تنطلق فى العالم الإسلامى اليوم دعوات كثيرة.. بعضها صواب والآخر خطأ.. بعضها يفيد الإسلام والآخر يضره.. بعضها يوحد الأوطان وبعضها يمزقها.. بعضها يفيد أصحابها والآخر يضرهم.. وقد أحصيت عددا من أهم هذه الدعوات فوجدتها خمس.. هى كالتالى:
أولا: دعوة الحرج والعنت والصدام:
وهذه الدعوة قد تصدر من أناس صالحين يريدون خدمة الإسلام ولكنهم يضرونه.. وهذه الدعوة عادة ما يكون معها وفيها أو خلالها صدام مع الدولة ومع المجتمع أو معهما.. وعادة ما يتدرج الصدام من فكرى وسياسى ونفسى بارد إلى ساخن ومسلح.. ويؤدى الصدام فى النهاية إلى حشر الآلاف من الشباب المتدين إلى السجون والمعتقلات ووقوع قتلى وجرحى من الطرفين وبداية معركة تكسير عظام بينهما تنتهى بانتصار الدولة وهزيمة الدعوة.. ومعها تضيع الدعوة وتتأخر الدولة والمجتمع.. ويحرض الصدام الدولة على التعذيب وإضعاف مسيرة الحريات العامة.
ثانيا: دعوة التكفير والتفجير:
وهى أسوأ الدعوات جميعا وعادة ما تنتهجها داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس وبوكو حرام وأخواتها.. وكذلك الجماعات الشيعية المتطرفة فى العراق مثل الحشد الشعبى وعصائب أهل الحق وميليشيا المهدى وميليشيا بدر التى تقتل وتذبح بالاسم والمذهب.. وتتشابه مع داعش فى معظم أساليبها حتى فى تفجير المساجد.. ورغم أن هذه الدعوة ترتفع أسهمها بين الحين والآخر إلا أنها سرعان ما ينطفئ بريقها وتخمد نيرانها.. لأنها نبتت من فكر خاطئ.. وجمعت بين سوأتى الفكر والعمل وهما التكفير والتفجير.
وهذه الدعوة أضرت بالإسلام وسمعته أكبر الضرر.. وصرفت الناس عن الدين ونفرتهم عنه.
ثالثا: دعوة الجحود والتحلل من الشريعة:
وهى دعوات انتشرت فى السنوات الأخيرة بعضها يدعو إلى خلع الحجاب و«كل ما تحت الحجاب».. أو شرب وتقنين الحشيش.. أو إباحة الزنا والشذوذ والتبرج والاختلاط الذى تحرمه الشريعة.. وبعضها يدعو إلى الأخذ بالقرآن وحده وترك كل سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم).. «يعنى ببساطة إلغاء الرسول».. وبعضها يدعو إلى جحود الرب والإسلام كله أو يدعو إلى الإلحاد مباشرة.
وكل هذه الدعوات استغلت ما ناء به المجتمع من صراع سياسى مدمر بين الإسلاميين وغيرهم.. وأرادت انتهاز الفرصة للإجهاز على الإسلام نفسه.. وأحيانا التشكيك فى علمائه الأفذاذ عبر كل العصور وسب وشتم الصحابة الكبار والتابعين وطعنهم وتجريحهم بغير حق.. وهم يفعلون ذلك مع الإسلام وحده دون سواه.. ولا يجرؤ هؤلاء أن ينطقوا ببنت شفة عن الأديان الأخرى.
وهذه الدعوة تريد التحلل من الشريعة وذوبان الهوية وغياب الثوابت.. وأحيانا تلبس ثوب التجديد دون أن تدرى أنها تبدد ولا تجدد.. وتمحو الأصل ولا تخدم العصر.
رابعا: دعوة الجمود:
وهى تلك الدعوات التى تفصل النصوص عن سياقاتها وحكمتها ومقاصدها العليا.. ولا تتأمل أنواعا رائعة من الفقه مثل فقه الأولويات.. وفقه المقاصد.. وفقه المصالح والمفاسد.. وفقه الضرورات وفقه النوازل وفقه المآلات والنتائج.. وهذه الدعوات كأنها تهتم بنقل تقاليد عبس وذبيان إلى أوروبا وأمريكا أو العالم قبل أن تهتم بنقل أصول الإسلام وثوابته.. وتهتم بالشكل دون المضمون.. والسنة قبل الفريضة.. وبتنفير الناس قبل هدايتهم.. وبعض هذه الدعوات يدعو إلى ترك الحياة أو حصر الإسلام فى الانكفاء على النفس دون التفاعل الإيجابى مع المجتمع.
خامسا: دعوة التشيع:
وهذه الدعوة تكاد تملأ العالم الإسلامى وتدعمها دول إقليمية تنفق عليها بالمليارات لأهداف سياسية.. فهى لا يهمها التشيع فى حد ذاته بل تتخذه كوسيلة لأغراضها السياسية.
ومشكلة التشيع الكبرى هى اختصار الإسلام ورجالاته فى سيدنا على والحسين وفاطمة وهم من أعظم الصحابة حقا ونحن نحبهم ونترضى عليهم ونتقرب إلى الله بحبهم.. ولكن الإسلام أكبر منهم وأعظم.. فالإسلام فيه آلاف الصحابة وعشرات الآلاف من التابعين وكل منهم كالوردة التى لها رحيق خاص.
أما المصيبة الأخرى فهى شتم كبار الصحابة مثل أبى بكر وعمر وعثمان وغيرهم.
أما الثالثة فهى عصمة الإمام وليس هناك أحد معصوم سوى الرسول، صلى الله عليه وسلم.. والرابعة هى انتظار الإمام الغائب.. وهذا لا أصل له فى الشريعة.. كما أن الحياة لا تتوقف انتظارا لأحد.
والمشروع الإيرانى الكبير هو من أسباب تحويل الصراع العربى الإسرائيلى إلى صراع شيعى سنى.. وتمزيق الأمة العربية أكثر ما هى ممزقة.. وقد ساعده إهمال العرب وظلمهم للشيعة العرب حتى ارتموا فى الحضن الإيرانى ورضوا بالدخول فى الصراع السنى الشيعى دون مبرر.
والإسلام الصحيح يترضى على كل الصحابة ويذكر أفضالهم وحسناتهم ويستغفر لهم فى هناتهم وأخطائهم.. ولا يورث الأحقاد والصراعات التى مضى عليها أكثر من 1400 عام بين سيدنا على ومعاوية إلى أجيال لا شأن لها بهذا الصراع ولم تشهده أو تشارك فيه.
إن هذه الدعوات الخمس أعتبرها هى السبب الرئيسى فى تمزيق هذه الأمة.. وكلها يجافى دعوة الإسلام الوسطية العادلة.. وأرى أن هذه الدعوات ينبغى على أصحابها مراجعتها.