مع بهجت.. فى الأول من رمضان - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مع بهجت.. فى الأول من رمضان

نشر فى : الجمعة 3 يونيو 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 3 يونيو 2016 - 9:55 م

• شهر رمضان له نكهة وسعادة خاصة لا يعرف سرها إلا الله، وهى تنقدح فى قلب المسلم وغير المسلم، والليلة الأولى منه تعد من أسعد الليالى، وقد حكى أحمد بهجت عن تجربته معها بقلمه الرشيق قائلا: «أشعر فى الليلة الأولى وكأننى أرى من خلال نفسى كل نفوس الآخرين فى الوجود، وينمو داخلى الحنين فأود أن أعثر على النملة التى كلمت سيدنا سليمان لأقبلها، وأتمنى أن ألقى الحوت الذى ابتلع يونس لأربت على رأسه، وأحلم أن أجد الحمار الذى بعث أمام عزير لأحمله على ظهرى، وأفكر عبثا فى قبر الهدهد الذى حمل الرسالة لبلقيس وعاد ليحكى لسيدنا سليمان عن عبادتها للشمس، أين يقع قبر هذا الهدهد؟! أى روعة أن يُبعث الهدهد ليتحدث قليلا عن عبادة الشمس».


• وهكذا تتوحد مشاعر أحمد بهجت فى بداية شهر رمضان مع تاريخ الأنبياء العظام وأصحابهم ومن عاش معهم حتى لو كانوا من الحيوانات والطيور، فهو يرغب أن يرى نملة وهدهد سليمان وحوت يونس وحمار العزير والتوحد مع الكون كله.


• بل إنه يشعر مع أول يوم فى الشهر الفضيل بالحب للخلائق جميعا، ويعبر عن ذلك بقلمه الرائع: «فى بدايات شهر رمضان أحس نحو كل الكائنات بالحب وأشعر بالرفق والضعف إزاء قصص الحب الإنسانية والحيوانية والنباتية والجمادية، ويملؤنى إدراك للعلاقة بين تنهد القمر ومد البحر وجزره، كما أفهم سر الهوى المتبادل بين زهرة عباد الشمس التى تحول وجهها نحو أمها حتى يجىء الليل فتنكسر عنقها وتنام، وأشعر فى هذا الشهر بأن كل شىء فى الدنيا يقوم على الحب، إنه الناموس المسيطر الحاكم فى الدنيا، وإن أفسده الناس بالكراهية والرحيل».


• هذه المشاعر الرائعة التى تموج بقلب ونفس أحمد بهجت وقلوب المؤمنين الصادقين تتحطم على صخرة الواقع المادى الأليم، وطلبات الشهر المادية فيستيقظ بهجت وأمثاله من حلم محبته الجارف على أصوات زوجته وهى تمارس قيادة المطبخ ليعود للواقع الأليم.


• يقول فى ألم: «عدت بعد السحور غير قادر على أن أحس بالحب والهوى وانطفأ داخلى هذا الوهج الذى انبعث للحظات ولم يعد هناك شىء يشغلنى غير هذا الثقل الكائن فى معدتى».


• كلنا ذلك الرجل يا أستاذنا الراحل، وكلنا يسأل نفسه: «سألت نفسى كمصرى: لماذا آكل إذا جلست للطعام كمن يأكل فى آخر زاده؟ هل هو جوع القرون الأولى من حياة المصريين».


• يعجب المرحوم بهجت من صديقه الذى يقول له: «تعال إلى الجامع نخطف ركعتين»، فيقول له: تخطف ركعتين لله، يرتكب الناس ذنوبهم بإتقان وتأن ورسم سابق وخطط محكمة وإعداد قديم، فإذا تعلق الأمر بالخالق خطفنا له ركعتين.


• ويتحدث عن قضية السرحان فى الصلاة: «ذهب يصلى فسرح فى صلاته فكر فى زميله البليد الذى صار وكيلا للوزارة، سمع الله لمن حمده، سمع كلاكس السيارة وتحسر أنه لم يشتر السيارة بعد، التحيات لله والصلوات لله، نسى أن يحضر لزوجته لفة قمر الدين، لعبت المشكلات بعقله وهو يصلى، بعد السلام تذكر كل شىء نسيه فى الصلاة».


• تحدث بهجت عن فلسفة المصريين فى قمر الدين، تعجب من ذلك قائلا: صعد الإنسان إلى القمر ونزلنا نحن لقمر الدين».


• وتحدث عن القطايف والكنافة قائلا: دخلت الكنافة والقطايف تاريخ المسلمين حينما خرج الحب من القلوب، وصار الإسلام سبحة معطلة، وفانوسا أثريا، وكلمات تتمتم بها الشفاة وتنقطع صلتها بالإرادة الحية».


• ويعجب بهجت لإصرار أمه وزوجته على إحضار قمر الدين بأى طريقة فيقول: «يسير أبناء الفرنجة فوق القمر وأبحث أنا طول النهار عن قمر الدين فما أعظم الفرق بين الحضارتين».


• ويتعجب من طلب أمه أن يتصل بالصحف ليكتبوا عن القطايف التى صغر حجمها والكنافة المغشوشة.


• ويتحدث عن اللحظات العصيبة للصائم قبل انطلاق المدفع بقليل، لحظات شدة الجوع وانتظار الفرج «أكبر أبنائى ينظر فى ساعة الحائط يكاد يدفع بنظراته عقارب الساعة.


• رحم الله صوفى الصحافة المصرية العظيم، وفارس القلم الذى لم يتلوث بالشهوات أو الشبهات «أحمد بهجت» الذى بارك الله فى قلمه وكلماته ومشاعره فوصلت إلى أجيالنا وعشنا فى معانيها السامية.

التعليقات