ــ دراستى للجغرافيا والثقافة الروسية منحتنى رؤية أعمق للأحداث
ــ اضطررت لتأجيل الكتاب عامًا كاملًا لضمان دقة المعلومات
ــ حرصت على الحياد فى الكتاب فلم أتبع أى طرف
ــ الحرب بين روسيا وأوكرانيا مأساة إنسانية.. والخاسر الأكبر هو الشعب
ــ الكتاب هو مجهود يزيد على ربع قرن، وأرجو أن يظل مرجعًا فى المكتبة لسنوات طويلة
ــ حرصت فى الكتاب على عرض تاريخ البلدين بشكل موجز لتوضيح الخلفيات
ــ أواجه صعوبة فى التعامل مع الطلاب بسبب تغيّر المجتمع.
ــ أعمل على موسوعة عن الجغرافيا السياسية فى مصر وتدوين رحلاتى فيها
رحلة أكاديمية وثقافية وإنسانية امتدت لأكثر من ربع قرن، مع الدكتور عاطف معتمد، الأستاذ الجامعى والكاتب والمستشار الثقافى السابق فى موسكو. بحكم شغفه بالجغرافيا الطبيعية والسياسية، وسنوات دراسته فى روسيا خلال فترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفيتى، كانت لديه نافذة فريدة لفهم التحولات الجذرية فى المنطقة.
فى هذا الحوار المميز، نغوص فى تفاصيل الرحلة، ويتحدث الدكتور عاطف معتمد عن رحلته الأكاديمية والثقافية، من دراسته فى روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتى إلى تأليفه لكتابه الأخير حول الصراع بين روسيا وأوكرانيا. يناقش التحديات التى واجهها فى أثناء البحث، محاولاته للحياد، وتأثير الحرب على العالم. كما يشارك رؤيته حول مستقبل الجغرافيا السياسية، وارتباط رحلاته الميدانية بعمله الأكاديمى، إلى جانب مشاريعه المستقبلية فى الكتابة والاستكشاف. عن جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وكيف ساهمت دراسته للجغرافيا والثقافة الروسية فى صياغة كتابه الأخير، الذى يحلل بعمق خلفيات الحرب وتأثيراتها. يشاركنا التحديات التى واجهها فى أثناء البحث، ومحاولاته الدائمة للحياد فى الطرح، إلى جانب رؤيته حول مستقبل العلاقات الدولية وإمكانية تفادى حرب عالمية جديدة.
وإلى نص الحوار..
فى هذا الحوار المميز، نناقش كتاب حرب روسيا وأوكرانيا الصادر هذا العام عن دار الشروق.. نستعرض تجربة مهنية وشخصية ملهمة للخبير الدكتور عاطف معتمد الذى عاش تجربة فريدة فى موسكو خلال التسعينيات. من خلال رحلته الأكاديمية والصعوبات التى واجهها، نغوص فى أعماق فهمه للصراع الروسى الأوكرانى وأثره الإنسانى. نناقش أيضا كيف ساهمت دراسته للجغرافيا والثقافة الروسية فى تأليفه لكتاب حول هذا الصراع، ونلقى الضوء على تحديات الكتابة والتحليل فى ظل الأحداث المتسارعة..
< ما الذى دفعك إلى اختيار هذا الموضوع بالذات؟
ــ تبدأ الحكاية فى عام 1997 عندما وقع الاختيار علىَّ لدراسة الجغرافيا الطبيعية فى موسكو، وكان ذلك على غير رغبة منى الذهاب إلى روسيا. علماً بأن هذه المنحة كانت هى الثانية فى تاريخ العلاقات المصرية الروسية، حيث كانت أغلب المنح الروسية فى العلوم التطبيقية مثل الفيزياء والرياضيات.
فى ذلك الوقت، كانت السمعة السيئة تلاحق المدرسة الروسية فى الإنسانيات. كانت تلك الفترة بعد تفكك الاتحاد السوفيتى بست سنوات، وشهدت تغير المجتمع بشكل عنيف حيث الأعمال الإرهابية والعنصرية وتغير رؤساء الوزراء فى فترات قصيرة. قد يسميها البعض صدمة ثقافية، لكننى أعتبرها فتح نوافذ على أمور كثيرة، وأدركت أننى أعيش تجربة لن تتكرر كثيرا فى تاريخ العالم. لم أكن أدون مذكرات لأن الأحداث كانت فريدة من نوعها أستطيع أن أتذكرها الآن.
تعلمت فى مدارس حكومية ولم أنعم بالتنوع الثقافى المأمول داخلها، لكننى كنت أتعرف على أعراق وأجناس وأيديولوجيات متنوعة خارجها، مما حقق لى ثراء معرفيا وفتح أمامى آفاقاً فى البحث والقراءة. قضيت ثلاث سنوات فقط من البعثة، بدلا من خمس للحصول على الدكتوراه كثفت عملى فى الرسالة، حيث لم أتحمل إكمالها بالكامل، إذ كانت سنوات صعبة للغاية بسبب الهجمات العنصرية الروسية على الأفارقة والأجانب، فضلا عن المناخ البارد جدا. الجامعة كانت الأسوأ، بسبب نزوح أفضل الأساتذة إلى الغرب لضعف المرتبات، تاركين الجامعات خاوية على عروشها، لم يتبقَّ سوى الأساتذة المتقدمين فى العمر، مثل المشرف الخاص بالرسالة الذى كان يبلغ من العمر 72 عاما. كان هؤلاء الأساتذة من المدرسة القديمة فى دراسة الجغرافيا، حيث إن المعامل لم تكن مزودة بتقنيات حديثة أو خرائط، وكان معمل الجغرافيا فى مصر أغنى وأكثر كفاءة مما هو فى موسكو. كنت أخشى من سمعة الإخوة الحاصلين على الدكتوراه فى سوريا والأردن والعراق، حيث كان معروفا عن روسيا السوفيتية أنها تمنح الدرجات العلمية دون تدقيق.
وعند العودة، واجهت صعوبة فى الاعتراف بالدكتوراه فى المجلس الأعلى للجامعات، فاستغرق الأمر سنة فى مراسلة موسكو. عند العودة.
أما عن فكرة الكتاب، فقد انضممت حديثا إلى الشروق لعمل مشروع عن جغرافيا مصر، وأتمنى أن يُنشر فى أقرب وقت. ثم اقترح المهندس إبراهيم المعلم كتابة كتاب عن الحرب الدائرة، فاستعنت بكل ما قمت به فى السنوات الماضية.
< ما هى أهمية فهم جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا فى الوقت الحالى؟
ــ فهم جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا يتطلب العودة إلى التاريخ والوقوف على الأحداث التى أسست لهذا الصراع. حرصت فى الكتاب على عرض تاريخ البلدين بشكل موجز لتوضيح الخلفيات.
< كيف ساهمت دراستك للجغرافيا والثقافة الروسية فى كتابة هذا الكتاب؟
ــ ساعدتنى دراستى للجغرافيا والثقافة الروسية كثيرا، وكانت لدى هوايات قديمة فى الكتابة، لكن لم أنشر منها شيئا قبل الدكتوراه. حاولت ترجمة الكتب، ثم بدأت بترجمة المقالات، كانت حرب الشيشان فى أوجها، وهنا بدأت مرحلة مفصلية عام 2001 وكتبت لثلاث سنوات عن الحرب فى الشيشان حتى تراكمت 100 مقال، جمعتها فى كتاب. فى 2007، بدأت بعمل دراسة بدل المقالات، ووافق عليها مركز دراسات فى الإمارات، لكنهم لم يأخذوها. فورا أرسلتها إلى دار نهضة مصر التى رحبت بها وتم طبع الكتاب. تقدمت به لجائزة الدولة التشجيعية وفاز بها، مما فتح المجال لإصدار كتب فى هذا المجال حتى 2014، حيث سافرت إلى موسكو كمستشار ثقافى. هناك، لاحظت هذه التغيرات فى روسيا والعالم بعد أحداث سبتمبر، وحدث تحديث للبيانات والآراء، وأحضرت كتابين مهمين عن روسيا للترجمة، ولاقيا نجاحا كبيرا، فالكتاب هو مجهود يزيد على ربع قرن، وأرجو أن يظل مرجعا فى المكتبة لسنوات طويلة.
< هل واجهت أى تحديات فى أثناء البحث عن المعلومات وتحليلها؟
ــ واجهت تحديات كثيرة فى أثناء البحث، مثل سرعة الأحداث وتغيرها، مما اضطرنى لتأخير الكتاب سنة كاملة لضمان دقة المعلومات. كما التزمت الحياد، وهذا تطلب جهدا كبيرا، واجهت صعوبة هى علاقة مصر والعالم العربى بروسيا فكنت آخذ بعين الاعتبار ما هو المناسب للنشر لدينا، ويوجد فصل لم أضعه لهذا السبب. وصعوبة أخرى تتمثل فى: هل القارئ سيتحمل كل هذا؟ فاستخدمت الفصول الصغيرة لتسهيل القراءة.
< الكتاب حيادى جدًا كيف وازنت بين الآراء المُختلفة أثناء الكتابة؟
ــ كنت أحرص على الحياد فى الكتاب، ولذا تجنبت تبنى وجهة نظر أحد الأطراف، حيث كنت مستشارا ثقافيا فى موسكو، وكان من الممكن أن يُنظر إلىّ بشكل مريب.
< ما هو التأثير الإنسانى لحرب أوكرانيا؟
ــ التأثير الإنسانى لحرب أوكرانيا عميق، فهناك حزن بين الروس والأوكرانيين لأنهم إخوة، وهناك نزوح للأوكرانيين إلى أوروبا، مما يجعل أوروبا هى المستفيدة الوحيدة، ويكون الشعب الأوكرانى هو الخاسر الأكبر.
< ما هى القوى الداخلية فى روسيا التى تدعم أو تعارض غزو أوكرانيا؟
ــ القوى الداخلية فى روسيا التى تدعم أو تعارض غزو أوكرانيا تواجه قمعا، حيث سُجن المعارضون أو هربوا. لذلك، هناك صوت واحد فقط يُسمع.
< كيف يمكن تجنب حرب عالمية ثالثة معلنة على عكس عنوان كتابك الفرعى؟
ــ لتجنب حرب عالمية ثالثة، يجب على الغرب أن يتجنب استفزاز روسيا. فى الواقع الغرب هو الذى تسبب فى هذه الحرب باستقطاب أوكرانيا تجاهه ووضعها فى حلف الناتو بهذا الشكل الفج لخنق روسيا فى الميناء الوحيد الموجود داخل أوكرانيا وتهديد أسطولها هذا كان نوع من التصعيد.
< أنت معروف بكونك أستاذًا جامعيًا متميزًا، وكاتبًا ذا شعبية كبيرة، ورحالة شغوفًا باكتشاف مصر.. كيف تُوفق بين هذه الأدوار المختلفة؟
ــ التوفيق بين الأدوار المختلفة، كأستاذ جامعى وكاتب ورحالة، هو أمر صعب، لكننى أركز على اهتمامى بالجغرافيا الطبيعية. منذ سبع سنوات، خصصت وقتى لمشروع جغرافية مصر بتمويل شخصى، رغم قلة الاهتمام بهذا المجال على عكس الجغرافيا السياسة التى كنت أكتب فيه مقالات.
< لديك ما يقرب من ١٠٠٠٠٠ متابع على صفحتك على فيسبوك وهذا رقم كبير جدا لكونك تقدم محتوى ثقافيا مكتوبا. كيف تُحافظ على تفاعل جمهورك على مختلف المنصات؟
ــ جمهورى ليس من نوع واحد بل هو متعدد للحفاظ على تفاعل الجمهور على فيسبوك، وأكتب فى مواضيع متنوعة وأتعامل مع البوستات كالمقالات التى كنت أكتبها لأتلقى أجراً.
< من المعروف عنك حب طلابك الكبير لك وتأثرهم بك.. كيف تُحاول ربط التدريس الجامعى بتجاربك الواقعية؟
ــ فى التدريس الجامعي، أواجه صعوبة فى التعامل مع الطلاب بسبب تغيّر المجتمع. قبل ذلك، كنت أحرص على تنظيم رحلات ميدانية مع الطلاب، وأضع فى اعتبارى أننى كنت نموذجا نقيضا لدكتاتورية الأساتذة.
< ما هى خططك المستقبلية؟
ــ عمل موسوعة عن الجغرافيا السياسية فى مصر وتدوين هذه الرحلات فيها، وترجمة المزيد من الكتب التى تحتاج إليها المكتبة العربية.