الغزل.. وجذور مشكلات الهوية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 9 يوليه 2024 12:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغزل.. وجذور مشكلات الهوية

نشر فى : الجمعة 5 يوليه 2024 - 8:20 م | آخر تحديث : الجمعة 5 يوليه 2024 - 8:20 م

ما رأيك فى خطوة إلى الأمام، بعد «الغزل وجذور المشكلات التنمويّة»؟ النظرة التجزيئية إلى الأشياء، لعبت دورا، من بين أدوار، فى جعل بلدان عربية وعالم ثالثيّة، ترى ميادين التنمية كأرخبيل جزر منفصلة، فيمكن بالتالى أن «يتقدم» البلد مع إهمال استقلالية القضاء، حريات الفكر والرأى والتعبير، تطوير التعليم، الاستثمار فى العلوم بتأسيس مراكز البحث العلمى، تحديث البنية التحتية، مكافحة الفساد الإدارى والمالى، مواكبة تحولات العصر وتقدم تقنياته وتقاناته، تحديث النظام الصحى، محو الأمية، القضاء على البطالة.

هل خطوتَ الخطوة الذهنيّة الأشمل فى الدائرة الأكمل؟ إذا كانت الرؤية التجزيئية تنطبق على تجزئة منظومة التنمية الشاملة فلِمَ لا يسرى الأمر على منظومة بلدان العالم العربى؟ فى الواقع، بلاد العُرْب أوطانى: «كل طير معلّق من عرقوبه»، أو «كل شاة معلّقة من كراعها»، وإلاّ فكيف نفسّر أن أعسر ما يمكن تحقيقه، هو العمل العربى المشترك؟ هل تريد أن تتألق بموقف كوميدى فى جمع من المثقفين، خصوصا إذا كان بينهم أجانب؟ ما عليك إلا أن تتحدث عن الوحدة العربية: أربعة عشر مليون كم2، عليها أربعمئة مليون آدمى، ثروات دولهم لا تحصى. سترى كل أنواع الضحك التى ذكرها الثعالبى فى «فقه اللغة»: التبسّم، الإهلاس، الافترار، الانكلال، الكتكتة، القهقهة، القرقرة، الكركرة، الطخطخة. الخطوة التالية ستريك خريطة العالم الإسلامى مشهدا كاريكاتوريّا. لكن الحمد لله على أن الفرائض تذكّرنا بها. الفضائيات أيضا بارك الله فيها، لا تبخل بمشاهد الموائد الرمضانية بأطايبها ولذائذها. يقينا، فرصة طيبة، فمن بين المليارى مسلم، سيتذكّر نفر غير يسير، أن أشقاءهم فى غزّة ملّوا رتابة عروض الفوسفور الأبيض، كما أن مقاعد حطام الحجارة تحتاج إلى دورة نوم على «مسامير داود».
نعود إلى مقاليد الغزل، فهو الذى كان سببا فى الرؤية التجزيئية للأشياء، على ما يبدو. المأساة التربوية هى أن الثانويات العربية، فى الفرع الأدبى، تدرّس المعلّقات، ومن بينها معلقة عمرو بن كلثوم، مع الشرح وذكر الأحداث التى قيلت فيها. لقد دعا هذا العمود مرارا، إلى ضرورة إشراك خبراء النفس والاجتماع فى لجان وضع المقرر الأدبى واختيار النصوص، ولكن، لا اكتراث لمن تنادى. لا حرج على القائل إن هذه القصيدة لا تصلح لتدريس الأدب على الإطلاق، لأنها النموذج «الأكمل» فى الشعر العربى لمن يريد منهاجا لحقن الأدمغة بنزعات العنف. إذا كان الهدف من المناهج تنشئة عقول تنموية محصّنة بمنظومة قيم سامية، فقد أخطئوا المرمى.
لزوم ما يلزم: النتيجة التوعوية: الطريق التى تسلكها المناهج العربية، تؤدى إلى عكس الغايات المرسومة. تداركوا الأمر.


عبداللطيف الزبيدى
جريدة الخليج الإماراتية

التعليقات