فرانز كافكا.. حياة وأعمال الكاتب الشهير في كتاب جديد - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 11:24 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فرانز كافكا.. حياة وأعمال الكاتب الشهير في كتاب جديد

منى غنيم
نشر في: الجمعة 19 يوليه 2024 - 7:21 م | آخر تحديث: الجمعة 19 يوليه 2024 - 7:21 م

تزامنًا مع الذكرى المئوية هذا العام لوفاة الكاتب التشيكى فرانز كافكا فى الثالث من شهر يونيو عام 1924، أصدر الأستاذ الفخرى لتدريس كل من اللغة الألمانية والإنجليزية فى كلية «إليزابيثتاون» بالولايات المتحدة الأمريكية، مارك هارمان، كتابًا بعنوان «كافكا: قصص مختارة» صادر عن دار نشر تابعة لجامعة «هارفارد» تتبع من خلاله المحطات الأدبية والشخصية للروائى والقاص باللغة الألمانية الشهير الذى يُعتبر من أهم الأدباء فى القرن العشرين.
واستهل الكاتب بالحديث عن بعض العبارات المقتبسة التى تُنسب لـ «كافكا»، ومن أبرزها: «أتمنى أن أصبح هنديًا« و«الأشجار»، ثم ناقش بعدها قصة أكثر شمولاً، ألا وهى رواية «الحُكم» التى ألفها «كافكا» فى ليلة واحدة فى سبتمبر 1912، وهى واحدة من أعماله القليلة جدًا التى رضى عنها المؤلف الراحل واعتبرها «مقبولة» أدبيًا، كما ضم الكتاب أيضًا اثنتين من أشهر الروايات القصيرة؛ ألا وهما «التحول»، التى تحكى قصة جريجور سامسا الذى استيقظ ذات صباح ليجد أنه قد تحول بين عشية وضحاها إلى حشرة؛ و«فى مستوطنة العقاب».
ولا تعد الرواية الأخيرة مشهورة بقدر القصتين السالف ذكرهما، ولكنها قوية على جميع الأصعدة الأدبية، وأكثر ترويعًا وقتامة فى سردها الهادئ والمدروس، وهى تتناول عبر حبكة خيالية قصة آلة جهنمية تقوم بإعدام الأوغاد عن طريق نقش كلماتهم ببطء على أجسادهم عن طريق قلم معدنى متحرك، وأشد ما يميز تلك الرواية هى الطريقة التى يصف بها «كافكا» ذلك «الإجراء» العجيب.
وقال الكاتب إن أحد النقاد الأوائل الذين قدروا عبقرية «كافكا» - ويُدعى كيرت توتشولسكى - قال إن وصفه تمتع بالعمق لاسيما عند حديثه عن الفعل البشرى ورد الفعل المناوئ له، وضم الكتاب أيضًا اثنتين من القصص القصيرة كتبهما «كافكا»؛ ألا وهما «حكاية صغيرة» و«تعليق ما».
وقال «هارمان» إن «كافكا» كان يميل لاستعمال التعبيرات الموجزة التى يكون لها أشد الأثر على المتلقى؛ ومنها واحدة من أكثر أقواله ذكاءً وحكمة، والتى كتبها فى مذكراته فى مارس 1922، وكانت تتألف من أقل من اثنتى عشرة كلمة، حين قال: «العون ينتظرنى فى مكان ما، ومن يسعون لتحطيمى يقودوننى رأسًا إلى ذلك المكان المنشود».
وعرّفنا الكتاب أيضًا على جوانب خفية فى حياة «كافكا»؛ ومنها على سبيل المثال رسالته التى كتبها إلى عشيقته فيليس باور التى أخبرها من خلالها عن علاقته بأمه فى طفولته؛ حيث قال إن سلوكها تجاهه كان دائمًا يحفزه على النهوض وفعل شىء ما ولكن بطريقة سلبية مليئة بالضغط النفسى أكثر من التشجيع، وأضاف أنها كانت تلعب ــ دون وعى منها ــ دور الصياد؛ فكان يشعر أنه فى حالة هروب دائمة، وملاحقة مستمرة، وكأنه يفر من عقوبة الإعدام التى لا مفر منها.
وهناك أيضًا رسالة أخرى كتبها لاحقًا فى عام 1922 هذه المرة لصديقه الصحفى التشيكى المولد، ماكس برود، بعد أن تم تشخيص إصابته بمرض السل الذى توفى به، فتحدث عن حالته المرضية ببالغ التهكم والحزن ورثاء النفس حين قال: «يبدو أن ما قمت بتخيله فى رواياتى يحدث لى الآن على أرض الواقع»، وأضاف: «لقد بعت نفسى لكتاباتى ولكنها لم تستطع إنقاذى»، وتابع: «لقد كنت ميتًا طوال حياتى ولو بشكل مجازى أما الآن سأموت حقًا».
وقد طالعنا فى مثل هذه التصريحات ــ بل وفى كل تصريحاته المنشورة ــ حقيقة الشعور الذى أدلى به لـ «باور»؛ حين قال: ليس لدى أية اهتمامات أدبية، كلا، الأمر أعقد من ذلك بكثير؛ أنا مصنوع من الأدب، ولا أستطيع أن أكون أى شىء آخر، وحتى فى أقصى درجات الألم الجسدى الذى كان يعانى منه، لم يتوقف «كافكا» عن الكتابة دون لمسة أنيقة أو لمحة من الفكاهة المشوبة بالحزن، كما ابتكر قبيل وفاته هو وعشيقته الأخرى، دورا ديامانت، خطة مجنونة للهجرة إلى فلسطين المحتلة من أجل أن يعمل كلاهما كطاهية ونادل فى أحد المطاعم فى تل أبيب، وقد حكى عن تلك الأمنية الخيالية التى لم يتأت له تنفيذها بطبيعة الحال لواحدة أخرى من عشيقاته، وهى ميلينا يسنسكا: قائلًا «إذا كنت لن أترك سريرى قط سوى إلى القبر، فلماذا لا أذهب إلى فلسطين على الأقل؟».
ويعد كتاب «هارمان» الجديد واحدًا من أكثر الكتب شمولًا عن «كافكا» وحياته وأعماله التى ظهرت للنور منذ السيرة الذاتية للمؤلف الألمانى راينر ستاخ المكونة من ثلاثة مجلدات والتى نُشرت فى من خلال إحدى الترجمات الصادرة عن المترجمة شيلى فريش للغة الإنجليزية بين عامى 2005 و2016.
وأشادت صحيفة الجارديان ببراعة المؤلف فى الترجمة عن اللغة الألمانية التى أتقنها «كافكا» فى حياته، وقالت إن القيمة الأساسية للكتاب تكمن فى التعليقات التوضيحية، والاهتمام الجلّ بالترجمة، وتسليط الضوء على الطبيعة «خفيفة الظل» لـ «كافكا» والتى توارت خلف كتاباته السوداوية والمتشائمة.
وفى الختام، لا يسعنا سوى القول بأن «كافكا» كان أستاذًا فى الأدب بحق وصاحب أقوال مأثورة شأنه فى ذلك شأن كبار المفكرين على غرار «نيتشه» أو «روشفوكو»، وقد ألحق المؤلف بعض الأمثلة القليلة من كتابات «كافكا» والتى تؤكد ذلك المعنى؛ ومنها: «راح القفص يبحث عن طائر» و«أشعر وكأننى رجل صينى يعود إلى منزله ولم أنتبه إلى أننى بالفعل هذا الرجل« و«هناك ثمة وجهة دائمًا ولكن لا يوجد طريق مؤدى إليها؛ وما نطلق عليه اسم الطريق ليس فى الواقع سوى التردد» و«فى صراعك مع العالم، لا تنسى أن تشد العالم من معطفه»، بالإضافة إلى تلك المقولة الشهيرة التى قالها لصديقه ماكس برود حين سأله عما إذا كان هناك ثمة أمل فى ذلك العالم الذى نحيا به، فقال: «بل هناك الكثير من الأمل يا صديقى، لا نهاية للأمل فى حياتنا تلك، ولكنه ليس مخصصًا لنا».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك