قتلة الشهداء من قبله.
● لم أقرأ في حياتي واقعة تعبر عن أزمة التدين الشكلي الذي فتق هذه الأمة مثل تلك الواقعة التي رواها الجاحظ عن فاطمة بنت الحسين قالت: دخلت علينا العامة الفسطاط بعد مقتل أبي وأنا جارية صغيرة وفي رجلي خلخالان من ذهب، فأخذ الرجل يفك الخلخالين من رجلي وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك يا عدو الله، قال: كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله، قالت: فلا تسلبني إذن، قال: أخاف أن يجيئ غيري فيأخذه». والغريب أن الجاحظ كان لديه من هدوء الأعصاب ما يجعله يروي واقعة كهذه دون أن يعلق قائلا «عمركم شفتم وساخة أكثر من ذلك يا قوم».
● يروي هادي العلوي في (المستطرف الجديد) نقلا عن (أمالي المفيد) أن «عبد الملك بن مروان خطب في مكة فوعظ الناس وأمرهم بتقوى الله، فقام إليه رجل من الحضور وقال: مهلا مهلا إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، أفنقتدي بسيرتكم في أنفسكم أم نطيع أمركم بألسنتكم، فإن قلتم اقتدوا بسيرتنا فأين وكيف وما الحجة ومن النصير من الله في الاقتداء بسيرة الظلمة الذين أكلوا أموال الله دِولاً، وجعلوا عباد الله خِولاً، وإن قلتم أطيعوا أمرنا واقبلوا نصيحتنا فكيف ينصح غيره من يغش نفسه؟، أم كيف تجب الطاعة لمن لم تثبت عدالته؟، وإن قلتم خذوا الحكمة من حيث وجدتموها واقبلوا العظة ممن سمعتموها فعلام قلدناكم أزمّة أمورنا وحكّمناكم في دمائنا وأموالنا؟، أما علمتم أن فينا من هو أبصر بفنون العظات وأعرف بوجوه اللغات منكم؟، فتحلحلوا عنها لهم وإلا فاطلقوا عقالها وخلوا سبيلها يتدبر إليها الذين شردتموهم في البلاد ونقلتموهم في كل واد. وهنا قام إليه أحد الحراس فأخذه وكان ذلك آخر العهد به». بالله عليك ألا يصلح ما قاله الرجل لكل من لا زال يستمع إلى شياطين جماعة الإخوان وهي تعظ متحدثة عن الشرعية والشريعة. اقرأ ثانية وأجب بنفسك.
● أخيرا يروى أن أبا الأسود الدؤلي كان في خلوة مع معاوية، ثم تحرك فضرط، فقال لمعاوية: استرها عليّ، قال: نعم، فلما خرج حدث بها معاوية، فقال أبو الأسود: إن امرءا ضعفت أمانته عن كتمان ضرطة لحقيق أن لا يؤتمن على المسلمين. قال هذا عن كتمان ضرطة فما قولك بمن أذاع جلسة سرية تمس الأمن القومي على الهواء مباشرة، هل مثله يؤتمن يا أهل الدين.