تأملات فى المحبة - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 2:02 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تأملات فى المحبة

نشر فى : الجمعة 18 فبراير 2022 - 9:10 م | آخر تحديث : الجمعة 18 فبراير 2022 - 9:10 م
اترك المعصية مهما استصغرتها فلا تدرى أى ذنب يدخلك النار أو يسخط الله عليك.
قليل من الماء ينقذك، وكثير من الماء قد يغرقك، فتعلم دائما أن تكتفى بما تملك، ولا تمدن يدك إلى الحرام الذى سيغرقك فى المعاصى فى الدنيا ويدخلك النار فى الآخرة.
سئل حكيم لماذا نرى السماء صافية؟ فابتسم قائلا: لأن البشر لا يعيشون فيها.
لو أننا نعلم ما يقال عنا فى غيابنا لما ابتسمنا فى وجوه الناس، ولعل هذه من حكم حجب الغيب عنا ونعمة ستر الله على عباده.
الغباء نقص والتغابى كمال، والغفلة ضياع والتغافل حكمة، ألم تسمع قوله تعالى عن تغافله، صلى الله عليه وسلم، عن أخطاء زوجاته «عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ»، وتغافل سيدنا يوسف «عليه السلام» عن جرائم أشقائه «فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِى نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ».
إذا وجدت ضيقا فى نفسك لا تعرف له سببا، فلعله نعمة ما شكرت تستوجب الشكر، أو ذلة قد فعلت تستوجب الاستغفار.
خلق الله للإنسان رئتين، أما القرآن العظيم فهو رئته الثالثة التى يتنفس بها ويستريح بها من دخان الحياة المشحون بالكذب والنفاق والأثرة والأحقاد، فالقرآن ينفع ويشفع ويرفع فلا تهجره.
عندما تسقط شجرة واحدة يسمع الجميع صوت سقوطها، وحينما تنمو غابة كاملة لا يسمع لها أى ضجيج، فالناس لا يلتفتون لتميزك بل لسقوطك، ولا يلتفتون للعمران بل للهدم.
من علامات محبة الله لعبده أن يمنحه نعمة الرضا فيرضى عن ربه، عن رسوله، عن ماله، وشقته وزوجته وأولاده وعن وظيفته وأسرته وجيرانه وأقاربه ووالديه وعن كل شىء منحه الله إياه أو سخره له، ومن منحه الله الرضا لا يسخط، فمن رضى فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، كما ورد فى الحديث الشريف، ومن نال الرضا نال السعادة الدائمة، ولو شققت عن قلب المؤمن الراضى لوجدت فيه سكينة وسعادة لو وزعت على أهل الأرض لكفتهم ووسعتهم.
افعل الخير مهما استصغرته، فلا تدرى أى حسنة تدخلك الجنة، واترك المعصية مهما استصغرتها فلا تدرى أى ذنب يدخلك النار أو يسخط الله عليك.
نبحث فى جيوبنا عن أقل فئات النقود كى نتصدق بها، ثم نسأل الله أن يرزقنا الفردوس الأعلى، فما أقل عطايانا وما أعظم مطلوبنا.
تقدم شاب صالح فقير لخطبة فتاة، فلم يوافقوا عليه ثم تقدم إليها شاب غنى فاسد فوافقوا عليه وقالوا: سيهديه الله؟! لماذا لم يقولوا عن الأول: سيرزقه الله، أليس الهادى هو الرزاق سبحانه.
فى صدر الإسلام سهلوا طرق الزواج فأصبح الحرام نادرا والحلال سهلا وكثيرا، وفى أيامنا هذه صعبوا الحلال وعرقلوا الزواج بطلب كل شىء من الزوج والزوجة فأصبح الحرام سهلا والحلال صعبا.
كان نجارا مستورا أصيب فى حادث سير فعجزت ذراعه اليمنى فتوقف عن العمل، زوج أولاده جميعا ما عدا الصغرى أصيبت ابنته وزوجته بالكورونا، مكثا فى غرفة واحدة فى المنزل تحت العزل، كان يصنع الطعام لهما ويقدمه على الباب وينصرف.
ماتت الاثنتان تباعا الأم ثم الابنة، تركوه وحيدا، قلت له: كيف تحيا وحيدا، أليس ذلك قاسيا عليك، قال: أنا أطبخ لنفسى وأغسل وأصنع كل شىء، وأخدم أمى كذلك التى جاوزت الثمانين، قلت: أنت جاوزت الستين وتخدمها وقد جاوزت الثمانين، قال: هى بركتنا والتى تجمع شملنا حتى اليوم رغم وهن صحتها، وقد حاولت أن تعيش معى فى شقتى فرفضت، قلت: وبناتك المتزوجات، قال: يأتين مع أحفادى كل أسبوع لزيارتى، وكيف تعيش من معاشك الضئيل جدا؟، قال: البركة فى أشقائى فلى سبعة من الأشقاء كلهم يتكاتف مع الآخر إذا ضاقت ظروفه وكلهم يساعدنى وخاصة شقيقى الضابط البحرى السابق الذى يشملنى بعنايته، قلت: هذا نادر فى عالم الإخوة، قال: نعم، والبركة فى أمى.
مشاعر إنسانية جميلة ومتدفقة عشتها سعيدا مع هذا المريض الذى ما أطل بوجهه النورانى الجميل فى غرفة الفحص الطبى إلا وأدركت أن وراءه قصة حب وعطاء وإنسانية رائعة.
ما أحلى العطاء والحب والوفاء وصلة الرحم، وما أعظم الأمهات فى كل الأعمار حتى لو كن على حافة القبر.
التعليقات