انتعشت السياحة الوافدة إلى مصر فى عام 2023، إذ استقبلت البلاد 14.9 مليون زائر دولى، وهو رقم قياسى منذ ثورة يناير 2011، فيما لا يزال القطاع يشهد نموا رغم التأثير السلبى لاستمرار العدوان الإسرائيلى على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى، وفق تقرير لوكالة بلومبرج.
وقال وزير السياحة والآثار، أحمد عيسى، إن عدد السياح الوافدين ارتفع 6% فى الـ 7 أسابيع الأولى من 2024، وهو معدل أقل من النمو الذى تتوقعه الوزارة بنسبة 20% خلال العام الحالى، والذى يعنى تدفق 18 مليون زائر فى السنة، مضيفا أنه «لولا الحرب فى غزة، لاستقبلنا أعدادا أكبر بكثير».
ويمثل تواجد السائحين الأمريكيين عاملا أكثر أهمية، حيث تشمل تركيبة الزوار الحاليين الأشخاص ذوى الإنفاق المنخفض الذين يأتون لرحلات الأقصر، بشكل رئيسى من أوروبا، مقابل الأمريكيين الذين يميلون إلى البقاء لفترة أطول وإنفاق الأموال.
وسجلت إيرادات مصر من السياحة 13.6 مليار دولار فى السنة المالية الماضية 2022 /2023، بزيادة 27% على أساس سنوى.
وفى حين انخفضت مصادر مصر الدولارية، مثل عائدات قناة السويس، بسبب تأثير الحرب فى غزة، فإن جذب المزيد من السائحين الأمريكيين ــ الذين يقيمون فى المتوسط 13 ليلة، ويزورون مناطق متعددة فى رحلة واحدة، وفقا لوزير السياحة والآثار ــ يظل أمرا بالغ الأهمية للاقتصاد بشكل عام.
وحال توجه الحكومة لتحريك سعر الصرف، فإن خفض قيمة الجنيه سيكون مفيدا للزوار الدوليين، وتقول شركة الرحلات السياحية «أبركرومبى آند كينت»، ووكالة السفر «إيجيبت توريزم يو إس إيه»، إن الحجوزات لا تتم بالسرعة والقوة التى كانت عليها العام الماضى، حيث يتخذ الأمريكيون نهجا أكثر حذرا فى السفر إلى الشرق الأوسط، فيما سجلت «جاكادا ترافيل»، ارتفاعا فى استفسارات السائحين الأمريكيين بنسبة 60% فى يناير 2024 مقارنة بسبتمبر 2023، مع اهتمام خاص بالرحلات النيلية.
وترسم بيانات «جوجل»، بشأن الطلب على المقاصد السياحية، والتى حللتها «بلومبرج»، صورة مماثلة، حيث انخفض حجم البحث عن الفنادق ورحلات الطيران من الولايات المتحدة إلى مصر خلال الفترة من 7 أكتوبر إلى 2 فبراير 2024، بنسبة 16% على أساس سنوى، ولم ينتعش بعد إلى مستويات ما قبل الحرب فى غزة، ويمثل ذلك انخفاضا كبيرا فى الاهتمام عمّا شهدته دول أخرى بالشرق الأوسط.
لكن البيانات الإضافية توضح أن هذه المخاوف قد تكون فى غير محلها، فوفقا لتحليل المعنويات الذى أجرته شركة المعلومات السياحية «مابريان تكنولوجى»، فإن مصر حصلت، وفق مؤشر أمنى، على 86 من أصل 100 فى الأسابيع الأخيرة، وهو رقم يمثل كيف يصف الزوار تجاربهم على وسائل التواصل الاجتماعى، ويمثل هذا تحسنا من 68.9 فى منتصف ديسمبر 2023، رغم أنه لا يزال أقل من مستويات ما قبل الحرب البالغة 92.4 فى سبتمبر 2023.
وتفوقت مصر على منافسيها الإقليميين، إذ جاء تصور السلامة السياحية أقل فى تركيا 84، والأردن 83.6، وقطر 81.6 خلال نفس الفترة من فبراير 2024، وفق «مابريان تكنولوجيز».
وبحسب بلومبرج، فقد يكون الآن هو الوقت المناسب لزيارة مصر إذا كنت تسعى لتجنب الزحام وإبرام صفقات، حيث تُظهر بيانات «جوجل«، أن أسعار الفنادق أقل بنسبة 18% إلى 25% من المعتاد فى عام 2019، كما سيكون السائح الذى يزور مصر حاليا من بين أول من يشاهد مجموعة كبيرة من التحسينات.
وقال وزير السياحة، إن مصر أنفقت 22% من ناتجها المحلى الإجمالى على مدى الـ 7سنوات الماضية على البنية التحتية، مشيرا إلى إجراء تحسينات لجذب 30 مليون زائر بحلول 2028، متابعا أنه يمكن أن تتحمل جودة البنية التحتية فى مصر اليوم 4 أو 5 مرات عدد السياح الذين استقبلتهم عام 2023.
وتمثل زيادة عدد غرف الفنادق الفاخرة لتلائم الزوار الذين ينفقون الأموال الكثيرة، موضع اهتمام خاص، حيث افتتح فندق «والدورف أستوريا القاهرة هليوبوليس» أبوابه فى فبراير الماضى، وأبرمت الإمارات مؤخرا صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع مصر تتضمن تطوير منطقة رأس الحكمة الواقعة على شاطئ البحر المتوسط، وتحويلها إلى منتجع فاخر من شأنه أن يجذب استثمارات كبرى فى قطاع الفنادق.
فى غضون شهرين، يمكن لزوار مصر أن يتوقعوا انتشارا أوسع للحافلات الكهربائية التى تتوقف عند 9 مواقع داخل مجمع أهرامات الجيزة، كما تم افتتاح العديد من المطاعم الجديدة فى مجمع الجيزة خلال السنوات الثلاث الماضية. وسيتم افتتاح المتحف المصرى الكبير بالكامل، خلال العام الحالى.
وفى منطقة شرق الأهرامات، تخضع 5 مواقع أثرية للتجديد، بموجب خطة لجذب الزائرين الذين يقضون فترات قصيرة لزيارة عدة أماكن فى القاهرة. كما تجرى أعمال الترميم فى مسجد يرجع إلى فترة الحكم العثمانى يعود تاريخه إلى 500 عام، وفى قصر محمد على.
هذا بالإضافة إلى برجين تم ترميمهما، من المقرر أن يفتتحا أبوابهما أمام الزائرين فى قلعة صلاح الدين الأيوبى، بالإضافة إلى متحف «إمحوتب» الجديد فى الجيزة، الذى يضم أكثر من 300 قطعة أثرية تمثل سلالات مختلفة.