دوافع حفظ الذات.. علامات على طريق علم النفس فى الحديث النبوى الشريف - بوابة الشروق
الجمعة 28 يونيو 2024 9:53 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دوافع حفظ الذات.. علامات على طريق علم النفس فى الحديث النبوى الشريف

كتب ــ على دحروج:
نشر في: الأربعاء 6 مايو 2020 - 8:45 م | آخر تحديث: الأربعاء 6 مايو 2020 - 8:45 م

فى كتابه الصادر عن «دار الشروق» بعنوان «الحديث النبوى وعلم النفس»، يتناول الدكتور محمد عثمان نجاتى بعض الموضوعات التى وردت فى الحديث النبوى، والمتعلقة بالنواحى المختلفة من سلوك الإنسان، مثل :«دوافع السلوك، الانفعالات، العلاج النفسى»، وما يذهب إليه علم النفس. مستعينا بأمهات كتب الحديث المعروفة ومنها: «صحيح البخارى، صحيح مسلم، وكتب السُنن لأبى داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجه، والدرامى، ومسند أحمد.
وفى فصل بعنوان «دوافع السلوك فى الحديث»، يتحدث «نجاتى» عن دوافع حفظ الذات، والتى أشار الحديث النبوى الشريف إلى بعض منها كدافع «الجوع، العطش، التعب، الحرارة، البرودة، فعن عثمان بن عفان أن رسول الله (ص) قال: «ليس لابن آدم حق فى سوى هذه الخصال، بيت يسكنه، وثوب يوارى به عورته، وجلف الخبز والماء»، وعن ابن خداش عن رجل من المهاجرين من أصحاب الرسول (ص) قال: «المسلمون شركاء فى ثلاث، الماء والكلأ والنار»، ففى هذه الأحاديث السابقة بيان لأهم الحاجات الفسيولوجية الأساسية للإنسان.
والدوافع الفسيولوجية تنشأ نتيجة اختلال فى الاتزان العضوى والكيميائى للبدن، وهو ما يعرف فى الدراسات الفسيولوجية والنفسية الحديثة بالاتزان الحيوى. وحينما ينبعث الدافع فإنه يدفع الإنسان والحيوان إلى القيام بنشاط توافقى، يهدف إلى التخلص من هذا الاختلال، وإلى إعادة البدن لحالته السابقة من الاتزان.
وذهب الفيلسوف الأمريكى «وولتر كانون»، إلى أن وجود نقص فى بعض العناصر الغذائية المهمة فى البدن، يحدث ميلا واشتهاء لأنواع الأطعمة التى تحتوى على هذه العناصر. وإلى هذه الحقيقة أشار الرسول (ص) فى حديث عكرمة عن ابن عباس، قال:«إن النبى (ص) عاد رجلا، فقال له: ما تشتهى، فإجاب الرجل: أشتهى خبز بر، فقال الرسول (ص): من كان عنده خبز بر فليبعث إلى أخيه»، ثم قال النبى (ص):«إذا اشتهى مريض أحدكم شيئا فليطعمه»، وهذا يدل على أن الطعام الذى يشتهيه المريض سوف يفيده، لأن بدنه فى حاجة إليه وسوف يؤدى إلى سلامته وتحسن صحته.
وينتقل بعدها المؤلف إلى دوافع بقاء النوع ومنها الدافع الجنسى، والذى يهدف إلى التناسل وبناء الأسر والمجتمعات، وقد حث الرسول (ص) المسلمين على الزواج، فإنه سيكاثر بهم الأمم يوم القيامة، فقال عليه الصلاة والسلام:«النكاح من سنتى، فمن لم يعمل بسنتى فليس منى، وتزوجوا فإنى مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصوم، فإن الصوم له وجاء»، وكان الرسول (ص) يحث على الزواج من المرأة الودود الولود.
والعلاقة الجنسية بين الزوجين فى نظر الإسلام، علاقة إنسانية يمارس فيها الزوجان مشاعر المحبة والمودة والتقدير للجنس الآخر، وتسبقها وتمهد لها مداعبات لطيفة وملاعبات رقيقة، تثير فى الزوجين مشاعر الحب والسعادة، وكان الرسول (ص) ينصح أصحابه رضى الله عنهم بمداعبة زوجاتهم قبل الممارسة الجنسية، وقد أثبتت الدراسات الحديثة صحة ذلك. والعلاقة الجنسية أيضا بين الزوجين ليست صدقة يُثاب عليها فحسب، بل إنها ترتفع إلى مستوى العبادة التى تدخل من يقوم بها الجنة، فقال النبى (ص):«من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر».
أما عن دافع الأمومة والذى يظهر بوضوح فيما تبديه الأم نحو اطفالها من حب وحنان وعطف ورعاية، وقد أشار الرسول الكريم (ص) إلى ما تعانيه الأم من مشقة وآلام فى أثناء الحمل والرضاعة، والسهر على أولادها والعناية بهم. شكا رجل إلى النبى (ص) سوء خُلق أمه، فقال النبى الكريم (ص): «لم تكن سيئة الخلُق حين حملتك تسعة أشهر، فقال: أنها سيئة الخُلُق، فرد عليه: لم تكن كذلك حين أرضعتك حولين، قال: إنها سيئة الخلق، قال: لم تكن كذلك حين سهرت لك ليلها، وظمأت نهارها، قال: لقد جازيتها، فرد عليه: ما فعلت لها، فقال: حججت بها على عاتقى، فرد عليه: ما جزيتها ولو طلقة».
وفى طيات الكتاب يتحدث الدكتور «نجاتى» عن دافع التنافس، وهو عبارة عن دافع نفسى اجتماعى شائع بين الناس، ويحدد ثقافة المجتمع قيمة الأشياء التى يستحسن التنافس عليها، ويميل معظم الناس عادة إلى التنافس فى الدنيا وما فيها من عرض زائل، فهم يتنافسون فى جمع الأموال وامتلاك الأراضى والعقارات، والحصول على الشهرة والجاه، والاستيلاء على مقاليد السلطة فى المجتمع.
وقد حذر الرسول الكريم (ص) المسلمين من التنافس فى الدنيا، فهو من التنافس المزموم، الذى يثير الحقد والبغضاء فى النفوس، ويفكك عرى الأخوة وروابط المحبة بين المسلمين، ويبعدهم عن ذكر الله، ويضعف فيهم حماس الجهاد فى سبيل الله ونشر الدعوة. وفى حديث رواه عمرو بن عوف الأنصارى، عن الرسول (ص) جاء فيه: «... فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكنى أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك