نحو نقد جديد لمعجم جديد - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 5 يناير 2025 3:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحو نقد جديد لمعجم جديد

نشر فى : الخميس 2 يناير 2025 - 7:50 م | آخر تحديث : الخميس 2 يناير 2025 - 7:50 م

ما الذى كان اللغويون وعشاق اللسان ينتظرونه أكثر من «المعجم التاريخى للغة العربية»، فى سبعة وعشرين ومائة جزء؟ هل كانوا يطمحون إلى شىء فوق هذا الرقم القياسى العالمى؟ لكن «هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان»؟ ما نتوقعه من علماء اللغة، فى المجامع اللغوية، وخارجها، وسائر أساتذة اللغة، والأدباء الذين هم من أهل الذكر فى هذا الميدان، هو أن يكرّموا هذه الهدية النفيسة إلى لغتنا وهويتنا، بالإضاءات النقدية والتدقيقية والتحقيقية، فى كل المجالات ذات العلاقة، فى التاريخ والأدب والتأثيل.
لا شك فى أن الحركة النقدية بوجه عام، أصيبت بالوهن فى العقود الأخيرة، بعد ازدهار لم يدم طويلاً فى القرن العشرين، إذ يمكن حصر الحقبة بين 1920 و1970. لا عجب فى ذلك، فقد كانت الخمسون سنة تلك محور النهضة الثقافية العامّة. انبعاث شامل فى الآداب والفنون، أعقبه انحدار سريع مريب، كأنه أفول، كأنه نضوب، تصحّر وغروب.
بالمناسبة، من الانجرافات أو الانحرافات التى أساءت إلى منظومة القيم النقدية، ما حدث للشعر العربى من «تحويلات مرورية»، فى العقود التجريبية، مثل قصيدة النثر، القصيدة المضادّة، شعر الحداثة، وما إليها من تلافيف وتعاريف وتصانيف. وحين نطح وعل الشعر صخرة الإبداع اكتشف النقد أنه جارى تلك التيارات بغير تنظير قائم على أسس متينة، فتوارى لانعدام قدرته على إقناع الناس بأن السراب ماء. الاستطراد شرّ لا بدّ منه أحيانا.
الآن، النقد المعجمى الذى نحتاج إليه ليس له سوابق فى اللغة العربية. طوال القرون الماضية، كانت لنا مصنّفات تعرف باسم المستدركات، كالمستدرك على «لسان العرب»، و«الحسن والإحسان فى ما خلا عنه اللسان».. لم يكن للغتنا معجم تاريخى قط، بالمعنى الأكاديمى، وبهذا التوسع الأسطورى، فنحن ننتظر طرازا جديدا من النقد، لقمة معجمية من طراز فريد لم تعرفه المكتبة العربية. من أهمّ الآفاق التى سيرتادها النقاد فى هذا العمل العظيم، امتداد التأصيل إلى لغات غير العربية، كالسامية والأفروآسيوية والهندوأوروبية واللاتينية واليونانية.. متعة لا حدود لها، فسوف تجعل العرب فى المشرق والمغرب، يكتشفون أسرار «الحمض النووى» للسانهم أول مرة. وحبذا لو عمل اللغويون على جمع كل الحصاد النقدى فى موقع شبكى، لتعميم الفائدة ونشرها خارج النطاق الورقى، مع فتح المجال على مصراعيه للتفاعل، وأن ينصّ الموقع على تلك العبارة الطريفة: «للجادّين فقط»!
لزوم ما يلزم: النتيجة العرفانية: على اللغويين والنقاد التمثل بتحوير قول المتنبى: «لكنْ رأيتُ قبيحا أن يُجاد لنا.. وأننا بقضاء النقد بُخّالُ».

عبداللطيف الزبيدى

جريدة الخليج الإماراتية

التعليقات