تحية لمصطفى أمين.. فى عيد الأم - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:10 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحية لمصطفى أمين.. فى عيد الأم

نشر فى : الجمعة 17 مارس 2023 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 17 مارس 2023 - 8:50 م
لو لم تكن للمرحوم مصطفى أمين حسنة سوى أنه سن سنة الاحتفال بعيد الأم لكفاه ذلك، فمن يتأمل حجم البر والإحسان والرحمة بالأمهات فى هذ اليوم يدرك حجم الحسنات التى تنهال على الرجل فى قبره، ومن يرى حجم المشاعر الفياضة التى يبذلها الأولاد بمختلف أعمارهم تجاه أمهاتهم فيه يدرك المعنى الرائع لأحد علماء الإسلام «طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه» وقد طورت هذا القول بخبرتى الحياتية الصعبة بالآتى: «طوبى لمن إذا مات انهالت عليه الحسنات من كل حدب وصوب».
جاء الغلام إلى جاره يبكى فسأله: ما يبكيك؟ قال: خالتى التى تربينا بعد وفاة والدى معا فى حادث سيارة ومعها أربعة أولاد من زوجها، وجميعنا يريد تقديم هدية فى عيد الأم عرفانا بفضلها، ولكننا لا نجد جنيها واحدا نشترى به شيئا لها، فالأسرة كلها فى حالة عسر وضيق وكرب وفقر.
• طيب الجار خاطره وأعطاه هدية رائعة يعطيها لخالته، إذ إنه حقق أمنيته الغالية نحو خالته التى لا يناديها إلا بأمى ولا يعرف سواها فقد نسى شكل والدته لأنها ماتت وهو صغير.
• كان الغلام يتردد على جاره الطاعن فى السن، كان يطلب منه بحياء العذارى وبصوت خفيض جنيها أو اثنين من أجل استكمال وجبة العشاء، فلما توثقت الصلة بينهما كان يطلب أحيانا خمسة جنيهات، ولكن فى انكسار وخجل قد لا يفهمه الكبار، كان الطفل أكبر من سنه، فاقترح عليه جاره المسن رفعا للحرج أن يأتى مرتين أسبوعيا لأخذ كيس صغير من القمامة ويأخذ الجنيهات الخمس وما تيسر من الطعام وافق الفتى بحماس.
• أما هذه الخالة المكافحة فيرتسم على وجهها دائما البؤس والحزن والكرب، فإذا سئلت عن سر تجهمها قالت: أنا لا أنام إلا حينما يصحو البيت، فقد ماتت أختى وزوجها فى لحظة واحدة فى حادث سيارة، وتركت لى ثلاثة من الذكور والإناث، أما أولادى من صلبى فهم أربعة ذكورا وإناثا أيضا وكلهم فى سنوات متقاربة، فأصبحت مسئولة عنهم جميعا.
• عندما كانوا صغارا كانت نفقاتهم ومشاكلهم بسيطة، الآن دخلوا مرحلة المراهقة، لدينا غرفة واحدة مع صالة وحمام، أنام وسط الأولاد جميعا لأفصل بينهم كحائط برلين أو الجدار العازل، البنات فى ناحية والذكور فى ناحية أخرى، أظل ساهرة بينهم لأفصل بين البنزين والنار فى سنٍ يكتنفها جنون المراهقة، وما أدراك ما لحظة الجنون، أى تقصير أو تهاون منى يمكن أن يكلفنا جميعا كارثة لا نتحملها، لا أنام إلا حينما تدب الحياة فى البيت.
• تقبل الخالة أى عمل فى الصباح، من تريد تنظيف الشقة أو كنس سلم العمارة أو المساعدة فى الطبخ فى المناسبات، تشكو من ضعف معاش الأولاد اليتامى ومن قلة دخل زوجها، الدخل كله تفترسه الأسعار المرتفعة والمجنونة والدروس الخصوصية ورغبات الأولاد التى لا تنتهى وهى رغم ذلك فى حدودها الأدنى بالنسبة لغيرهم.
• بعض المدرسين يجاملونها، والبعض لا يلتفت لتوسلاتها، الأطباء فى المنطقة يعرفونها فلا يطالبونها بأجر الكشف ولكن المشكلة فى العلاج، الحياة تسير ولكنها تتعثر كثيرا.
• صدمت سيارة ابنتها الصغيرة، لولا أن مستشفى أبو الريش مجانا وجراحاتها دون تكلفة لجاعت الأسرة، فما زالت المستشفيات الحكومية رغم كل شىء تستر الفقراء بالاشتراك مع التأمين الصحى وخاصة فى الجراحات الكبرى.
• هى نموذج لأسر مصرية كثيرة تلعب فيها الأم الدور المحورى وأحيانا البطولة والكومبارس وكل الأدوار، فلا أحد يريد أن يصنع شيئا أو يساهم بشىء، ألم أقل لكم إن الرجولة أصبحت فى أزمة ومحنة.
• معظم هدايا الفقراء هذا العام لأمهاتهم أكواب الشاى أو الوردة البلاستيك، جميع الأمهات سعدن رغم ذلك، فهنيئا للجميع، وهنيئا لمصطفى أمين ملايين الحسنات.
التعليقات