لوموا أنفسكم وأصلحوها.. ولا أمل فى ترامب - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لوموا أنفسكم وأصلحوها.. ولا أمل فى ترامب

نشر فى : الجمعة 8 ديسمبر 2017 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 8 ديسمبر 2017 - 9:15 م
 رأى ترامب جحافل الإسلاميين من كل حدب وصوب يذهبون إلى سوريا لتحرير دمشق من الجيش السورى، بدلا من تحرير القدس أو الجولان فأيقن بسذاجة هؤلاء واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

 رأى ملايين السوريين يحاربون ملايين آخرين، ويهلل كل منهم لقتل الآخر، ويكبر كل منهم لتدمير دبابات وعربات ومدافع الآخر، ويهلل السورى لإسقاط الطائرة السورية، ويرى الطائرة السورية وهى تلقى بالأسلحة الكيماوية على سوريين آخرين مخالفين بينهم مدنيون وأطفال ونساء.

 رأى ترامب أن السنة يقتلون الشيعة، والشيعة يقتلون السنة وكلاهما يتجهز للحرب الكبرى، وأن الجميع يحذر الفريقين منها دون جدوى، وأن الجميع يقول للفريقين إنها ستأكل الأخضر واليابس دون أن يستمع للناصحين أحد، فى حين أن السنة والشيعة لو اجتمعا معا، وتوحدت بلادهما وجيوشهما وأموالهما معا لتحررت القدس والجولان والضفة الغربية.

 رأى ترامب ذلك كله فأدرك سذاجة الفريقين، ووجد أن القدس هى آخر شىء فى أجندة اهتمامهما، فلماذا لا يعلن اعترافه بأنها عاصمة لإسرائيل. 

 رأى ترامب أن العرب يدفعون أموالهم الكثيرة لإنعاش الاقتصاد الأمريكى تارة أو الروسى أو الفرنسى أخرى، ولم يحدث مرة أن تعاون العرب والمسلمون اقتصاديا أو فكروا فى إنعاش اقتصاد شعوبهم، فأيقن سذاجة أكثر العرب والمسلمين فقرر ما قرر. 

 رأى ترامب أن حكام العرب والمسلمين أغنى الناس وشعوبهم أفقر الشعوب وأكثرها جهلا ومرضا ولجوءً سياسيا من القهر والاستبداد فقرر ما قرر.

 رأى ترامب أنه تثبيت كرسى عرشه الذى يهتز بقوة من تحته لن يتم إلا بأن يدوس العرب والمسلمين وأن يرضى الإسرائيليين أصحاب المال والنفوذ والسلطة فى أمريكا، عدة ملايين يملكون من النفوذ والسلطة والإعلام ما لا يملكه أكثر من مليارى مسلم فى العالم كله فلماذا يرضيهم ويسخط الإسرائيليين.

 رأى ترامب أن الطائرات الحربية العربية لا تذهب لتحرير القدس أو تدك الجيوش التى تحتلها ولكنه رآها تدك اليمن العربية أو تضرب السوريين أخرى.

 ورأى الجيوش تحاصر بلاد العرب بدلا من محاصرة الجيوش التى تحتل القدس فقال لابد إذا من هذا القرار.

 رأى ترامب الميلشيات الشيعية وقد فجرت 250 مسجدا سنيا فى ديالى وحدها، وقتلت بالاسم مثل «أبى بكر أو عمر» وقتلت بالمذهب.

 ورأى الميلشيات التكفيرية التى رعتها أمريكا مثل القاعدة وداعش وهى تفجر المساجد وتقتل المصلين من الشيعة والسنة وتقطع أشلاء الساجدين العابدين وهى تكبر «الله أكبر».. المصلى يقول «الله أكبر» وداعش تقتله وتقول «الله أكبر».

 هذه الميلشيات التى هى أسوأ من الخوارج التى كانت على أيام سيدنا على بن أبى طالب لم تكتف بذلك بل حاولت تفجير المسجد النبوى، هكذا رأى ترامب وقال لنفسه إذا كان هؤلاء يفعلون بالمسجد النبوى ذلك ولا يهتمون بالمسجد الأقصى ولا يعيرون مقدساتهم اهتماما فلماذا أعيرهم أنا اهتماما.

 يا قوم لوموا أنفسكم قبل أن تلوموا ترامب، عشرات الصفقات من الأسلحة دفعت فيها مليارات الدولارات التى دفعتها دول العرب والمسلمين كلها خصصت لمحاربة أعداء وهميين، وكلها أنفقت لتثبيت الحكم ومحاربة خصوم الحكومات لا الأوطان.

 عشرات الجيوش وملايين الجنود معظمها تحارب فى المكان الخطأ والزمان الخطأ وبالطريقة الخطأ، أما مئات الميلشيات المدججة بكل أنواع الأسلحة فلا تحسن سوى الغدر والخيانة وقتل المدنيين وتفجير المساجد والكنائس.

 كل هذه الجيوش والميلشيات الجرارة دائما تتوجه بعيدا عن القدس، حتى التى سمت نفسها «أنصار بيت المقدس» إذا بها تتوجه غربا مع أن القدس فى الشرق، وتظن أن الطريق إلى القدس لا يمر إلا عبر جثث ضباط وجنود الجيش والشرطة المصرية فى الفرافرة 1، 2 وسيناء وغيرها فهل يحق لهؤلاء أن يلوموا ترامب.

 كل الميلشيات والجيوش كانت فى سوريا قريبا من الجولان وكذلك القدس لم تفكر واحدة منها حتى فى رمى طوبة أو إلقاء قذيفة على الجولان حتى ذرا للرماد فى العيون.

 لوموا أنفسكم قبل أن تلوموا ترامب، فنحن أكثر جنونا وحمقا، القدس سيحميها الله، والمسجد الأقصى سيحميه الله، من كيد نتنياهو وترامب، ولكن ماذا عنا نحن؟ أين أموال العرب والمسلمين؟ معظم أموالنا تنفق فى التوافه.

 إسرائيل جلبت علماء الاتحاد السوفيتى وجلبنا الراقصات والعاهرات والمومسات.

 معظم اللاجئين من بلاد العرب، معظم المطرودين من أمة الإسلام، نحن أحسن البلاد مناخا وأعظمها موارد، لدينا أفضل الأنهار ولكننا فقراء وعطشى وجهلة نتيجة الظلم والبغى والتعصب والتكفير السياسى والدينى.

 معظم الاستبداد فى بلاد العرب، أكثر الجوع والفقر والحرمان والحروب الأهلية والعنصرية واللاجئين فى بلاد العرب، فلماذا يهتم بنا ترامب، نحن نعطيه دون سؤال ونمنحه دون مقابل ونطلب وده بالمليارات دون أن يقدم لنا شيئا، نتخاصم مع أشقائنا وشعوبنا، نتسول بسمة من ترامب وابنته وصهره، ونكشر فى وجه شعوبنا وأحبتنا وأشقائنا.

 إيران كذلك تسوق للعوام أنها تريد تحرير القدس، ولكن ذلك لن يتم طبعا إلا عبر احتلال الدول العربية والسيطرة عليها، وأن ميلشيات الحرس الثورى وأولادها الأوفياء تصول وتجول كيف شاءت فى بلاد العرب، هكذا المعادلة التى تسوق للناس فيهضمونها ومعها السم الزعاف.

 وهكذا وقع العرب بين مائة ماكر وماكر وهم لا حول لهم ولا قوة، فقدوا العزيمة على العمل والرشد فى الفكر والرأى، وعشقوا الشهوات وسلموا قرارهم وأمرهم لأعدائهم.

 ترامب لم يفعل ذلك بنا إلا بعد أن وجدنا لا وزن لنا فى الكون، ووجد العرب والمسلمين مجرد أصفار وحنجورى لا تؤثر فى شىء فى الكون فكان ما كان.

 

التعليقات