نطاق أسعار النفط ومطالب ترامب - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 12 فبراير 2025 11:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

نطاق أسعار النفط ومطالب ترامب

نشر فى : الأربعاء 12 فبراير 2025 - 8:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 12 فبراير 2025 - 8:15 م

تتحرك أسعار النفط فى نطاق ضيق؛ حيث أغلق خام «برنت» فى نهاية الأسبوع الماضى، عند معدلاته السعرية السابقة، عند منتصف السبعين دولارًا. أما فيما يتعلق بالجدل الواسع عالميًا حول حرب زيادة التعريفات الأمريكية، فتدل المؤشرات على أن المطلب الأمريكى المتعجرف، الذى طرحه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى الوقت نفسه، باحتلال كندا، ووضع اليد على جزيرة جرينلاند، هذا ناهيك عن تقديم قطاع غزة وسكانها الفلسطينيين على طبق من ذهب إلى ضيفه نتنياهو فى البيت الأبيض وتهديد غزة، يتطلب مفاوضات طويلة المدى.
وهو الأمر الذى يشير إلى فترة طويلة من المحادثات قبل الوصول إلى نهايتها، ومن ثم عدم قلق الأسواق لقرارات سريعة فى المستقبل المنظور، بل مجموعة من النزاعات بين الولايات المتحدة وغالبية دول العالم، إذ إن التهديد بالتعريفات المتعجرفة يشمل السوق الأوروبية المشتركة والصين واليابان، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة حاليًا على إيران وروسيا.

 


وقد بدأت تلوح فى الأفق معارضات عدة على بعض «القرارات الرئاسية»، إذ كما هو متوقع اعترض رئيس الوزراء الكندى ترودو بكلام واضح على «قرار» ضم كندا، واستعرض كذلك المجالات الاقتصادية المتاحة لكندا فى الرد بالمثل فى حال فرض الزيادة التعريفية الجمركية الأمريكية، ناهيك عن رفض واستياء الرأى العام الكندى للتهديدات الأمريكية. وتبنت الرئيسة المكسيكية المبادئ العامة التى تبنتها كندا: رفض التدخل فى الشئون المكسيكية، واقتراح وسائل عملية لمعالجة الشكاوى الأمريكية، منها وضع عشرة آلاف جندى مكسيكى على الحدود الشمالية لمنع الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة.
ومن جهة أخرى، انتقد كل من رئيسة البرلمان الأوروبى أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبى أنطونيو كوستا قرار ترامب بفرض «عقوبات اقتصادية عدائية» ضد المحكمة الجنائية الدولية. وذكر البيان المشترك للزعيمين الأوروبيين أن قرار ترامب «يضعف العدالة على المستوى العالمى».
كما واجه إعلان ترامب استعمال الجيش الأمريكى لتحويل غزة إلى «ريفييرا»، وتهجير شعبها الفلسطينى إلى دول أخرى، ومن ثم ضم غزة إلى إسرائيل، انتقادات من عدد كبير من زعماء الدول الحليفة للولايات المتحدة عالميًا وعربيًا.
ورغم الجدل الواسع حول زيادة التعريفة الجمركية الأمريكية على البضائع المصدرة من كندا، والمكسيك، والصين، التى تشمل فى حال الدولتين الأمريكيتين الشماليتين، صادرات بترولية إلى الولايات المتحدة، ورغم مطلب ترمب من منظمة «أوبك» ومجموعة «أوبك بلس» زيادة الإنتاج لتخفيض الأسعار، فقد قررت «أوبك بلس» الأسبوع الماضى، المحافظة على معدل الإنتاج الحالى المتفق عليه فى 5 ديسمبر 2024 حتى نهاية عام 2026.
تشمل المحادثات الجمركية الأمريكية مع كندا، بحسب متحدث للبيت الأبيض، فرض زيادة تعريفية 10 فى المائة على الصادرات البترولية حتى أواخر شهر فبراير الحالى، ثم ترتفع إلى 25 فى المائة. أما الزيادة التعريفية على المنتجات البترولية المكسيكية فهى 25 فى المائة، ابتداءً منذ أول شهر فبراير الحالى. ومن الجدير بالذكر، تُشكل الصادرات البترولية الكندية والمكسيكية أعلى نسبة من الواردات البترولية إلى الولايات المتحدة، وتُشكل إمدادات البلدين نحو 25 فى المائة من النفط الخام الذى يتم تكريره فى المصافى الأمريكية.
ولقد جوبهت الطلبات الأمريكية فى المفاوضات الأولية بأجوبة مضادة وحلول بديلة من قبل كل من كندا والمكسيك، رغم المعرفة مسبقًا بأن ترامب ممكن أن يضغط اقتصاديًا على الدول التى لا تلبى طلباته، وعسكريًا كذلك. إن الانطباع السائد فى الأسواق يدل على أن المفاوضات قد تستمر لفترة طويلة، ومن ثم من المتوقع استقرار الأسواق والأسعار خلال هذه الفترة، إلا فى حال نشوب نزاعات جيوسياسية مربكة.
وهذا أمر متوقع فى ظل نتائج معركة غزة، خصوصًا بعد تصريحات الرئيس ترامب الأخيرة فى البيت الأبيض بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، حيث أعلن ترامب عن ضرورة تهجير الشعب الفلسطينى من غزة، وإرسال الجنود الأمريكيين للمساهمة فى إعادة تعمير غزة، لتحويلها إلى منطقة سياحية. وقد استنكر معظم زعماء العالم هذه التصريحات المستفزة التى تزيد من نكبة أهالى غزة، رغم إصرارهم على البقاء على أرضهم. من ثم، فإن نظرة واشنطن هذه نحو القضية الفلسطينية، ورغم «مسيرة العودة» المليونية مؤخرًا إلى شمال غزة، ستعنى مزيدًا من النزاعات، ومنها الخلاف حول «حل الدولتين». فكيف سيستطيع ترامب أو نتنياهو تهجير مليونى مواطن فلسطينى من أراضيهم بعد النكبة الثانية والمظاهرة المليونية لـ«مسيرة العودة» دون نزاعات دامية أخرى؟
لا يحتمل أن تشكل الخلافات البترولية ما بين الولايات المتحدة وجيرانها أزمة شح نفطية فى الولايات المتحدة، نظرًا لأن الولايات المتحدة دولة نفطية كبرى حاليًا، وتصدر النفط والغاز. وقد هدّد رئيس الوزراء الكندى ترودو بقطع صادرات الطاقة إلى الولايات المتحدة فى حال إصرار واشنطن على موقفها من زيادة التعريفة الجمركية.
هناك طاقات إنتاجية إضافية وافية للدول الأعضاء فى مجموعة «أوبك بلس»، بالإضافة إلى بعض الدول التى تقاطع واشنطن نفطها حاليًا، مثلاً نحو ربع مليون برميل يوميًا من فنزويلا. إلا أنه، ومن جانب آخر، سيؤدى توتر المفاوضات الجمركية، وهذا أمر متوقع لا مهرب منه، وانقطاع بعض الإمدادات للولايات المتحدة، إلى إرباك الأسواق، وزيادة الأسعار، نظرًا لتأثير المضاربات خلال الفترات غير المستقرة.
من جانبها، بادرت الصين بفرض رسوم جمركية انتقامية على الصادرات البترولية الأمريكية. وقد انخفض بالفعل معدل هذه الصادرات للمرة الأولى منذ الجائحة. ومن الجدير بالذكر، أن الصادرات النفطية الأمريكية للصين قد ارتفعت أكثر من 10 مرات منذ عام 2015، وبلغت الصادرات النفطية الأميركية إلى الصين فى عام 2024 نحو 166 ألف برميل يوميا.

وليد خدورى

خبير اقتصادى من العراق
الشرق الأوسط اللندنية

التعليقات