نشر موقع 180 مقالا للكاتب أنور سلامة، تناول فيه دور شركات التكنولوجيا الأمريكية فى دعم حرب إسرائيل ضد غزة... نعرض من المقال ما يلى:لكن على الرغم من أن منصة زوكربرج كانت تبدو وكأنها تقود حرب الإعلام الرقمى ضد فلسطين بسبب حضورها الإعلامى الرقمى الواسع، إلا أن «محور الشر» التكنولوجى الحقيقى الأكبر، كان يشن الحرب ضد غزة من مكان آخر كليا وبأساليب مختلفة ومعقدة. هذا المحور مكون من مجموعة شركات التكنولوجيا الأمريكية المتورطة فى مشاريع أجهزة الأمن والجيش الإسرائيلى منذ زمن، سواء فى الضفة الغربية لمراقبة وملاحقة أفراد المقاومة وعائلاتهم، أو فى القدس للتضييق على السكان الفلسطينيين ودفعهم لترك منازلهم، أو فى غزة للتجسس على حركة «حماس» وباقى الفصائل الفلسطينية المقاومة.
• • •
شركة «إنتل» الأمريكية على سبيل المثال لا الحصر، هى واحدة من كبرى الشركات الداعمة لإسرائيل فى حربها على غزة. لقد وقعت هذه الشركة المتخصصة فى صناعة أشباه الموصلات والمعالجات الرقمية فى يونيو الماضى، اتفاقية مع حكومة الاحتلال بقيمة 25 مليار دولار، تحضيرا لتطوير مصنعها المتخصص فى أشباه الموصلات. ويقع المصنع فى مدينة كريات غات المبنية على أنقاض قرية عراق المنشية الفلسطينية قرب غزة. أشباه الموصلات التى تصنعها هذه الشركة تشكل إحدى أهم مصادر المكونات المستخدمة فى بعض الأسلحة التى تعتمدها إسرائيل منذ زمن بعيد.
ويمكن القول إنه من دون شرائح «إنتل» لا يمكن الحصول على صواريخ وقنابل ذكية، ويرجح خبراء استخدام شرائح «إنتل» فى دبابات «الميركافا» (ميركافا ــ 4 باراك) التى تصنعها إسرائيل، وبالتالى توفر لها مجموعة من الميزات القتالية. ويستخدم هذا النوع من الشرائح فى دبابات «الميركافا» ضمن نظام إلكترونى مكرس للحماية من الصواريخ خصوصا منها الموجه، والصواريخ التقليدية المضادة للدبابات. كذلك يستخدم هذا النوع من الشرائح لتوفير نظام حماية يعمل على رصد التهديدات وإطلاق الإنذارات، بالإضافة إلى نظام حماية من الصواريخ التى تطلق من الجو.
كذلك يمكن تصنيف «ألفابت» المالكة لشركة «جوجل»، كواحدة من صقور «محور الشر التكنولوجى» الأمريكى الداعم لدولة الاحتلال. لقد نفذت هذه الشركة عام 2021 بالشراكة مع شركة «أمازون» مشروعا بالغ الخطورة لمصلحة إسرائيل، جيشا وحكومة. يتمثل المشروع فى منظومة ذكاء اصطناعى ونظام رقمى لإدارة أبراج المراقبة المخصصة لمراقبة وقمع وقتل الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية، ويرجح البعض استخدامه أيضا على طول الحدود مع لبنان لكن بالشراكة مع شركة «سيسكو». المشروع الذى بلغت قيمته 1.2 مليار دولار، ونفذته الشركتان يدعى «نيمبوس»، وهو يقدم لحكومة العدو وجيشها نظاما للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى وتقنيات التعلم الآلى.
وبحسب مبادرة «لا تكنولوجيا لنظام الفصل العنصرى» (NoTechforApartheid) يمكن استخدام «نيمبوس» لمراقبة واستهداف الفلسطينيين، وتسهيل عملية توسيع المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية اعتمادا على بيانات ما يعرف باسم «إدارة الأراضى الإسرائيلية» (ILA). وفى سبتمبر من العام 2022 نظم نشطاء أمريكيون احتجاجات فى ثلاث مدن أمريكية ضد «ألفابت» و«أمازون» للضغط عليهما بهدف إلغاء مشروع «نيمبوس»، الذى وصفوه بأنه عبارة عن أداة مخصصة لتعميق سياسات الفصل العنصرى ضد الشعب الفلسطينى.
• • •
لكن قصة «نيمبوس» لا تنتهى هنا، إذ يتهم نشطاء شركتى «ألفابت» و«أمازون» بتنفيذ فصل غير معلن فى الاتفاقية الموقعة مع حكومة الاحتلال، يتعلق بتطوير نظام ذكاء اصطناعى للمساعدة على تحديد أهداف برية للطائرات والسفن. وسرت شائعات أن نظام الذكاء الاصطناعى «حبسورا» (Gospel) الذى أعلن عنه الجيش الإسرائيلى أوائل الشهر الحالى، ليس سوى جزء من نظام «نيمبوس» أو على الأقل يستفيد منه بشكل كبير. سبب هذا الاتهام الذى وجهه النشطاء هو أن مشروع «نيمبوس» يتضمن مركزا للبيانات وأدوات لتحليل البيانات الكبيرة.
ومن المعروف أن الذكاء الاصطناعى فى عالم الجيوش يحتاج كما هو الحال فى عالم الشركات التجارية، إلى مركز بيانات فى الدرجة الأولى، وإلى خدمات الحوسبة السحابية بالدرجة الثانية. وعندما تتوفر هذه الخدمات، يمكن إضافة طبقة إلى هذا النظام المعقد تتضمن تطبيقات أو أنظمة الذكاء الاصطناعى التى تستطيع تحليل آلاف المعطيات بسرعة وإصدار توصيات حول الأهداف أو ما يعرف بـ«توليد الأهداف». والأهداف فى هذه الحال، قد تكون عناصر ومراكز المقاومة الفلسطينية أو حتى تحركات المقاومة على الحدود مع لبنان. ويستخدم هذا النوع من الذكاء العسكرى، البيانات والتحليل الذكى لتحسين عمليات التخطيط العسكرية، وتحسين نظم الأمان والرصد، وتطوير تقنيات الاستشعار والتعرف على الصور، والتفاعل الذكى خلال الحروب الإلكترونية. كما تستفيد منه الروبوتات والطائرات من دون طيار.
• • •
لائحة «محور الشر التكنولوجى» الأمريكى لا تنتهى عند «أمازون» و«ألفابت» و«إنتل»، بل تبدأ عندهم وتشمل شركات مثل «سيسكو»، «اتش بى»، «ديل»، «أوراكل»، «مايكروسوفت»، «إس إيه بى» وغيرها الكثير. والقاسم المشترك بين كل هذه الشركات خلال حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على غزة هو دعمها التكنولوجى غير المشروط لدولة الاحتلال والمستوطنين.
النص الأصلى: