يرسم الكلمات، يخط السهل الممتنع، أديب لا يشق له غبار، طبعت كتبه عشرات المرات ولكن ما لا يعرفه الناس عنه أنه فيلسوف عظيم جمع بين فقه الدين والحياة والشريعة والمدينة الحديثة.
عباراته الفلسفية رائعة سلسلة ليس فيها تعقيد الفلاسفة الآخرين، إنه الفيلسوف حقا، وقد ذهلت وأنا أجمع هذه الطائفة من كلماته العبقرية التى أسوقها للقارئ كهدية ثمينة يمكنها أن تضىء الحياة وتحل المشكلات وتيسر العسير.
لا يستطيع مفكر أن يكتب أو يتحدث عن الحب إلا إذا كان الحب ناصعا فى قلبه وحيا فى وجدانه، يمكن أن تكتب فى السياسة دون مشاعر أو فى الاقتصاد أو الاجتماع أو غيره، لكن عن الحب الصادق فلا.
لا يكتب عن الحب إلا أهل الاحسان والعفو فهما صنوان، الإحسان هو أسمى الدرجات، هو أرفع من درجة الإسلام والإيمان، أن تعفو عمن ظلمك وتعطى من حرمك وتصل من قطعك.
خالد محمد خالد أحسبه كان من أهل الحب الصادق، ولن يتوفر ذلك إلا لمن أحب المحبوب الأعظم سبحانه، فمنه تنبثق كل المحاب وتصدر عنه، فهو صوفى كبير عاش بالحب وللحب، كره الأحقاد وأبغض الكراهية، إنه فيلسوف الحب وأفضل من عبر عنه وهذه بعض عباراته:
أهلت عصور الحب فودع الكراهية.
منذ عهد بعيد ومنذ ساق أحد ابنى آدم أخاه إلى المجزر لأن الله رفض قربانه وتقبل قربان أخيه، والإنسان يصطلى بالكراهية ويبحث عن الحب ليبث فى نفسه السكينة وفى حياته الأمن، فحتى القاتل قابيل أحس بالوحشة الضارية التى خلفها غياب أخيه.
الحب هو قوام طبيعة الإنسان وجوهره، فقد خلق ليحب ويُحب، ويألف ويؤلف.
لا تكن باخعا نفسك على عثراتها، ناقشها فى أخطائها كن لا تمتهنها، ألوِ زمامها عن السوء لكن لا تضطهدها.
أكثر الذين يضمرون للناس العداوة والحقد إنما يصدرون عن خراب داخلى فى أنفسهم التى كرهوها واضطهدوها.
حبك لنفسك لا يعنى الانطواء عليها وتدليلها أو تركها ترعى مع الهمل، ولكن الحب الرشيد لها يدعو صاحبها إلى إيثار الواجبات الثقيلة والتحليق عاليا فى آفاق الرفعة.
إذا كان الحب فطرة فالتعبير عنه فن عظيم.
حين تدفع السيئة بالحسنة، والتهجم بالتهلل، والأذى بالصفح فلن يكون لك على ظهر الأرض خصوم.
الحقد حماقة كبرى لأن الحاقد يضاعف متاعبه وشقاءه.
الحقد عزاء يقدمه الفاشلون لنفوسهم العاجزة.
الحقود ليس سوى أنقاض حى وبقايا جثمان.
التفاؤل والحب يسقيان بماء واحد، كلاهما فرح وتهلل وثقة وطمأنينة.
أحبب البشرية الخيرة كلها، وقل: هذه أسرتى.
أبسط ذراعيك وعانق البشر جميعا ولا تلوِ زمام قلبك إلا عن قوى الشر التى تعوق تقدم الإنسان أو تهدد أمن الحياة أو تنكس ميزان العدالة.
لن تحب وطنك إلا إذا أحببت العالم، فإذا كانت هذه الأرض وطنك فالعالم هو وطن هذا الوطن فإذا كان الوطن «أباك» فالعالم «جدك» وإذا كنت ابن وطنك فأنت حفيد عالمك.
عش مع النبى «محمد» الذين اضطهده قومه وأخرجوه من وطنه فودعه فى أسى المحب وقال لمكة قبل الرحيل «والله إنك لأحب البلاد إلى نفسى» فيا لروعة الولاء، وكأنه يعتذر إليها عن رحيله عنها.
عش مع المسيح عليه السلام، وهؤلاء يقودونه إلى الموت، رغم أنه جاء ليحررهم من الأغلال فيستغفر لهم ويبتهل إلى ربه قائلا «اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ما يفعلون» أرأيتم جلال الحب، شهيد يستغفر لقاتليه.
لا تسمح لشىء ما أن يكدر صفو حبك وولائك لوطنك ولقومك.
البغضاء يجن جنونها كلما أبصرت رائدا جليلا يقود الناس لتحديها وكلما أحست باقتراب نهايتها.
تفوق على حوافز الغضب بفلسفة الصفح، وأطفئ صراخ الاستفزاز ببرد الثقة وحاول أن تعرف كثيرا لتغفر كثيرا.
إن الحب العظيم الذى كان يعمر قلب «محمد والمسيح» وقلب «بوذا وغاندى» موجود فيك ومعك، وإنك لتملك هذا الرصيد لكنك تجهل وسائل استثماره.
ما أكثر المناسبات التى جعلتها البغضاء مواسم «حصاد» لا تحصد الناس فحسب بل تحصد مودتهم وإخاءهم ومحبتهم.
المحبة هى القانون الحقيقى لوجود الإنسان بل للوجود كله.
الحرية والعدل توءمان، فلن تلتقى بظالم إلا ويحمل تحت ضلوعه روح العبيد وصغار الأذلاء، ولن تجد مؤمنا بالحرية ومقدسا لها ثم يرتكب ظلما أو بغيا.
عش مع الفضيل بن عياض الصوفى الكبير فعندما كان يعتدى عليه أحد بالسباب يرفع كفيه مبتهلا: «اللهم إن كان كاذبا فيما رمانى به فاغفر له، وإن كان صادقا فاغفر لى».. سلوك رائع من قديس.
ضع عينيك على اللمعة البيضاء فى كل فرد تلقاه، ولا تتبع عورات الناس ولا تركز على ضعفهم، فإن بك ضعفا وعيبا مهما كانت قوتك لا تحب أن يركز الآخرون عليه، فوطد عزمك على التسامح والفهم للآخرين تظفر بقلوبهم وتعاونهم.
لا تقل ماذا يجنى العالم من حبى وأنا فرد وحيد، فلست وحيدا، فهناك فى كل مكان من كوكبنا تنمو الأعداد الهائلة من رفاقك المحبين، ومنك ومنهم تتكون إرادة الخير المشتركة التى ستتحول إلى قدر إنسانى يريد فيكون له ما يريد.
دع وجدانك يمتلئ بالصداقة لكل شىء طيب، لا بين الناس وحدهم، بل فى كون الله الرحيب لكل شىء فيه حتى الجمادات والحيوانات والطير والنبات.
سلام على خالد محمد خالد فى الصالحين، وسلام على ناشرى الحب والعفو والصفح.