على ذمة النائب علاء عبدالمنعم فإن ٩٥٪ من نواب البرلمان يرفضون اتفاقية تيران وصنافير بين مصر والسعودية.
كلام النائب المخضرم جاء فى حوار مع جريدة «الصباح» الأسبوعية فى عددها الأخير، وفيه يقول: «إن إحالة الاتفاقية من الحكومة إلى البرلمان قبل حسم الأمر قضائيا أمر باطل، وترسيم الحدود بالشكل الذى تم به بين مصر والسعودية باطل أيضا. وإن القضاء هو الجهة الوحيدة التى تحدد أعمال السيادة، وإذا أصرت الحكومة على موقفها فإننا مقبلون على أزمة دستورية كبيرة بين السلطتين القضائية والتشريعية». كلام النائب علاء عبدالمنعم مهم للغاية لأنه ليس نائبا عاديا بل له خبرة برلمانية كبيرة، كما أنه أحد أقطاب ائتلاف «دعم مصر» الذى يفترض أنه يدعم الحكومة.
فى الأسبوع الماضى قابلت أحد المسئولين وسألته: لماذا أرسلت الحكومة هذه الأيام الاتفاقية الموقعة فى ١٥ أبريل الماضى؟!
إجابة الرجل دارت حول أن البرلمان هو المختص بنظر الاتفاقية، باعتبار أنها تندرج تحت أعمال السيادة، لكن الحكومة سوف تحترم القضاء ولن تطالب بعرضها على البرلمان حتى تحسم المحكمة الإدارية العليا الأمر فى ١٦ يناير الحالى.
السؤال إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تم إرسالها للبرلمان، ولم يتم الانتظار حتى يتم حسمها فى المحكمة الإدارية العليا؟!
علينا أن نتذكر أن الحكومة أدارت هذه القضية منذ بدايتها بصورة كارثية فى كل المراحل، بدءا من الشكل وانتهاء بالمضمون، وأساءت لنفسها ولمصر ولقدرتها على إدارة مثل هذه القضايا.
وإذا كانت قد أكدت أنها لن تستبق حكم القضاء، فعليها أن تصلح ما أفسدته، وتفكر فى سيناريو مختلف يعيد الأمور إلى نصابها فليس عيبا أن تخطئ لكن العيب أن تستمر فى الخطأ خصوصا فى قضية مصيرية مثل الأرض.
عموما اقترح على الحكومة ــ فى هذه السطور ــ أن تفكر عمليا فى «سيناريوهات للخروج» من هذا المأزق خلاصتها أن يتم تجميد قضية تيران وصنافير لمدة من الزمن فربما يأتى وقت لاحق نجد خلاله طريقة للحل.
سيناريوهات الخروج من الأزمة لن تسىء للحكومة فهى وقعت الاتفاق بالفعل مع السعودية، الذى يقر أن الجزيرتين سعويتان، وأبدت كل مظاهر حسن النية مع الرياض، وطعنت على كل الأحكام التى صدرت ضد الاتفاقية، وأوعزت إلى بعض أنصارها بالدفاع المستميت عن «سعودية الجزيرتين»!
أول سيناريو أن تترك الحكومة لنواب البرلمان حرية التصويت على الاتفاقية، وفى هذه الحالة فالمؤكد أن أكثر من ٧٥٪ ــ ولن أقول ٩٥٪ كما قال علاء عبدالمنعم ــ سيرفضون الاتفاقية، وإذا حدث ذلك فهذه إرادة الشعب المصرى، وبالتالى يبدأ الطرفان فى إعادة التفاوض الهادئ والعلنى والواضح للبحث عن حل وسط.
السيناريو الثانى أنه إذا أيدت المحكمة الإدارية العليا حكم القضاء الإدارى ببطلان الاتفاقية، فعلى الحكومة أن تحترم هذا الحكم، حتى لو كان يتناقض أحيانا مع نظرية السيادة بشكلها التقليدى القديم.
السيناريو الثالث أنه إذا نقضت المحكمة الإدارية العليا الحكم وأيدت وجهة نظر الحكومة، فعلى البرلمان أن يحيل القضية إلى المحكمة الدستورية العليا، لتفصل فى الأمر.
السيناريو الرابع: أن يقوم مجلس النواب قبل مناقشة الاتفاقية والتصويت عليها بتشكيل لجنة موسعة من خبراء ومختصين لإعادة قراءة ومناقشة الاتفاقية بهدوء وعلنا حتى يشعر المصريون «بأن كل شىء فى النور».
السيناريو الخامس: أن تقنع الحكومة المصرية المملكة بأنه حتى لو كانت تسلم بسعودية الجزيرتين، فإن الوقت غير ملائم بالمرة الآن، وحدوثه يسبب أخطارا شديدة على الأمن القومى المصرى، بل يسبب أخطارا شديدة على السعودية نفسها، باعتبار أن عدم استقرار مصر سوف ينعكس على السعودية، التى تتعرض لأخطار وجودية غير مسبوقة محليا وإقيليما ودوليا.
كل ما سبق قراءة سياسية هدفها وقف انزلاق مصر إلى حالة غير مسبوقة من الفوضى والتشكيك فى شرعية الحكم، إذا تم التصديق على الاتفاقية برلمانيا وتسليم الجزيرتين إلى السعودية.