شيوخ وشباب وأطفال ونساء يرقدون على أسرة يتلقون العلاج في مستشفى العريش الذي فتح أبوابه على مصراعيه لمداواة الجرحى والمرضى الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة، حيث يشرف على علاجهم نخبة من أفضل الأطباء المصريين، كل وفقا لتخصصه.
واستقبلت مصر حتى الآن 13 دفعة من الجرحى والمرضي الفلسطينيين ومرافقيهم، إذ اشتملت أحدث الدفعات على نحو 46 مصابا ومريضا يرافقهم 89 من ذويهم.
وخلال جولة لوفد جامعة الدول العربية برئاسة الأمين العام المساعد السفير حسام زكي داخل مستشفى العريش، أمس السبت، استمع الوفد للأشقاء الفلسطينيين الذين رووا ما واجهوه من معاناة وذويهم جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية على القطاع.
كانت البداية مع طفل روى كيف فقد والده وشقيقه في الحرب، ليحضر إلى العريش وحيدا لتلقى العلاج، مشيرا إلى أنه لا يزال يحدوه الأمل أن يتماثل للشفاء، ليستطيع الوقوف مجددا على قدميه.
وإلى جوار هذا الطفل يمكث أحد الشيوخ من أهالي القطاع، يعاني من مرض بالقلب، جاء إلى العريش ضمن الدفعة الثالثة عشر، بعد أن تدهورت صحته، وهو أيضا تم احضاره وحيدا بعد أن فقد جميع أفراد أسرته أثناء الحرب الإسرائيلية على القطاع، حيث قال: "نحمد الله أن جارتنا هي مصر.. لقد فقدت كل شيء.. نحن لم نرد سوى الحياة".
وفي أروقة غرفة مجاورة كان اللقاء مع إحدى الأمهات الفلسطينيات التي فقدت أحد أطرافها، تبكي حالها وحال طفليها "علي وسلمي"، اللذان لم يتجاوزا بعد الخمس سنوات من عمرهما، فهما لا يزالا صغارا لاستيعاب ما يحدث.
وكان واضحا حرص الطواقم الطبية بالمستشفي على بث الأمل في نفوس الجرحى والمرض بقدر اهتمامهم بتوفير العلاج.
أما "كندا" الطفلة التي تعاني من قصور في الكلى، فرغم آلامها، التي تستطيع أن تشعر بها بمجرد الاقتراب منها، فالابتسامة لم تفارق وجهها وهي في أحضان والدتها.
وعلى السرير المجاور، كانت الطفلة ماسة تحتضن والدتها بشدة وكأنها تحتضن من خلالها الدنيا بأكملها، فهي الأخرى لم يتمكن قلبها من الصمود كثيرا أمام معاناة الحرب والتجويع، وغياب الرعاية الصحية في قطاع غزة، ليتم إحضارها أيضا إلى مستشفى العريش برفقة والدتها.
وفي ختام الجولة، كان اللقاء مع والدة الطفلة الرضيعة جود التي ترافقها في رحلة العلاج من التهاب رئوي، وقالت الأم: "ولدت ابنتي أثناء الحرب وحتى اليوم لم يراها والدها المحاصر في شمال القطاع، لم ينعم بعد بحمل طفلته"، وهنا انتهى الحديث، لعدم تمالك الأم لدموعها من هول لمعاناة التي مرت بها نتيجة للحرب، بينما كانت ابتسامة جود البريئة عنوانا لأمل في غد أفضل.