تضع الشخصيات الهامشية في مواجهة ظروف الحياة القاسية: «بار ليالينا» تفضح زيف المجتمع كله وليست قاصرة على المثقفين فقط - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 9:26 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تضع الشخصيات الهامشية في مواجهة ظروف الحياة القاسية: «بار ليالينا» تفضح زيف المجتمع كله وليست قاصرة على المثقفين فقط

أسماء سعد
نشر في: الجمعة 29 يوليه 2022 - 7:08 م | آخر تحديث: الجمعة 29 يوليه 2022 - 7:08 م

أحمد الفخرانى: تجذبنى الشخصيات التى لا تتوقف عن الحركة والسعى والحيوية
سيد محمود: أحمد الفخرانى يملك إنتاجا أدبيا منتظما على مدار 10 سنوات من العمل الإبداعى
منصورة عز الدين: الرواية ثرية للغاية ونقرأها عبر أكثر من زاوية للخروج بمعانٍ عديدة


«نصوص يأخذنا فيها الكاتب إلى تخيلات تشبه شرائط الأفلام والدراما»؛ حيث تيمة إبداعية تنتمى إلى «أدب الحماقة» الذى يضع الشخصيات الهامشية فى مواجهة ظروف الحياة القاسية، هكذا عبر الحضور فى حفل توقيع رواية «بار ليالينا» للكاتب والروائى أحمد الفخرانى.
إشادات متتالية وجهها كل من الكاتب والناقد سيد محمود والكاتبة الروائية منصورة عز الدين، لأحدث أعمال أحمد الفخرانى الصادرة عن دار الشروق، خلال حفل توقيع ومناقشة الرواية الصادرة عن دار الشروق، بمبنى قنصلية بوسط البلد، الثلاثاء الماضى، مؤكدين أن نصوص تلك الرواية قد ساهمت فى كشف «خواء وزيف» المجتمع بشكل عام وليست قاصرة على مجتمع المثقفين فقط.
قال الكاتب الروائى أحمد الفخرانى، إن رصد حالة «زيف بعض المثقفين» كان هو المدخل فى رواية «بار ليالينا»، وأنها ليست المرة الأولى التى يتناول فيها تلك المسألة التى تتعلق بـ«المثقف أو الفنان المنتحل»، أحيانا أتساءل بشكل شخصى، ما هى الصفات الأصلية فى شخصى وما هو الزائف؟، وذلك سعيا للتطور الدائم، وهو صراع دائم داخل العديد من الشخصيات.
وأضاف: ما زالت فكرة الفنان المنتحل تتبلور بداية من رواية «بياصة الشوام»، مرورا برواية «إخضاع الكلب»، وصولا إلى رواية «بار ليالينا»، كما أن العمل الروائى القادم ستقوم بالتركيز على ذات الفكرة، المتعلقة بدور البعض فى تزييف المجتمع، وقد رأينا نفس الشىء لدى الكثير من الكتّاب، نحن لا نكرر «التيمة»، ولكن بداخلنا «قلق» من ألا نصل لاكتمال تصورنا عن شخصية ما أو محور معين فى أكثر من عمل.
وواصل: سؤال الرواية حول «زيف بعض المثقفين» ليست «تيمة مستحدثة»، واستخدامى لها اقتصر على كونها «مدخلا ظاهريا» فقط، كما أن بطل الرواية نوح والطريقة التى ظهر بها لا تتعلق بـ«الحماقة» فى حد ذاتها، وإنما حول أزمة رجل اكتشف القدر الذى هو عليه من الحماقة، هذا اكتشافه الشخصى، فيأتى التوتر الدرامى من اكتشاف البطل زيف المعانى والأفكار التى يحيا وسطها ويتعامل بها، اكتشاف الأمر هنا هو «الأزمة الأكبر».
استطرد الفخرانى: كنت حريصا على أن يكون هناك حيوية فى الشخصية الرئيسية فى رواية «بار ليالينا»، مقارنة بأبطال الأعمال السابقة، وكنت أستشعر على الدوام أن شخصية البطل «الحيوى» أصعب وأكثر تعقيدا، وكثيرا ما كنت أتساءل عن السبب الذى منعنى قبل كتابة آخر أعمالى من تناول شخصية البطل الحالم، ومحاولاتى الأولى لم تكن مكتملة، ولكن قمت برسم تلك الشخصية قدر الإمكان، لبطل حيوى يسعى بكل الطرق لنيل كل شىء، وهو شبه الكثير من الشخصيات فى الحياة التى تتحرك رغم الحزن والضغوط والصعوبات التى لا تمنعهم من ممارسة الحياة.
وتابع: تجذبنى الشخصيات التى لا تتوقف عن الحركة والسعى والحيوية، فهى شخصيات تميل للحياة بشكل كبير ولا تكف عن طرح الأسئلة، ولم يكن يصلح فى هذا العالم إلا أن أستعيد ملامح عالم «سينما الدرجة الثالثة»، لأبطال عاديين كل خلفياتهم نابعة من الانجذاب والهوس بالأفلام والمسلسلات وليست أية مصادر أخرى للثقافة.
«الرهان لا يكون مضمونا طوال الوقت على تيمة «الهزل»، هكذا قال الفخرانى، الذى أضاف أن: الإطار الروائى الذى يعتمد على «الخفة»، الأمر يحيط به المخاطرة على الدوام، فلو لم يشتبك القارئ مع جوهر ما أريد الذهاب إليه فى عمل روائى مصنوع بتلك الطريقة، فلن يرى فيها القارئ أى شىء، ولكن حال تفاعل القارئ مع ما أقصده فسوف يرى فيها العمق المطلوب والمعنى الذى قصدته، وحينها سيكتشف قدر ما فيها من إمتاع وتشويق.
فيما قال الكاتب الصحفى والناقد سيد محمود: إن أحمد الفخرانى يملك إنتاجا أدبيا منتظما على مدار 10 سنوات من العمل الإبداعى، وأن هناك قواسم مشتركة عديدة فى الكثير من أعماله، حيث الأبطال مشغولين على الدوام بالوجود، وكيفية التعايش مع السياق الذى يقبعون فيه، فهناك الكثير من المسائل الفلسفية المتعلقة بطبيعة الحياة فى أعمال أحمد الفخرانى.
وأضاف محمود أن الفخرانى يكون باستطاعته على الدوام أن يجمع ما بين القوالب الأدبية التى تتسم بالخفة والبساطة، وتلك التى تتسم بالعمق والغوص فى مخيلة الكاتب، وأن مؤلف «بار ليالينا» ليس استثناء من معظم كتابنا من الأدب العربى أو العالمى، وأحيانا يمتلكون سماتا من الغرائبية سواء كانت مستمدة من التراث العربى أو ألف ليلة وليلة أو مصادر الأدب العالمى بشكل عام وأدب أمريكا اللاتينية بشكل خاص.
واستطرد: أحمد الفخرانى لديه القدرة على أن يخلق خيالا خاصا به، تشعر معه أن النص مرئيا كما لو كان مادة فيلمية أو درامية، تكتشف دائما أن لديه القدرة على أن يدخل هذا العالم المتخيل عبر بوابة واقعية، ونلمح إشارات ذلك فى أعماله مثل عائلة جادو، وسيرة سيد الباشا، وحتى فى إخضاع الكلب.
وواصل: فى بار ليالينا، عند النظر إلى البطل نوح، نجد أحمد الفخرانى وقد تمكن بكفاءة عالية من أن يسيطر على مساره، من بداية ظهوره لنهاية الرواية، وهى كفاءة فى إظهار هوية البطل فى نصوص الرواية، مما خلق لنا مشاهد أقرب ما تكون إلى مزج أكثر من مشهد سينمائى، حتى فى سياق الفصول فقد قام بتسميتها على مسميات للأفلام، حتى البار الذى يشهد الأحداث الرئيسية من النصف الثانى فى الرواية نستشعر فى لحظات بعينها، أن به ملامح من البار السينمائى الذى نعرفه فى خيالات تربينا عليها.
«دائما ما أقول لأحمد الفخرانى بأن لديه شغفا داخليا بالروايات الفلسفية»، هكذا عبر سيد محمود عما قاله للروائى أحمد الفخرانى، ليضيف: الرواية تتسم بالخفة والمعانى الجمالية الرشيقة رغم أنها رواية عميقة لكنها تتميز بدرجة كبيرة من الاستمتاع، ومؤلفها يكتب بأقصى درجات الاستمتاع وهى الحالة التى تنتقل إلى القارئ، فالفخرانى لديه إصرار على أن يقدم شكلا متقدما من أشكال المحاكاة الساخرة لنماذج عدة، سواء كانت أبطال روايات فى استكمال للحس التهكمى الذى يتميز به.
أما الروائية منصورة عز الدين، قالت إنه رغم صغر حجم الرواية لكنها ثرية للغاية، ومن الممكن الخروج منها بأكثر من قراءة، ويمكن الخروج منها أيضا بكثير من الأفكار، مضيفة «تعرفت على الفخرانى منذ العام 2008، وقرأت أعماله منذ البداية، وسعيدة بأنه قد بات لديه منطقة إبداعية خاصة بها موضوعات وأسئلة خاصة يركز عليها، ويصل لتلك المنطقة من زاويا مختلفة وبمرجعيات متنوعة».
وواصلت: أثناء قراءتى للرواية، تذكرت نصوصا مميزة من «أدب الحماقة»، وهو نوع من الإبداع الذى ظهر مع بداية الأدب وهو قائم على فكرة وتيمة «الأحمق» الذى يكون فى مواجهة شخصية مع «الحكيم»، سواء كشخوص أو كأفكار، والفخرانى لديه طريقته الخاصة فى إبداع أدب الحماقة، وباستطاعنا أن يجعلنا نرى معه المسألة من أكثر من زاوية.
وأردفت: الشائع فى أدب الحماقة أنه دوما ما يكون مثيرا للسخرية من باب الضحك، ولكن بالتأمل فى الوجود البشرى كله، نجد أن للمسألة مردودا على كل ما حولنا، أرى أن الوجود البشرى كله محكوم بالحماقة حتى الأذكياء طوال الوقت يكون هناك جانب أحمق من كل شخصية.
وأوضحت أنها قد لاحظت أن نصوص الرواية تمتزج بنوع من الأسى نظرا لموضوع الرواية فى حد ذاته، الرواية قد يراها البعض أنها تفضح البيئة التى يعمل بها بعض المثقفين، ولكنى لا أراها ذلك، وإنما هى فضح لزيف المجتمع ككل، حيث تناول ما يشير إلى وجود «خواء وزيف» مجتمعى بشكل عام، والمقصود هنا ليس حكما أخلاقيا ولكن حكم فلسفى.
وأضافت: «ذكاء الفخرانى ظهر جليا فى اختيار الأماكن، وطريقة وصفه لها، وقد لاحظنا أن الأماكن فى حد ذاتها توحى لنا بالكثير، وهى تشير بوضوح إلى مسألة الاغتراب والضيق فسواء البار أو «قهوة بعرة» كلها أماكن ضيقة، حتى البيوت فى الرواية، نشعر كأنها «سجن».
وأشارت عز الدين إلى أن الفخرانى لا يحول شخصياته لكاريكاتير، على الرغم أن هذه المنطقة الخاصة بالهزل، تغرى الكاتب أن يمارس السخرية، مؤكدة أن الفخرانى يحرص دائما حتى فى تقديم شخصيات شريرة أو مزيفة أن يعكس شيئا إنسانيا فى الشخصية.
وواصلت عز الدين: مرجعية الفخرانى فى «بار ليالينا» السينما المصرية بأفلامها التى فى متناول الجميع، فبطل الرواية «كومبارس»، أما عن اختيار اسم البار هو «بار ليالينا» والمطربة الأساسية التى يسيطر صوتها على الرواية هى «وردة» ومن وجهة نظرى اختيارها متناسب مع اختيار شخصيات الرواية، خصوصا البطل نوح نظرا لأن وردة صوت يحبه جميع شرائح المجتمع.
واختتمت أهم ما يميز الرواية بالإضافة إلى نجاحه فى اختيار الشخصيات والحكاية، هو الأسئلة الموجودة فى البنية التحتية للعمل وفى نفس الوقت بما يتناسب بوعى الشخصيات، وما يؤكد على براعة الفخرانى أيضا هو التقاط الفكرة وصياغتها بأسلوبه الخاص.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك