أصدرت قبيلة الترابين السيناوية بيانا ناريا موجها إلى جماعة أنصار بيت المقدس الداعشية جاء فيه «لقد تماديتم فى الغى والعدوان وتلوثت أيديكم بالدماء البريئة وانتهكتم الحرمات وتخطيتم كل الحدود الحمراء وتدثرتم بعباءة الدين وهو منكم براء.. وقد صبرنا حتى أقمنا عليكم الحجة بالعرف والعقل والنقل والشريعة.. وأشهدنا عليكم القاصى والدانى حتى برئنا من دمائكم وأرواحكم.. لذلك نعلنها: أن نحوركم حلال لنا وقلوبكم سوادة لرصاصتنا وأجسادكم ستسكنها التراب بإذن الله.. ونحن على الحق المبين.. وآن أوان الذود عن النفس والعرض والمال فلا تلوموا أنفسكم إذا احتدمت المعركة ».
وأعتبر أن هذا البيان أقوى وأدق بيان قرأته لقبيلة طوال عمرى.. فكل كلمة فيه وكأنها نابضة وحية.. تستطيع أن تقرأ فيها الألم والحزن الذى يعتصر أفئدة من كتبوها وأملوها أو وافقوا عليها.
فكل كلمة فى البيان تعبر عن جراحات فاض بها الكيل فى نفوس هذه القبيلة وغيرها من قبائل سيناء.
لقد ضربت أنصار بيت المقدس «داعش سيناء» بكل القيم والأعراف التى نشأت عليها القبائل فى هذه المنطقة منذ مئات السنين.. لقد قتلت أنصار بيت المقدس «أكثر من 23 شيخا من شيوخ القبائل» فى فجور واضح وتحد صارخ لكل القيم والأعراف.. ودون ذنب جناه هؤلاء المشايخ سوى أنهم يمثلون العقبة الكؤود لنفوذ داعش وإقامة إمارتها فى سيناء.
وقد قتل التنظيم الداعشى شيخ قبيلة الترابين العريقة ثم قتل ابنه فى مأساة مروعة منذ فترة.. ولم يقف التنظيم عند حدود قتل هؤلاء الشيوخ ولكنه قتل قرابة مائة شاب من شباب القبائل بحجة تعاونهم مع الجيش المصرى ولعب التنظيم دور الخصم والحكم والمنفذ فى مأساة إنسانية يندى لها الجبين.
وقد قام التنظيم بذبحهم على طريقة داعش الوحشية وقطع رءوسهم وصور عملية ذبحهم ونشرها على «youtube » تكبرا وعتوا.. مجتازا كل الخطوط الحمراء مدمرا لكل حقوق الجوار أو حقوق القبائل الذين لم يبدأوه بصراع أو حرب أو نزاع.
لقد وقع أبناء القبائل بين مطرقة التنظيم الداعشى والذى يكفرهم ويستحل دماءهم ويستبيح حرماتهم ولا يعرف للرحمة سبيلا أو طريقا وبين سندان الأمن الذى يشك فى أبنائهم أو يقبض عليهم بعد كل عملية ينفذها التنظيم.. أو يصيبه رذاذ المعارك بين الجانبين فيقتل أبناء القبائل خطأ أو تقتل مواشيهم أو تتعطل زراعاتهم وأعمالهم.
وقد صبرت القبائل على كل هذا الضيم وانقطاع الأرزاق وتعطل المعايش والخوف وضياع الأمن والذبح.
ولكن ما لم تستطع أن تصبر عليه هو اقتحام التنظيم الداعشى لقبيلة الترابين واقتحام منزل أحد شيوخها وهو إبراهيم العرجانى فى غيبته وإخراج النساء والأطفال منه ثم تدميره بالمتفجرات.
وياليت التنظيم فعل ذلك فى صمت ولكنه فعله بفجور وغرور ونشر صورة المنزل المتفجر على وسائل التواصل الاجتماعى «فيس بوك» وغيره.. ومعها دليل إدانة شيخ الترابين العرجانى وهو «صورته مع الرئيس السيسى» وكأن هذه الصورة كافية لقتله وتدمير منزله.. وكأن الصورة هى الدليل الشرعى لاستحلال حرمات هؤلاء.
لقد نسى التنظيم فى غمرة إعجابه بقوته وسكرة غروره بمذابحه أن قبيلة الترابين قد تكون أقسى عليه فى المواجهة من الدولة نفسها.. فهى تعرف كل ما خفى عن الدولة فى هذا التنظيم.
لقد نسيت «أنصار بيت المقدس الداعشية» كل قواعد الإسلام.. ونسيت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكرم كبير كل قوم ويتألفهم.. ولكن هؤلاء بغبائهم يكفرون كبير كل قوم وصغيرهم.. ولا يوقرون كبيرا ولا يرحمون صغيرا.
لقد دق التنظيم المسمار الأساسى فى نعشه باعتداءاته المتكررة والفجة على القبائل عامة وتكرار استعراضه لقوته.
لقد نسى التنظيم الداعشى أن عمره كله لا يتجاوز عشر سنوات فى حين أن عمر قبيلة الترابين يجاوز الألف سنة.. وهى تمتد إلى بئر سبع فى فلسطين وتصل إلى جنوب الأردن.. أى فى ثلاث دول وقد يصل تعدادها إلى نصف مليون نسمة على الأقل.
وقد كان لثورة قبيلة الترابين على التنظيم الداعشى أكبر الأثر فقد أعلنت 23 قبيلة وعائلة بشمال سيناء انضمامها لتحالف القبائل فى مواجهة النتظيم التكفيرى ومنها السواركة والتياها والدواغرة والأحيوات والحويطات وبلى والعبايدة والرميلات وغيرها دعمهم لتصدى القبيلة للتنظيم الداعشى عسكريا.. وقد بدأت هذه الحملة العسكرية التى قد تقتلع التنظيم من جذوره بعد أن أسقط عدة طائرات للجيش.
إن التنظيم الداعشى هو السبب الرئيسى فى كل ما جرى فى هذه المنطقة من ويلات.. وهو يتحمل نتيجة هذه الحرب الأهلية بينه وبين القبائل.. لأنه ظل لمدة أربع سنوات متواصلة يقتل فى شيوخ القبائل حتى أنه بدأ هذه المأساة بعد ثورة يناير مباشرة.. لأنه ببساطة يستبيح دماءهم وهذه القبائل لم تجد أحدا يدافع عنها أو يدفع عنها شر الداعشيين فنهضت لتولى المهمة بنفسها..«وعلى الباغى تدور الدوائر».