حواء و«الأزميل» فى زمن النحت الجميل - سيد محمود - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 5:13 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حواء و«الأزميل» فى زمن النحت الجميل

نشر فى : الثلاثاء 6 أكتوبر 2020 - 8:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 6 أكتوبر 2020 - 8:30 م

قبل نحو ١١ عاما قرأت خبرا عن وجود نية لإلغاء قسم النحت بإحدى كليات تدريس الفنون بعد أن تقدم للدراسة فى القسم طالب واحد ما جعل الكلية تفكر فى إلحاقه بقسم آخر ووقف الدراسة بالقسم، وساعتها كلفت زميلة بإجراء تحقيق صحفى حول الواقعة أخذ شكل حملة انتهت بالحفاظ على كيان القسم ونالت محررته رشا حسنى جائزة نقابة الصحفيين لأحسن تحقيق ثقافى.
وأذكر أن الناقد الراحل الكبير سمير فريد تحمس لهذا التحقيق وتناول الواقعة فى مقالاته متسائلا عن أسباب عدم الإقبال على دراسة فن النحت فى بلد مثل مصر ترك عبر تاريخه تراثا حضاريا من النحت يندر أن تجده فى ثقافة أخرى.
ونوه الراحل بدور الفنان محمود مختار فى إعادة إحياء هذا الفن فى سياق حركة النهضة الفكرية التى عرفتها مصر فى أجواء ثورة ١٩١٩، ويعلم الجميع أن تمثاله الفريد نهضة مصر الذى مرت هذا العام الذكرى المئوية لافتتاحه جاء نتاج حملة اكتتاب شعبى شاركت فيها مختلف فئات الشعب المصرى وتحدث المشاركون فى التحقيق عن الأسباب التى تجعل بعض الشباب يتخوف من دراسة فن النحت نتيجة شيوع ذهنية التحريم التى حاولت أن تطبع المجتمع كله بالأفكار الرجعية والمحافظة التى تركت أثرها فى مختلف مظاهر الحياة وفى القلب منها دراسة الفنون ولا يختلف اثنان على تراجعها على الرغم من كثرة ما تمتلكه مصر من مواهب.
وكانت فكرة سيمبوزيوم أسوان الدولى للنحت من بين الأفكار المستنيرة التى لمعت فى ذهن الفنان الراحل آدم حنين وتبناها الفنان فاروق حسنى خلال توليه وزارة الثقافة بهدف مقاومة ذلك المناخ الذى يستهدف المبدعين ويسعى لمحاصرة الخيال، وترك لفنان الديكور الراحل صلاح مرعى مهمة التنسيق والمتابعة إلى جانب مهمة اختيار الفنانين.
ولعب مرعى بنبله المعروف دورا جبارا فى الحفاظ على الفكرة وأعطاها من روحه النيرة الكثير.
وعبر سنوات السيمبوزيوم التى بلغت ربع قرن تأكد للجميع أن آدم كسب رهانه فى استنهاض همة الفنانين المعاصرين وكشف عن أسماء أصبحت ذات تأثير كبير فى الحركة التشكيلية وظهرت كفاءات إدارية من صندوق التنمية الثقافية عملت بإخلاص على تطويره ورعايته.
وعلى الرغم من رحيل آدم حنين وصلاح مرعى إلا أن فكرة فكرة إحياء فن النحت لم تمت بموت أصحابها وعادة ما يرتبط التحدى بقدرة التلاميذ على مواصلة العطاء ويعرف أصدقاء آدم حنين أن وصيته الأخيرة التى سعى إلى التشبث بها تمثلت فى إصراره على إطلاق مسابقة للنحت تحمل اسمه وتوجه للفنانين الشباب.
وتقدم المسابقة عدة جوائز والأولى قدرها 50 ألف جنيه، أما الثانية فقيمتها 20 ألف جنيه، وتبلغ قيمة الجائزة الثالثة 10 آلاف جنيه، أما الجائزة الرابعة فهى تقديرية وقدرها 5 آلاف جنيه، وهى جائزة خاصة من قبل لجنة التحكيم، ومساء السبت الماضى جرى توزيع جوائز الدورة الرابعة وتلا الفنان عصام درويش تقرير اللجنة، مستعيدا الكثير من القيم التى عمل بها آدم حنين وأشاعها بين تلاميذه.
وفاز بالجوائز كل من: يوستين فهمى بالجائزة التشجيعية، ونال الجائزة الثالثة باهر أبو بكر، وذهبت الجائزة الثانية لمنى عمر، وحصدت لينا المجدوب الجائزة الأولى.
وبطبيعة الحال كانت أهم الملاحظات التى انتبه إليها الحاضرون تتعلق بتفوق الفنانات الشابات واقتحام حواء لفن النحت الذى ظن البعض طويلا أنه فن ذكورى لكن وصول أكثر من عشر شابات للتصفيات أثبت بؤس هذه الفكرة.
وكما قال الفنان شريف عبدالبديع أستاذ النحت بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا وعضو لجنة تحكيم الجائزة للأهرام: فإن أعداد الفتيات بقسم النحت تزداد كل عام حتى أنه فى إحدى الأعوام كان عدد القسم ١٠ طلاب ٨ منهم فتيات.
وأظهرت الأعمال التى شاهدها الحاضرون فى القاعة الجديدة التى جرى افتتاحها بمتحف آدم حنين المستوى المتميز للمشاركين ورغم حداثة الأعمار إلا أن تنوع الأساليب يشير إلى قفزة يعيشها فن النحت المصرى رغم التشوه الذى تظهره الأعمال الميدانية التى تنفذ فى أغلب شوارع مصر وهى مفارقة تثير الحزن.
ويأمل الشاعر عماد عبدالمحسن الذى يتولى إدارة مؤسسة آدم حنين أن تنجح القاعة الجديدة فى اجتذاب فنانين وتجارب تضيف جمهورا جديدا لرواد المتحف الذى بات يمثل منارة ثقافية رفيعة المستوى، وكلى ثقة فى قدرة الصديقة منى غويبة التى تولت مهمة الإدارة التنفيذية للمؤسسة على الخروج بالأنشطة إلى الفضاء العام ليعرف كل مصرى قيمة ما تركه آدم حنين من ثروة حضارية تكمل مهمة أجداده.