ضرورة تشجيع النقد المعماري - نبيل الهادي - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 2:10 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضرورة تشجيع النقد المعماري

نشر فى : الإثنين 10 يونيو 2019 - 9:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 11:52 ص

عن الأسئلة التي لو سألناها ربما يقوم البعض من مجلسنا..

كان هذا هو العنوان الفرعى لإحدى فقرات الحلقة النقاشية التى عقدناها فى الجامعة وفى ظل غياب الكثير من الذين دعوناهم للنقاش حول نقد العمارة فى مصر. بدأت حلقتنا النقاشية التى تسأل سؤالا واحدا من ثلاثة أجزاء وهو «كيف يمكن أن تدرس وتمارس النقد المعمارى والعمرانى فى مجتمع يكاد ألا يعترف بوجود النقد؟ وكيف يمكن أن تمارس النقد فى مجتمع تكاد أن تغيب فيه المعلومات وإن وجدت فهناك الكثير مما يدعو للشك فيها؟ وكيف يمكن أن تنتقد عمارة لمجتمع تكاد أن تختفى فيه العمارة «الجيدة»؟ وهذه الأسئلة لم تكن وليدة ذلك الحدث ولكنها معنا منذ عدة سنوات تزيد عن عقد كامل قضيناه فى محاولات لدراسة وتدريس وفهم معنى النقد فى العمارة. وهذه الأسئلة فيما نعتقد ليست عبثية أو لا طائل منها إذ بدون الإجابة عليها قد لا يكون لدينا فرصة إيجاد نقد حقيقى.

هى أسئلة تلمس بنية النقد المعمارى أو عمارته وهى تحاول أن تطلق نقاشا عاما فى مصر من خلال طرح موضوعات محددة لتلك التساؤلات النقدية وخاصة فى المدن الجديدة فى مصر، حيث يظن الكثيرون أن الفرص والإمكانات قد تكون متاحة للمعماريين وشركائهم فى المجتمع لاختبار أفكارهم عن عمران المجتمع المصرى.

أنا شخصيا أعتبر نفسى ضيفا على تدريس النقد المعمارى وإن كنت مهتما للغاية وكنت فى بداية اشتراكى فى التدريس أتساءل عما كان سيئول إليه حالنا لو تعرضت أعمال حسن فتحى وسيد كريم وعبدالحليم ابراهيم وراسم بدران وعلى رأفت وغيرهم لنقد حقيقى ومستمر، ولم يكن عندى شك فى الإجابة: بالتأكيد كانوا وكنا سنصل إلى مكان أفضل جدا مما نحن فيه الآن.

هناك أسئلة عدم طرحها ليس فقط خسارة لفرصة مهمة للتطور المعمارى ولكن الأهم خسارة فرصة أو فرص للمجتمع لمناقشة قضاياه المهمة بجدية (مثلا قضية المصلحة العامة) وبالتالى خسارة فرص للتطور ولكى يصبح المجتمع أكثر إنسانية وجمالا (والجمال هنا بمفهوم أبويعرب المرزوقى الذى يعتبره احتجاجا على الظلم وعدم الاكتمال).

هل ستثير الأسئلة التالية تفكير وتأمل البعض أم هل هى ستغضب البعض الآخر ويعتبروها مساسا شخصيا كما هى العادة فى الكثير من النقاشات فى مصر؟ لا أدرى وربما من وجهة نظرى لا يجب أن نهتم كثيرا بهذا بل نركز على تناول تلك الأسئلة بقدر كبير من الموضوعية.

متى يأتى اليوم الذى نرى أن من حقنا أن نتساءل عن القيمة الحقيقة لأعمال حسن فتحى وهل كان معماريا رائدا وهل عدم تطور أعماله أو مدرسته دليل على مشكلة جوهرية فى تعاليم المدرسة ذاتها؟! وذلك بدون أن نؤيد ونقدس أو نهاجم أو ندين.

وما مغزى غياب المعماريين المصريين عن المنافسات العالمية حتى التى يجرى منها على أرض مصر؟! وغياب ظهور منافس معمارى مصرى فى المسابقة الدولية لتصميم مكتبة الإسكندرية ليس ببعيد عنا والأقرب غياب المعماريين المصريين عن نيل أى جوائز رسمية كانت أو شرفية فى المسابقة الدولية لتصميم المتحف الكبير (كان هناك معمارى مصرى واحد فى القائمة النهائية من عشرين معماريا). وطبعا غياب (أو ما يكاد أن يكون غيابا) للمعماريين والعمرانيين المصريين عن المشروعات الكبرى فى مصر.

لن نسأل عن الجانب الأخلاقى والمهنى والتعليمى للممارسات المعمارية لأنها تثير علامات استفهام كبرى وسنترك تلك الجوانب مؤقتا ونركز على المغزى المعمارى لبناء المحكمة الدستورية التى تمثل روح القانون وتجسد معنى العدل بالصورة التى هى عليها وعلى أرض زراعية تمنع الحكومة المواطنين من البناء عليها وسنركز على معنى الاحتفال برؤساء الجمهورية فى متحف لا يوفر البيئة التى توجد فرصة أو فرصا للشعب لتتأمل ما قام به حكامه كما سنتساءل عن دلالة تصميم مبنى للتعليم الجامعى يأخذ اسم المستقبل فى مدينة جديدة على صورة للكوليسيوم الرومانى الذى تحارب فيه المصارعون للترفيه عن الحكام والشعب. سنتساءل عن لماذا كان الجزء الوحيد الباقى من قرية القرنة لحسن فتحى هو المسجد الذى به بعض المشاكل البنائية بينما لم يبقَ إلا القليل مما بناه للسكان المحليين وماذا يعنى ألا يبقى المجتمع على عمارة يعتبرها المعماريون والمثقفون ذات قيمة عالية. أدرى أن كل موضوع للتساؤل ليس بسيطا وبه من التركيب فى سياقه ما يجعل تناول السؤال ومن ثم محاولة الإجابة عليه موضوعا مركبا.

عندى العديد من الأسئلة منها ما يتناول الإنجاز الأكاديمى ومنها ما يتناول العمارة والعمران وعلاقتهم بقضايا المجتمع والتحديات التى تواجهه مثل قضية المياه أو الطعام أو التنقل أو الطاقة أو نوعية الهواء وسأحاول فى كتابات قادمة تناول كل سؤال منها بشىء من التفصيل وأتمنى ألا يقوم الكثير من مجلسنا هذا.

التعليقات