مواصي خان يونس ورفح.. مناطق تكتظ بالنازحين وتفتقر للاحتياجات الإنسانية - بوابة الشروق
الخميس 27 يونيو 2024 10:02 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مواصي خان يونس ورفح.. مناطق تكتظ بالنازحين وتفتقر للاحتياجات الإنسانية

وكالة أنباء العالم العربي
نشر في: الثلاثاء 9 يناير 2024 - 4:16 م | آخر تحديث: الثلاثاء 9 يناير 2024 - 4:16 م

يجلس محمد أبو زيد، البالغ من العمر 52 عاما، داخل عريشة صغيرة من النايلون، نصبها بين الكثبان الرملية في مواصي خان يونس، وإلى جانبه ابنيه اللذين يبقيان بجواره بسبب صعوبة حركته، بعد إصابته بكسر في قدمه اليسرى خلال رحلة النزوح التي بدأت مطلع ديسمبر الماضي.

يمدد الرجل قدمه وهو يجلس على مقعد من البلاستيك، ويشير إلى بساطة عريشته التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فلا تتوفر لديه سوى حصيرة صغيرة وبعض الأغطية التي لا تكفي أولاده الـ7، بينما تتسلل مياه الأمطار لها من الثقوب العديدة في النايلون ومن أسفلها بسبب انخفاض الأرض.

- حياة غير آدمية

لكن الحرمان من النوم وغرق الأطفال بمياه الأمطار والنزوح في خيمة أو عريشة ليست أكبر مشكلة تواجه أبو زيد، بل عدم توفر المواد الغذائية والمياه بشكل منتظم لعائلته هو ما يسيطر على تفكيره، الأمر الذي يدفعه إلى الاقتصاد في توزيع كميات الطعام التي تتناولها العائلة لتكفي مدة أطول.

يسيطر الحزن على الرجل وهو يتحدث عن مرور بعض الأيام التي تتناول خلالها العائلة وجبة واحدة حتى تكفي قدر المستطاع الأيام المقبلة، لعدم ضمان إمكانية حصوله على مساعدة جديدة من المؤسسات الإغاثية العاملة في المنطقة، وفي ظل عدم قدرته على شراء ما يتوفر في السوق بعد ارتفاع الأسعار بما يتجاوز قدراته المالية المحدودة.

- منطقة النواصي معدومة الخدمات

ويعتبر أبو زيد منطقة المواصي مختلفة عن بقية أماكن ومناطق النزوح، لأنها كانت منطقة لا تتوفر فيها مقومات الحياة حتى قبل الحرب، وبالتالي فهي شبه معزولة عن الخدمات والمساعدات إلا في نطاق ضيق، مشيرا إلى أن يسمع عن عمل المؤسسات والجمعيات الخيرية في الأحياء والمناطق السكينة في رفح وفي مراكز الإيواء في رفح وخان يونس، لكن دون أن يمتد عملها إلى النازحين في المواصي سوى بأقل القليل.

وقال أبو زيد لوكالة أنباء العالم العربي "AWP": "توفير الطعام معركة يومية تسيطر على النازحين في المواصي النائية، الذين لا يعرف غالبيتهم أين يتوجهون وما هي الأبواب التي يمكن طرقها للحصول على المساعدات والسلال الغذائية.. نسمع عن التوزيع ولا نرى إلا الفتات".

- صعوبة الحصول على أقل الاحتياجات

وأضاف، "نحن منسيون ولا يسأل علينا أحد، مطلوب أن نقضي كل أيامنا نبحث عن المؤسسات ونسجل فيها، ونقف طوابير طويلة لعلنا نحصل على شيء أو نعود لعائلتنا بلا أي مساعدة".

المشهد ذاته يتكرر في معظم مناطق المواصي، التي يفتقر النازحون فيها لأبسط الأشياء التي توزع على مركز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مثل المواد الغذائية وسلال الخضروات ومواد التنظيف والملابس والأغطية وغيرها، ويضطر هؤلاء إلى الانتقال للتسجيل في بعض مراكز المؤسسة الأممية أملا في الحصول على بعض المساعدة التي تخفف عنهم احتياجاتهم اليومية.

في مواصي رفح، يؤكد إياد كميل، البالغ من العمر 48 عاما، والأب لـ5 أبناء، أنه لم يحصل على مساعدات من المؤسسات الإغاثية رغم نزوحه بين النصيرات وخان يونس وأخيرا رفح خلال الشهرين الماضيين، باستثناء جوالين من الدقيق حصل عليها ضمن برنامج الأونروا التي توزعه على كل العائلات.

- فشل الحصول على الغذاء

ينزح الرجل مع عائلته وأشقائه على أطراف مواصي رفح الشمالية في خي مة غطاها بالنايلون بعدما أغرقتها مياه الأمطار الأسبوع الماضي، ويتحدث عن بؤس حالته في ظل افتقاده المواد الغذائية الكافية ومياه الشرب، قائلا إنه سمع من بعض النازحين عن مؤسسات توزع سلال خضروات ومواد تنظيف، لكن محاولاته في الحصول على ذلك باءت بالفشل لأنه لا يعرف المنطقة جيدا.

ويتساءل كميل النازح من مدينة غزة، "أليس من ينزحون إلى المواصي بشرا مثل بقية النازحين في مناطق أخرى ولهم ذات الحقوق؟ لماذا نضطر إلى الانتقال لمسافات بعيدة للسؤال عن أماكن توزيع المساعدات؟ وفي أحيان كثيرة لا نحصل عليها، أتعجز المؤسسات الإغاثية عن الوصول إلى المواصي لمساعدة نازحيها بدلا من تركيز عملها في أماكن محددة تصلها كل المساعدات؟".

وأضاف، "التدخل مطلوب الآن وبسرعة، حتى لا تصل العائلات النازحة لمرحلة صعبة للغاية على صعيد توفير احتياجاتها من الطعام والماء، يجب على كل المؤسسات فتح مراكز لها في المواصي، وتوجيه طواقمها للعمل بين النازحين وليس فقط في المراكز المسجلة وداخل المدارس".

وأقر رئيس جمعية الفجر الشبابي، صالح الأسطل، بحقيقة الشكاوى المتكررة من ضعف العمل الإنساني ومحدودية المساعدات الإغاثية المقدمة للنازحين في مناطق المواصي، سواء من قبل المؤسسات الدولية أو المحلية، غير أنه قال إن هذه المناطق مهمشة ولا يوجد فيها برامج إغاثية منتظمة وكافية للتعامل مع حاجات النازحين، بخلاف مراكز الإيواء المعتمدة التي يتوفر لها دعم منتظم.

وبينما يؤكد الأسطل، أنه ينفذ مشاريع إغاثية ممولة من قبل شركاء الجمعية تشمل آلاف العائلات النازحة، فإنه أوضح أن المؤسسات الدولية والجمعيات الأهلية العاملة بشكل حقيقي أعدادها محدودة للغاية وأعمالها بسيطة أمام الكارثة الإنسانية الكبيرة في قطاع غزة.

ويقدر الأسطل وجود من 70 إلى 80 ألف أسرة نازحة في مواصي خان يونس، فضلا عن أعداد أكبر بكثير في مواصي رفح بمتوسط 5 أفراد في العائلة الواحدة، يتوزعون في أماكن زراعية وكثبان رملية تفتقر لمقومات الحياة، ودعا المؤسسات الأممية والداعمين إلى بذل جهود حقيقية لتمويل توفير الطعام أو السلال الغذائية ومياه الشرب ومواد التنظيف واحتياجات الأطفال والأمهات.

وقال الأسطل: "نقدم ما نستطيع منذ بداية النزوح ولا نتمكن من العودة لمرات عديدة لذات الأسر، وأشاهد الدموع في عيون الأمهات والحسرة في وجوه الآباء، لكن الأعداد تفوق قدراتنا التي تحتاج إلى دعم وإسناد خصوصا من قبل الجهات التي تتسلم المساعدات من خارج قطاع غزة".

وأضاف: "نعمل بما يتوفر في السوق رغم مضاعفة أسعاره، وإمكانية العمل والتخفيف من حاجات النازحين واردة وممكنة في جوانب كثيرة إن توفر التمويل".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك