نصر 6 أكتوبر يعد من أهم روافد التدين والتضحية والأمل والتقدم فى السبعينيات وإحياء الموات فى الشعب المصرى وهو الذى ضخ فى شرايين مصر روح العزيمة وحب الشهادة فى سبيل الله والبذل والفداء وحب الأوطان والأمل فى غد أفضل بعد أن كادت هذه المعانى أن تندثر.
والمتأمل لتاريخ مصر الحديث لن يجد فى أيامها أجمل وأفضل منها، فقد مرت أيام الحرب كلها دون أن تسجل محاضر الشرطة جريمة سرقة واحدة ولم تسجل محاضرها مشكلة أو خناقة أو حادثا تعدى فى مصر، وهذا لم يحدث فى تاريخها سوى أيام معدودة أثناء ثورة 25 يناير.
نصر أكتوبر ملك للجميع، صنعه السادات والشاذلى والجمسى وأبوغزالة وعبدالمنعم خليل ومحمد عبدالقادر حاتم.
صنعه الجندى الصغير والقائد الكبير، صنعته كل الأسلحة دون استثناء.
صنعه الشهداء الذين لا يذكرهم أحد، ولكن الله يعرفهم ويعرف قدرهم وهو الذى اصطفاهم للشهادة، ولا يضرهم ألا يعرفهم البشر وألا تكتب عنهم الصحف.
نصر أكتوبر ملك للمشير الزاهد أحمد إسماعيل الذى كان وقتها وزيرا للحربية، فمات بعد الحرب بقليل فلم يذكره أحد، وأهال البعض التراب عليه رغم أنه لا ينافسه فى شىء من الدنيا.
هذا النصر ملك للفريق عبدالمنعم رياض ذلك العسكرى الفذ الذى نقل العسكرية المصرية من مدرسة الدفاع إلى الهجوم والمبادأة حتى أطلق عليه لقب «الجنرال الذهبى».
وهو ملك للواء الفاتح كريم الذى اقتحم جبل المر واللواء عادل يسرى الذى حارب بساق مبتورة 8 ساعات، والذى يحتفظ بها حتى اليوم والمقدم باقى زكى يوسف صاحب فكرة هدم خط بارليف بمدافع المياه واللواء الحسينى عبدالسلام الذى أحضر الطلمبات الألمانية التى دمرت الساتر الترابى واللواء مجدى شحاتة الذى قضى 200 يوم خلف خطوط العدو لقطع الإمدادات عنه والأسد إبراهيم الرفاعى قائد المجموعة 39 صاعقة التى أذلت الإسرائيليين واللواء/ تحسين شنن قائد المدرعات الذى كان يردد دائما أن «عقل القائد لابد أن يسبق جنزير دباباته وإلا هلك وأهلك».
وهو ملك لكل من ساهم فيه بدءًا من الفريق فؤاد عزيز غالى قائد الفرقة الثانية التى أسرت اللواء عساف ياجورى ودمرت مدرعاته، وانتهاءً بالأم التى ضحت بوليدها فى الحرب، أو الأب الذى احتسب ابنه شهيدا فى أكتوبر.
وملك لشعب السويس البطل وقائده الشيخ «حافظ سلامة» رمز الصمود الشعبى فى عملية تحرير السويس إلى جوار الفرقة 19 بقيادة الفريق عفيفى والفرقة 7 بقيادة المشير أحمد بدوى.
وهو ملك أيضا للفريق فوزى الذى تحمل عبئا كبيرا فى تجهيز الجيش المصرى للحرب وإعادة تأهيله بعد كامل تدميره فى 5 يونيو 1967م.. فكيف يقصى لخلافة السياسى مع السادات، إن التاريخ العسكرى لا يمحوه الخطأ السياسى.
حسنى مبارك أحد كبار القادة من صانعى نصر أكتوبر وعلينا أن نعيد اعتباره فى كل ذكرى للنصر، وعلينا ألا نكرر الخطأ الذى وقع فيه بإقصائه للشاذلى وبعض قادة أكتوبر.
وعلينا أن نفرق بين الفريق مبارك قائد أفضل ضربة جوية فى تاريخ مصر كله بإمكانيات أقل بمراحل من إمكانيات الطيران الإسرائيلى وأحد رواد سلاح الطيران المصرى وبين مبارك السياسى.
فمبارك القائد العسكرى كان عسكريا عظيما منضبطا معروفا بالقوة والكفاءة، مبارك القائد العسكرى لا خلاف عليه، أما مبارك السياسى قد يختلف البعض عليه أو يتفق معه، أو يقرأ سلبياته فى فترة الثورة ويقرأ اليوم له مئات الإيجابيات بعد سنوات من انتهاء حكمه ويكفيه أنه جنب البلاد مصير سوريا واليمن وليبيا بعد ثورة يناير.
نصر أكتوبر ملكُ لكل صانعيه، وعلى رأسهم الفريق الشاذلى والفريق حسنى مبارك والمشير الزاهد أحمد إسماعيل وكلهم صاحب بصمة عظيمة فى هذه الملحمة الجميلة.
وقد أحسنت الدولة المصرية بإعادة الاعتبار للفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان الجيش المصرى فى حرب أكتوبر والذى قاد الجيش فى الحرب وكأنه يقود سيمفونية رائعة وقد أشاد السادات نفسه بالشاذلى الذى جعل المرور على القناة وقت الحرب والقصف الجوى والمدفعى أفضل من المرور فى القاهرة.
واليوم نريد أن يعود نصر أكتوبر للشعب المصرى كله ولصانعيه جميعا بلا إقصاء ولا خصخصة.