عقب فوزها بجائزة ساويرس.. «زيارة حميمية تأخرت كثيرا» رحلة سامية محرز لاكتشاف مكامن إبداع إبراهيم ناجي - بوابة الشروق
السبت 21 سبتمبر 2024 3:33 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عقب فوزها بجائزة ساويرس.. «زيارة حميمية تأخرت كثيرا» رحلة سامية محرز لاكتشاف مكامن إبداع إبراهيم ناجي

أسماء سعد
نشر في: الجمعة 12 يناير 2024 - 7:44 م | آخر تحديث: الجمعة 12 يناير 2024 - 7:44 م

تضافر مقومات السيرة الذاتية والتأريخ الاجتماعى والنقد الثقافى للكشف عن علاقة الجد والحفيدة

«رحلة أدبية مثيرة، مدعومة بأسلوب سردى شيق، واستدعاء محسوب للماضى ودمجه مع الحاضر» ميزت تلك العناصر النص الفائز بجائزة ساويرس الثقافية للعام 2024 فرع السرديات الأدبية، كتاب «إبراهيم ناجى.. زيارة حميمة تأخرت كثيرا»، الصادر عن دار الشروق للكاتبة سامية محرز، والذى قامت خلاله بتتبع مسيرة ومشوار جدها لأمها الشاعر الكبير إبراهيم ناجى.
يبهر الكتاب قراءه منذ البداية، عبر غلاف إبداعى تتداخل خلاله صورة الكاتبة سامية محرز مع الشاعر الكبير إبراهيم ناجى، وسط قسمات وملامح متشابهة إلى حد كبير، تخبرنا عن مقدار الإجادة والإتقان الذى أحاط بهذا الكتاب منذ اللحظات الأولى، ومع مطالعته داخل النص نرصد مجموعة من أهم المحطات التى شكلت رحلة طويلة قطعتها سامية محرز منذ طفولتها القاهرة وصولا إلى مراتب الدراسة بالولايات المتحدة، قبل أن تستقر أخيرا فى مصر مرة أخرى لتدريس الأدب العربى، لتكون حينها بصدد البدء فى مشوار بحثى وأدبى وإبداعى يرصد رحلة الشاعر الرومانسى الكبير إبراهيم ناجى جدها لأمها.
يتورط القارئ سريعا فى نص جذاب ومشوق مع بداية علمه بوجود مجموعة من الخطابات والمذكرات الشخصية والمسودات لبعض قصائد إبراهيم ناجى، والتى سوف تشعل رغبة سامية محرز فى البحث عن صاحب قصيدة الإطلال وترجمات الأدبية ومشروعات وغير المكتملة التى لم يطلع عليها أحد من قبل، حيث يشعر القارئ على الفور بأنه فى القلب تماما من جوانب مجهولة ومطموسة من حياة إبراهيم ناجى تشتمل على صراعاته مع البيروقراطية المصرية والتقلبات المادية والعلاقات العاطفية التى لطالما فضل إبقاءها فى الظل وخلف الكواليس رغم ما تحتشد به من معانٍ وأحاسيس عاطفية متفردة لأحد أهم الشعراء المصريين.
وجاء كتاب «إبراهيم ناجى.. زيارة حميمية تأخرت كثيرا»، الصادر عن دار الشروق لسامية محرز ليمثل فى حد ذاته إضافة مهمة لكتاباتها وإسهاماتها فى مجال النقد الأدبى والترجمة معتمدا على علاقة تتبلور سريعا أمام القارئ ما بين حفيده الشاعر الكبير وجدها، مع تطور محسوب لتلك العلاقة واستدعاء معانى الود والحب والاحترام بين جميع أطراف الكتاب مع إلقاء إطلالة عن سبب العلاقة التى تتشكل بين الطب والأدب والارتباط الملحوظ بينهم فى وقائع عديدة سابقة، مع استخدام اللغة الرشيقة التى تتناسب مع طبيعة المذكرات والرسائل المليئة بالأحاسيس الصادقة والمشاعر المخلصة والشهادات الهامة التى تعكس لنا جانبا كبيرا من شكل المجتمع المصرى فى إحدى الفترات والمراحل المهمة.
رفضت الكاتبة القديرة سامية محرز أن تظل سيرة الشاعر الأيقونى إبراهيم ناجى حبيسة نفسها أو مختزل دون ابعاد لتقدم على هذا النص، حيث انطلقت لتسلط الضوء على هذا المشروع الإبداعى الكبير للشاعر الكبير إبراهيم ناجى، مَن تغنت أم كلثوم بقصيدته «الأطلال» عام 1966 لأول مرة، وتحكى خلاله محرز تفاصيل رحلتها الشيقة لاكتشاف واقتفاء أثر جدها لأمها الشاعر الكبير إبراهيم ناجى.
يضم الكتاب ملامح دقيقة لحياة إبراهيم ناجى، مدعوما بالعشرات من الصور الفوتوغرافية والوثائق والمخطوطات النادرة والمراسلات بخط يد ناجى، كما يقدم الكتاب معلومات جديدة مثيرة للقارئ المصرى والعربى عن إبراهيم ناجى، منها: ملهمته الأولى الغامضة التى لم يذكرها فى مخطوطته سوى بالأحرف الأولى والتى يشاع أنها وراء إلهامه قصيدة «الأطلال»، وكيف تحول إلى «سوبر ستار» بعد وفاته بما يزيد عن 10 أعوام، وكيف كان أثر ذلك على أسرته خاصة حفيدته سامية محرز.
وذلك بالإضافة إلى الفارق الكبير بين قصيدة «الأطلال» المكتوبة والمغنية، وكشف دور الشاعر الكبير أحمد رامى فى صناعة ذلك الفارق، وما هى القصيدة الأخرى التى دُمجت بعض أبياتها مع «الأطلال» ليصبح الناتج: أغنية أم كلثوم الشهيرة، ومؤلفاته الأخرى فى الطب وعلم النفس بعيدا عن كتاباته فى الشعر والأدب، وكيف كانت حفيدة شاعر الأطلال لا تحمل ودا لجدها ولا فخرا بشهرته بسبب مناهج الحكومة لدراسة الأدب العربى فى الستينيات.
حافظت سامية محرز من خلال وتيرة رشيقة فى السرد والإفصاح عما فى ذهنها، على القارئ منجذبا إلى كل ماتكتبه حيث عمدت إلى تعريف جدها إبراهيم ناجى إلى القراء بطريقة مختلفة، وقد امتلكت أدوات احترافية ساعدتها على أن تكسر عنه الصور النمطية، وأن تقدم حوله مادة أدبية إبداعية لا تخلو من «الروح والتلقائية».
«إن الكتاب فى الواقع هو نتاج مصادفة، لأن أوراق الخبيئة التى كونت إطاره العام ورثتها وتقاسمتها أمى، أميرة ناجى وخالتى، ضوحية ناجى عن أبيهما بعد وفاته عن طريق المصادفة»، هكذا كشفت الكاتبة الفائزة بجائزة ساويرس، فى حوار سابق خاص مع الشروق، ذكرت فيه أن الأوراق ظلت خبيئة لما يقارب حوالى سبعين عاما، وقد أهدتنى ابنة خالتى ضوحية تلك الأوراق الشخصية لجدى من سودات أشعار وترجمات ومشروع مذكرات لم تنشر ومشاريع كتب غير مكتملة فى الطب... إلخ ستشكل كلها، إلى جانب إرث أمى من خطابات وصور، الملامح الأساسية والإطار العام لزيارتى لجدى إبراهيم ناجى».
ولا يزال الكتاب ينبض بالكثير من مقومات التفرد والإبداع، خاصة أنه يمزج بين أكثر من نوع من الكتابة ويخرج على الأعراف التقليدية للأنواع التى يوظفها ليس بالضرورة عن قصد أو عن سابق تحضير، فهو سيرة وسيرة ذاتية وتأريخ اجتماعى ونقد ثقافى وسرد روائى وتاريخ شفاهى. ولكنه أيضا عبارة عن صورة مجازية ورمزية لتطور العلاقة بين الحفيدة والجد وهو ما نلمسه على مدار فصول الكتاب المشوق والمتميز فى نصوصه ودفقات الإحساس والخيال بداخله.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك