• «الحصيد» رواية معاصرة تسلط الضوء على قصة الاختلافات العقائدية
«مثل بحيرة سطحها هادئ وباطنها يضطرب ويضطرم تغوص هذه الرواية فى عمق ما جرى خلال العامين السابقين على انفجار الثورات العربية، التى أودت بعدة بلاد وجعلتها حصيدا».. بهذه الكلمات جاء وصف الكاتب يوسف زيدان لأحدث أعماله رواية «الحصيد» الصادرة عن دار الشروق والتى تحمل فى طياتها فكرًا فلسفيًا حول الاختلافات العقائدية، مع تحليل أدبى لفترة ما قبل الثورات العربية.
يقدم الروائى الكبير يوسف زيدان فى روايته «الحصيد» أسلوبًا جديدًا مختلفًا يمزج بنعومة بين الرومانسية والتاريخ وتطرح فى ذات الوقت أسئلتها الفلسفية حول معنى الوجود الإنسانى، ودور القدر فى حياة البشر.
وفى حواره مع جريدة «الشروق» تحدث زيدان عن روايته وشخوصها، والخط الفاصل لديه بين الواقع والخيال.
فى البداية لماذا اخترت أن تدور أحداث رواية «الحصيد» فى فترة ما قبل ثورة يناير؟
ــ بسبب أن الحدث الكبير الذى جرى فى مصر والبلاد العربية من ثورات اشتعلت وخمدت ومنها لم يأت ثمارها المرجوة، كانت هذه وقائع كبرى يلزمها التحليل الكثير سواء على مستوى البحث الأكاديمى أو بالطريقة الأدبية التى ظهرت فى «الحصيد».
لماذا قررت تقديم أسلوب أدبى جديد فى «الحصيد»؟
ــ من زاوية السرد الحكائى فى رواياتى وقصصى القصيرة، أتعمد دومًا اختيار طريقة جديدة فى كل مرة، حيث أن هذا العمل لا يشترك مع غيره فى الموضوع.
وحتى لو كان هناك نوع من التسلسل مثل ثلاثية الحكماء (فردقان، الوراق، حاكم) قصدت أن يكون هناك تنوع للأسلوب السردى، ونفس الشىء فى ثلاثية (محال، جوانتانامو، نور)؛ حيث يتنوع أسلوب السرد ما بين الحكاية على لسان الراوى العليم أو للشخصية الرئيسية، مع مراعاة المفردات والصيغ البلاغية الخاصة بهذا العصر أو ذاك، فمن الطبيعى أن تكون الأساليب السردية مختلفة بين الروايات، فعلى سبيل المثال الفارق الأسلوبى بين الروايات مثل ظل الأفعى وعزازيل، وبين النبطى وما جاء بعدها من روايات.
رواية «الحصيد» رواية معاصرة تسلط الضوء حول قصة الاختلافات العقائدية وما يمكن أن تؤدى إليها من ويلات إذا اصطدمت، فمن الطبيعى أن يكون لها الصيغة والأسلوب المناسب.
كيف يدرس يوسف زيدان المفردات الأدبية لكل مرحلة يقدمها فى أعماله؟
ــ طبعًا لكل مرحلة تاريخية مفرداتها وتعبيراتها، وحتى الفترات داخل المرحلة الواحدة، ورواية «الحصيد»؛ لأنها تجرى فى العالمين اللذين سبقا الأحداث الكبرى لثورة يناير ٢٠١١، كان لابد أن استحضر مفردات هذه الفترة، وأن يكون هناك تشابك ومزج بين مفردات الواقع والأسلوب البلاغى.
إذا كنت عاصرت هذه الفترة أو تلك فاستحضر مفرداتها من ذاكرتى، أما إذا كانت الرواية تاريخية يكون ذلك بالتعمق البحثى فى كتابات ومؤلفات ووقائع هذه المرحلة التاريخية.
فإذا كتبت عن العصر الفاطمى فى رواية «حاكم» استعملت فيها أن ذاك من تعبيرات خاصة بالمرحلة التاريخية، وعلى سبيل المثال أشرت إلى حكماء الدولة الفاطمية بـ«الأستاذيين» وليس الأساتذة، لأن كلمة «الأستاذيين» تعنى «المحنكين» وهم الذين يضعون طرف العمامة تحت الحنك، ويجرى هذا على مفردات أى مرحلة تاريخية.
هل كانت شخصيات «الحصيد» وبالأخص شخصية «أنو» جميعها حقيقية؟
ــ هذا شىء تعلمناه من الأستاذ نجيب محفوظ؛ حيث كان فى جلساته بالإسكندرية يقول إن الكاتب الروائى لا يجب أن ينقل شخص من الواقع الفعلى إلى روايته بشكل كامل، ولكن يلتقط سمة أو صفة ما، ويقوم بتركيب صورة أخرى من خياله مستوحاة من هذه الشخصية أو تلك، وبالتالى شخصيات «الحصيد» لا توجد فى الواقع بكاملها، ولكن من شخصيات توجد فى المكان والزمان، لكن أعيد تركيبها على نحو جديد بقوة الخيال الروائى.
كيف مزجت بين الواقع والخيال فى «الحصيد»؟
ــ الخيال الروائى عندى ليس حرًا حرية مطلقة، فليس من حق الروائى أن يغير أو يصطدم أو يخالف الوقائع الفعلية، وهناك اتجاهات أدبية مثل (الواقعية السحرية) تقوم على تصوير واقع موازٍ، ليس له أى ارتباطات بالحياة الفعلية، أما فى كتاباتى فهناك طريق آخر وهو الحفاظ على الوقائع الأساسية والمفردات السائدة، ثم ملء الفراغات بينهما وتوجيه النص بالسرد الروائى الذى يفسر الوقائع دون أن يصطدم بها.
كيف تستطيع الجمع بين المعلومات حول الكثير من تفاصيل الاختلافات العقائدية فى الرواية؟
ــ مجال عملى الأساسى وفى النهاية أنا لا أقدم أعمالاً حكائية ولكن «رواية معرفة».
كيف يختار يوسف زيدان أحداث رواياته أو القصة التى تدور فيها؟
ــ محكوم ببنية العمل الروائى وهى بنية تكون حاضرة قبل الرواية، فعندما أبدأ أو ربما قبل أن أبدأ فى كتاباتها أستطيع أن أخبرك بكل ما سيأتى فيها من أحداث وتفاصيل حاضرة، وعلى هذا الأساس أصيغ الكتابة الأدبية.