تقرير: هل ينجح الانقسام المسيحي بالعراق فيما فشل فيه داعش؟ - بوابة الشروق
الخميس 27 يونيو 2024 4:24 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تقرير: هل ينجح الانقسام المسيحي بالعراق فيما فشل فيه داعش؟

وكالة أنباء العالم العربي
نشر في: الجمعة 28 يوليه 2023 - 10:23 ص | آخر تحديث: الجمعة 28 يوليه 2023 - 10:23 ص

دقّت أجراس القلق في الكنيسة بالعراق، إذ لم يجرّب المسيحيون في البلاد نزاعا داخليا كالذي يحدث الآن بين البطريرك لويس ساكو رئيس الكنيسة الكلدانية، وريان الكلداني زعيم حركة بابليون التي تستحوذ على مقاعد المكوّن المسيحي الخمسة في البرلمان.

ويتخوف بعض أبناء الديانة المسيحية في العراق من أن يترك الخلاف آثارا وخيمة عليهم تولّد عوامل جديدة للهجرة.

يقول زياد يعقوب (30 عاما) المقيم بالعاصمة بغداد لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "الخلافات الحالية داخل المكوّن المسيحي ستولد فراقا وشقاقا، لاسيما بين أتباع بابليون وأتباع البطريرك لويس ساكو".

وكان الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد قد أصدر في الثالث من يوليو تموز الحالي مرسوما جمهوريا يقضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013 الخاص بتعيين البطريرك لويس ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ومتوليا أمر أوقافها.

وقد فجر المرسوم الجديد أزمة بين رئاسة الجمهورية والكنيسة الكلدانية، إذ أصدر ساكو بيانات عدة مؤكدا أن المرسوم يخالف القانون والدستور. وردت رئاسة الجمهورية بأن سحب المرسوم الجمهوري 147 "ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو، كونه معينا من قبل الكرسي البابوي بطريركا للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم".

وأضافت الرئاسة أن سحب المرسوم جاء تصحيحا لوضع دستوري، مشيرة إلى أن المرسوم السابق صدر "دون سند دستوري أو قانوني"، حسب نص البيان الرئاسي.

ويقول يعقوب "هذه الخلافات ستوّلد آثارا سلبية على الوجود المسيحي في العراق، فالوجود المسيحي مهدّد بالزوال من الأساس، وربما يكون الحديث عن المسيحيين بعد ثلاثة أعوام مثل الحديث حاليا عن الأيزيديين الذين كان عددهم أكثر من 250 ألفا، بينما اليوم لا يتجاوزون 20 ألف نسمة".

ويتابع "أسباب الهجرة كانت معروفة بسبب توجيه السلاح ضد المسيحيين في مختلف مناطق بغداد، وكذلك تفجير الكنائس. والآن جاء هذا الخلاف ليكون سببا جديدا".

* هجرة محتملة

في منتصف الشهر الحالي، اتخذ الكاردينال ساكو قرارا بمغادرة بغداد وإدارة مهامه من أحد أديرة إقليم كردستان، عِبر بيان كشف فيه صراحة عن خلافه مع حركة بابليون التي يتزعمها ريان الكلداني.

وورد في بيانه "قررت الانسحاب من المقر البطريركي ببغداد، وهذا القرار اتخذته ليحقق حامي الدستور وحافظ النسيج العراقي الجميل (يقصد رئيس الجمهورية) رغبة بابليون عبر إصدار مرسوم تعیین ریان سالم دودا متوليا لأوقاف الكنيسة، وشقيقه أسوان نائبا له، وشقيقه سرمد مسؤولا للمال، وشقيقه وسامة مسؤول الحماية".

كان بابا الفاتيكان السابق بنديكتس السادس عشر قد أصدر في عام 2013 مرسوما أعلن خلاله ساكو بطريركا للكنيسة الكلدانية، وأطلق عليه اسم ولقب (مار لويس رافائيل الأول ساكو) بطريرك بابل على الكلدان، وقرعت حينها أجراس الكنائس للأبرشيات الكلدانية إبان إعلان هذا المرسوم احتفاء بساكو.

وقال بسمان جورج، مستشار الكاردينال لويس ساكو، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن "جهة سياسية معروفة ضغطت على رئيس الجمهورية ليصدر قراره بسحب المرسوم الجمهوري من الكاردينال لويس ساكو، وأن أطماع هذه الجهة بعقارات وأملاك المسيحيين وكافة القضايا المتعلقة بالمكوّن في العراق أصبحت واضحة، وهذا غير مقبول بالنسبة لنا".

ويعتقد جورج أن هجرة أبناء المكون المسيحي "ستتضاعف" بعد هذا القرار، ويؤكد "الكنيسة تلقت اتصالات كثيرة من أبناء المكون ممن أبدوا رغبتهم بالهجرة بعد القرار، لذا على رئيس الجمهورية تعديل موقفه".

وتساءل "هناك مرسومان يخصان المكونات الأخرى، فلماذا لم يُسحبا إذا كانت هذه المراسيم تنطوي على خرق دستوري؟".

وهو يرى أن هناك "إرادة سياسية وراء قرار سحب المرسوم عن الأب ساكو"، ويصف الأمر بأنه "محاولة مكشوفة للسيطرة على كافة قضايا المسيحيين السياسية والدينية". وأشار إلى أن رئيس الجمهورية الحالي كان أحد مستشاري رئيس الجمهورية الأسبق جلال طالباني، "فلماذا لم يبلغه في وقتها بوجود خرق؟".

* حركة بابليون

تعد حركة بابليون، التي يتزعمها ريان الكلداني، أبرز حركة سياسية مسيحية. وقد تأسست كفصيل مسلح عام 2016 مع بدء عمليات تحرير الأراضي من قبضة تنظيم داعش، وشاركت بالعمليات لتنضم بعدها للحشد الشعبي، قبل أن تسيطر على المقاعد الخمسة الخاصة بالمكون المسيحي في البرلمان.

وصدر قرار قضائي في 12 يوليو تموز الحالي من محكمة النشر والإعلام يقضي باستقدام ساكو بناء على دعوى رفعها ضده ريان الكلداني، وذلك وفق المادة 433 من قانون العقوبات العراقي، وهي مادة خاصة بالقذف والتشهير.

ونفذ ساكو القرار ووصل إلى أربيل قبل أيام، وتم استقباله هناك بشكل رسمي حيث التقى في 23 من الشهر بمسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو الحزب الحاكم في أربيل، وعبر بارزاني خلال اللقاء عن قلقه من المرسوم الجمهوري وطالب الرئاسة بتعديله.

بالمقابل، يدفع النائب عن حركة بابليون دريد جميل أيشوع التهمة الموجهة إلى حركته، ويؤكد أنها لا تقف خلف قرار سحب المرسوم الجمهوري من الكاردينال لويس ساكو "فليس لدينا أي تأثير على رئيس الجمهورية حتى يتخذ مثل هذا القرار".

ويضيف "الأملاك المسيحية تخضع لرقابة ديوان أوقاف الأقليات، لكن هناك تحفظا على مسألة بيع الكنائس والمعالم التراثية المسيحية من قبل لويس ساكو"، غير أنه أكد أن الحركة لا يمكن لها اتخاذ أي خطوة في هذا الأمر "فهو متعلق ببابا الفاتيكان، كما ليس لدينا أية نية بالاستحواذ على أملاك المسيحيين كما يتم الترويج له".

ويكمل "الخلاف ما بين حركة بابليون والكاردينال لويس ساكو يتعلق برفض الأخير مشاركة المسيحيين في الحشد الشعبي، ومحاولة فرض سيطرة المؤسسة الدينية على القضايا السياسية للمسيحيين".

يذكر أن حركة بابليون، أصدرت في 25 من الشهر بيانا دعت فيه إلى "ضبط النفس"، وامتنعت عن الرد على الاتهامات التي وجهها لها ساكو، فيما طالبته بالعودة إلى بغداد لكونها مركز الكنيسة الكلدانية.

* "صراع في غنى عنه"

تشير التقديرات إلى تناقص أعداد المسيحيين في العراق إلى ما يقرب من 400 ألف شخص فقط من أصل مليون ونصف المليون قبل 2003، بحسب تصريحات صحفية سابقة لرئيس الكنيسة الكلدانية الكاردينال لويس ساكو الذي قال إن ذلك كان بفعل "الإرهاب" والظروف السياسية غير المستقرة.

ورغم تعرضهم لهجمات داعش وتهجير التنظيم مئات العوائل المسيحية من قراها بمحافظة نينوى بعد عام 2014، عاد العديد من تلك العوائل إلى المنطقة بعد إخراج الدواعش منها في 2017.

من جانبه يعتقد منار الخوري، وهو مسيحي من نينوى، أن الخلاف الحالي لن يكون له تأثير على مسيحيي العراق، مضيفا "من الممكن أن تتأثر الكنيسة الكلدانية في إدارتها لممتلكاتها فقط، وليس الشعب المسيحي".

ويضيف أن إدارة الممتلكات كانت تتم "من قِبَل الرجل المسؤول على الكنيسة الكلدانية، والآن بعد سحب المرسوم الجمهوري عنه، فلن تكون إدارتها من قبل رئيس الكنيسة، وإنما من قبل الوقف المسيحي، وهذا ما سيتغيّر فقط".

ويرى نبيل ياقو، وهو صحفي مسيحي مقيم في العاصمة بغداد، أن الخلاف الحالي ولّد "رد فعل واستغرابا شديدا لدى الشعب المسيحي من تصرفات ريان الكلداني، فهو منذ أن برز إلى الساحة بدأ يتعامل مع الكوتا (الحصة البرلمانية) كلعبة لحيازة المقاعد".

ويضيف "هذا التعامل طريقة سيئة بالنسبة للمكون المسيحي، فالمسألة لا تتعلق بالكوتا فقط، بل استخدم نفوذه وسلطته لصالح أتباعه واستحوذ على مقاعد المكون لخدمة أناس معروفين وأجندات معينة، مستغلا تعاطف الحشد الشعبي أيضا".

ومضى قائلا "الكلداني أدخلنا في صراع نحن في غنى عنه، وهناك انقسام مناطقي بسببه أيضا، فمثلث الحمدانية وقرقوش وبرطلة منقسم الآن، منه ما هو تحت سلطة الدولة والجزء الآخر يسيطر عليه الأكراد".

واستطرد "الكلداني أزّم الموقف من خلال تطبيقه أجندات لأحزاب، وخلق تصادما مباشرا بين السنة والأكراد، وهو مرفوض من قبل أبناء المكون المسيحي، لكنه فرض سطوته بالسلاح".

وتابع "المكوّن تحمل الكثير من القتل والتهجير، والآن ريان الكلداني وتصرفاته تجاه الكاردينال ساكو ستؤدي إلى هجرة ما تبقى من المسيحيين... والدولة تقف متفرجة".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك